الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذكرى الثالثة 25 يناير.. إتحاد أم إنقسام!؟

ميلاد سليمان

2014 / 1 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


الذكرى الثالثة 25 يناير.. إتحاد أم إنقسام!؟


النزول للإحتفال

في الذكرى الثالثة لأحداث تظاهرات 25 يناير، جاء اليوم هذه المرّة مختلفًا عن سالفيّه في العاميّن الماضييّن بشكل واضح. في البداية كان الجميع يريدون النزول للإحتفال، سواء بما تحقق وتم إنجازه فيتم الثناء عليه. أو بما هو مأمول ومنتظر تحقيقه فيتم تأكيد المطالبة به.. والإحتفال في ذاته، ليس عيب أو جُرم، بل موقف إجتماعي من المفترض أن يضم كافة الطبقات والطوائف والفئات الشعبية الوطنية، كحق لكل مواطن مصري على العموم دون أي تمييز. ولكن الإختزال ومحاولة تحويل الحدث إلى ملكية خاصة بفئة دون أخرى، وإقصاء أي جماعة نزلت لتشارك بكلمتها، يَنحو بالثورة إلى مسار لم يُراد لها من البداية أن تنسير فيه. الثورة قام بها الشعب، هو شرعيتها ووقودها، بالتالي إستبعاد أي فصيل من فصائله، نزل ليعبر عن رأيه، يُعد إنتهاك لحقه في حرية التعبير عن موقفه، طالما ظلت ممارسته لهذا الحق في إطار الطرق السلمية التي لا تُحرض ولا تمارس أي عنف.

لقد إنتفض الشعب مرتيّن، حتى الآن، في المرة الأولى 25 يناير 2011، من أجل العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية كما جاء في الشعارات المرفوعة.. والمرة الثانية، في 30 يونيو 2013، ضد تلك الجماعة المتطرفة التي خدعته وكذبت عليه بإسم الدين بعد تلقيحه بالسياسة، واستأثرت وحدها بكل شىء من مقدرات الحكم، بل وزادت في حدة الإنقسام المجتمعي الطائفي.

إلا أن آليات العنف الممنهج من التفجيرات والإغتيالات التي قام بها أنصار هذه الجماعة يوم الجمعة 24 يناير وما سبقه في أماكن متفرقة، أنبأ عن تصعيدات في ممارسات العنف، ليكون الدم هو اللغة التي يتعامل بها الجميع ولا يتم الحوار إلا من خلالها، مما جعل الإحتفال يوم 25 يناير 2014، يتحول إلى مشهد يثير الفزع والخوف على مستقبل الوطن، وليس الأمل في التغيير كما كنا نتوقع.




الميدان بدون ثوار

فى الإحتفالية الأولى 2012، كان الزخم الجماهيرى داعماً للحالة الثورية العامة، حيث شرعية الميدان، وكان هناك مئات الآلاف وربما الملايين فى الشوارع، الأغلبية كانت تهتف "يسقط حكم العسكر"، وكانت بمثابة مرحلة طفولة الوعي الثوري، حيث لم يقدم أي منهم بديلًا واضحًا مباشرًا، فتم تقديم البلد على طبق من ذهب للإخوان المسلمين، بعد غياب الرؤية والتخطيط المرحلي لتلك الفترة الإنتقالية.

وفى الإحتفالية الثانية 2013، وفيها كان الإخوان في سُدة الحكم، تم الإحتفال لهم وحدهم، بإعتبارها ثورتهم الخاصة، شرعية الإخوان والبرلمان، ونزل الرئيس السابق محمد مرسي ليلقي خطبة عصماء في الميدان، كللها بقوله "ثوار أحرار... هنكمل المشوار"، ومن حينها بدأ الفرز والإقصاء والتربُص، بين جماعة الإخوان الحاكمة والتيارات الثورية والمدنية، فنزل إلى الميادين ليس فقط شباب يناير، إنما أيضا كل معارضي حكم الإخوان، بمن فيهم من ناصبوا الثورة العداء سابقًا، واعتاد الإعلام على تسميتهم "فلول".

وفي الإحتفالية الثالثة 2014، عادت الجماهير، لتحتفل بالثورة، في ظل غياب معظم رموزها الشبابية، كما كان حال الإستفتاء أيضًا، لتحل محلهم رموز جديدة، حيث يرى أغلبهم – أي الثوار- أن رُوح الثورة نفسها غابت عن المشهد، حيث جاء الإحتفاء بدور ومكانة وأثر ثورة 30 يونيو، ليفوق ويتجاوز ما يُذكر عن ثورة 25 يناير، وفي ظل إعلاء صوت التأييد للفريق السيسي وسط مرددي الأغاني والأناشيد الوطنية لمبايعته رئيسًا دون إنتخابات كما يهتف البعض!!؟، فظهر الإحتفال باهتًا مذبذبًا، بينما على أطراف الميدان كانت الإشتباكات الدموية بين الفصائل الثورية المناهضة لحكم العسكر والإخوان مع الشرطة من جانب، وبينهم وبين الإخوان من جانب آخر، فجاء هتافهم "يسقط كل من خان.. عسكر فلول إخوان".

وكما لم يحصل معارضو الإستفتاء الدستوري في 14 يناير على فرصة للتعبير عن رأيهم، وتم مطاردتهم وتكميم أفواههم، سواء من الشرطة أو من الأهالي، هكذا إستمر الحال في 25 يناير أيضًا، في التعامل مع كل من يرفض الهتافات المؤيدة لشخص السيسي وسياسته. كان رجال الشرطة والمخابرات يلقون القبض على المئات من الشباب في أنحاء مختلفة من الجمهورية لإتهامهم بحيازة منشورات محرضة على العنف أو التجمهر وقطع الطريق والإخلال بالسِلم العام، وتم إطلاق النار العشوائي لتفريق المتظاهرين في الميادين، مما أوقع عشرات القتلى والمصابين، كما في مذبحة المطرية وغيرها، ليتجاوز عدد ضحايا أحداث العنف في ذلك اليوم (الإحتفالي!!) 89 قتيل، وما يزيد عن 250 مصاب، بجوارعشرات المفقودين، حسب ما أقرته تقارير جبهة الدفاع عن متظاهري مصر وويكي ثورة، وغيرهما من المواقع الحقوقية.

وبجوار الدور الوحشي لقوات الشرطة والمخابرات، في تكميم الأفواه، والتعامل اللاآدمي في القبض على الشباب ومطاردتهم، وكم التجاوزت المرصودة في فض الإشتباكات والمسيرات، إنتقلت فوبيا الإقصاء إلى الوسط الشعبي، فصارت فصائل ممّن يُطلق عليهم "المواطنين الشرفاء" تفتك بكل شخص سِلمي أعزل يهتف ضد السيسي ولا يحمل صورته، أو يشير بيده بعلامة رابعة!؟. بل وصل الأمر إلى إقدام بعض الأهالي على تعذيب وإحتجاز بعض الشابات في إنتظار تسليمهم للشرطة كما حدث في منطقة ميامي الإسكندرية!؟.


وماذا بعد..

أن يموت الثوار في عيد ثورتهم، تلك هي الطامة الكبرى، حيث الإستخدام المُفرط للعنف من أجهزة الشرطة ورجال المخابرات، بجوار إنتشار بعض العصابات المسلحة بالزي المدني على أطراف الميادين في الحافظات المختلفة. كذلك وسائل الإعلام، سواء الحكومية أو الخاصة، أغلبها إستمر في التعتيم على الحدث، لتبث لنا ما يحدث داخل الميدان فقط، من رقص وأغاني وأفراح!؟. فبدا الأمر، وكأن الجميع يتبرأون من ثورة 25 يناير وكل من شارك فيه، ليتم تشويههم، وقلتهم معنويًا وجسديًا، وتجاوزهم سياسيًا، ليتم تنصيب وتأييد وإحلال ثورة 30 يونيو مكانها. هذا بجوار توزيع التُهم الجاهزة لكل من يعترض أو ينتقد آلية الحكم الإنتقالية في هذه الفترة، ليتم تخوينه وإعتباره إخواني مطالب بالشرعية!؟.

العنف هذه المرّة ليس من قِبل الأجهزة الرسمية فقط، ولكن فاق كل التوقعات، وأصبح هو المسيطر على المشهد ككل، من جميع الأطراف. مما يدعونا لطرح سؤال لابد منه؛ لماذا لا تتم مواجهة الإرهاب والتخطيط الدموي إلا بالتغييب العقلي بخرافات غريبة عن مؤامرات "أبلة فاهيتا وبيبسى وباسم يوسف"!؟؟. وربما تكون الخطوة الأدق والأصوب، هي دعوة وطنية من أجل الإستماع لكافة الأطراف المتناحرة، لفتح باب حوار تصالحي توافقي لتجاوز تلك المرحلة!؟.

إن كانت 25 يناير 2011 وّحدت الشعب خلف كلمة واحدة ورأي واحد، ن الجماهير عرفت "من ترفض"، فقد جاءت إحتفالية 25 يناير 2014، لتجد الشعب مفكك مشرذم أكثر من أي فترة مضت، لأن الجماهير قالت "مِن تريد"، ليتحول الاحتفال بالثورة إلى كرنفال راقص على الجثث والدماء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Brigands : حين تتزعم فاتنة ايطالية عصابات قطاع الطرق


.. الطلاب المعتصمون في جامعة كولومبيا أيام ينتمون لخلفيات عرقية




.. خلاف بين نتنياهو وحلفائه.. مجلس الحرب الإسرائيلي يبحث ملف ال


.. تواصل فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب بمشاركة 25 دولة| #مراس




.. السيول تجتاح عدة مناطق في اليمن بسبب الأمطار الغزيرة| #مراسل