الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السعوديون ليسوا دواعش

محسن حبيب فجر
(Mohsen H. Fagr)

2014 / 1 / 28
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


في غمرة الفرح العراقي بفوز المنتخب الشبابي لكرة القدم على نظيره السعودي وحصوله على كأس آسيا، كثرت العبارات والبوستات التي تصف السعودية ب(داعش)، في دلالة على كراهية ورفض كبيرين يجتاحان الشارع العراقي عموما والشيعي منه خصوصا للمملكة. ولم يتوقف التعبير المذكور عند حدود المحتفلين في الشارع او الفيسبوك، بل تجاوزه الى الأوساط الإعلامية حيث كانت احدى الصحف العراقية قد نشرت خبر المباراة على انها بين العراق وداعش!

من المهم ان نتوقف عند ظاهرة الرفض هذه لنتساءل فيما اذا كان بركان الغيظ هذا متوجها الى الجهاز الحكومي للمملكة ام الى المجتمع السعودي بكامله؟

ان اكبر الاخطاء التي يقع فيها الكثيرون ناجمة من التعميم كراسب ذهني من مرحلة العقلية ما قبل المدنية والتي تجعلنا نتقمص المنطق الارسطي الذي لايرى الا الشيء او نقيضه. وما الغيض الشعبي الذي اظهره اللقاء الكروي سوى استغراق في تعميم ممعن في اللاواقعية والابتعاد عن الموضوعية حيث تم تصوير السعودية على انها وجود واحد متجانس، ولذلك فهي اما داعش او نقيضها!

لنتذكر هنا ان الكويتيين كانوا ينظرون لكل العراق على انه صدام دون تفريق بين صدام والشعب او بين البعثيين ومعارضيهم او مظلوميهم. فهل كنا نقبل ذلك منهم ام نتهمهم بعدم القدرة على التشخيص اوالنظر بموضوعية؟ ولنتذكر أيضا كم دعوناهم الى التمييز بين صدام والبعث من جهة والشعب العراقي من جهة أخرى، محتجين عليهم بان صدام لا يمثلنا؟
ان كل مجتمع يحتوي على مزيج من مستويات وتوجهات وقناعات ومزاجات وطبقات وثقافات مختلفة، والمجتمع السعودي ليس بدعا بين المجتمعات. لذلك فاننا مطالبون اليوم بما كنا نطالب به الكويتيين بالأمس.
فهل تعلمون يامن استخدمتم التعميم بحق المجتمع السعودي كم نسبة المتململين السعوديين من فكر التطرف والظلام؟ انها نسبة كبيرة. وهل تعلمون كم عدد الاصوات المثقفة الشجاعة السعودية التي تقف وتصرخ وتكتب معترضة على ثقافة التطرف والاداء المتطرف؟ انه عدد كبير.
وعند الانتقال من المجتمع الى الجهاز الحكومي اود ان اشير الى امر على غاية من الأهمية والمتمثل في ان الاختلاف والانقسام الى خطوط او اجنحة داخل الكابينة الحكومية بات اليوم سمة عامة من سمات حكومات الدول، ولا تكاد تخلو منه حكومة الا اللهم حكومات الدول الغارقة في الدكتاتورية. ولهذا، فالحكومة السعودية يوجد فيها المعتدلون كما يتواجد فيها المتطرفون.
ولن تتمكن الخطوط المعتدلة في أي حكومة من تعزيز تواجدها وفرض ارادتها والهيمنة على القرار الحكومي ما لم تحظ بدعم شعبي. وهنا تأتي مسؤوليتنا كعراقيين نعاني من علو صوت التطرف السعودي، مع أصوات متطرفة أخرى، وانعكاسه في بلدنا دما وموتا وتمزيقا ومنعا لانطلاقنا نحو ما نصبو اليه. علينا ان نوجد فينا صدى من الشكر والامتنان والتقدير للأصوات السعودية المخلصة التي ترتفع معلنة اعتراضها على منهج التطرف في عموم الحياة، لان ذلك من شأنه ان يشعرهم بجدوى جهودهم مما يدفعهم الى المضي في مشروع تنوير المجتمع السعودي وكسب مساحات منه الى جانبهم يوما بعد يوم لتخليصه من ظلام التطرف وظلمه. وكل صوت سعودي يرتفع داعيا الى الاعتدال هو رصيد يضاف الى خزين الطرف المعتدل في الحكومة السعودية يعزز من قوته ويزيد من تمكنه من مسك القرار وتوجيهه.
في حين ان اصرارنا على جعل السعوديين عامة في خانة واحدة، هي خانة المتطرفين الداعمين للارهاب، سيضعف موقف الأطراف السعودية المعتدلة، وهو ما ليس في صالحنا.
علينا اولا ان ننظر الى الرياضة والمنتخبات على انها تمثل شعوب وليس حكومات.
وثانيا، عندما تكون لدينا مشاكل مع حكومات الشعوب فعلينا ان نحذر من نقلها من الحكومات وتحويلها الى مشاكل مع تلك الشعوب لان الشعوب في غالبيتها اناس مسالمون.
وثالثا علينا دائما، كشعب، ان نعمل على التقرب من الشعوب وتجاوز الحكومات، متنبهين الى ان التشنجات والمشاكل هي الحالة العامة التي تحكم علاقة مجتمعات الدول بحكوماتها.
ورابعا علينا ان نفتح اعيننا على حقيقة اننا والسعوديين سواء، فقبل ان نطالبهم بتغيير سياسة حكومتهم لنسأل انفسنا اننا كشعب هل استطعنا ان نغير، او نؤثر (وهو اضعف الايمان) ، في سياسة حكومتنا؟ واذا كنا عاجزين امام حكومتنا فبأي حق ننكر عليهم عجزهم امام حكومتهم؟ أليس من الاجدى لنا ان نهتم بتقويم انفسنا ونطالبها، قبل ان نطالب السعوديين، بما نريده من منهم؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل بدأ ترامب بتهيئة جمهوره لإمكانية إدانته في محكمة نيويورك؟


.. الأردن وسوريا يبحثان أمن الحدود ومحاربة تهريب المخدرات




.. الخارجية الإيرانية: المفاوضات مع الجانب الأمريكي بهدف رفع ال


.. أوكرانيا.. بلينكن يصل إلى كييف في زيارة غير معلنة




.. صفوف من السيارات المتفحمة إثر أعمال عنف شهدتها -كاليدونيا ال