الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا والبدائل المطروحة

فيكتوريوس بيان شمس

2014 / 1 / 29
الارهاب, الحرب والسلام


سوريا والبدائل الطروحة

فيكتوريوس بيان شمس

منذ الإنفجار الشعبي الكبير في منتصف آذار/مارس العام 2011، لم يكن لدى الشعب السوري أي رؤية حول القادم من الأيام، بحيث كانت قيامتهم ردّاً على ما اعتُبر إهانة من ابن خالة "رئيس الجمهورية"، رئيس "فرع الأمن السياسي" في محافظة درعا، لوجهاء المدينة عندما طالبوه بالإفراج عن الأطفال الذين كتبوا على جدران مدرستهم العبارة الأثيرة "الشعب يريد إسقاط النظام"، متأثرين بما كان يجري يومها بتونس ومصر، وإرهاصات ثورية في بعض بلدان العالم العربي، فما كان من المحظي، رئيس ذلك الفرع الذي لا مثيل له في العالم المتحضّر إلا أن هدّد باغتصاب زوجاتهم، لإنجاب غيرهم.
إلى ذلك الوقت لم يكن في النيّة تطوير المسألة لتصل فعلاً إلى الحدود التي رسمها هؤلاء الأطفال على جدران مدرستهم: "الشعب يريد إسقاط النظام".
ومن يعود إلى أرشيف تلك الفترة سيكتشف أن مطالب وجهاء مدينة درعا كانت مقتصرة على مطالب محدودة، وبالمستطاع تلبيتها، إلا أن عنجهية النظام طغت على صوت العقل، لأن تلبية المطالب تعني بالنسبة له تنازل لمن هم دونه. تحرّكت بعدها فرق الموت، أو ما كان يسمّى حينها "الفرقة الرابعة"، بقيادة ماهر الأسد، لتسحق الحراك بشكل دموي لم يكن متوقعاً أبداً.
ولا بد أن المتابعين للشأن السوري يذكرون مداخلة عضو مجلس الشعب الشجاع حينها يوسف أبو رومية، والتي سُرِّبت إلى الإعلام ليفضح ما حاول إعلام النظام توريته.
وبعد أن شعر النظام بتصاعد الأمور إلى درجة أنها قد تخرج عن نطاق سيطرته، أوفد بعد أيام رئيس "جهاز أمن ريف دمشق" رستم غزالي، و "نائب وزير الخارجية" فيصل المقداد، على اعتبار أنّهما من أبناء المحافظة، للتهدئة وإنهاء الأزمة. وهو ما حصل فعلاً، لولا أن النظام، بما هو نظام أمني منعقد على مافيات مالية، لا يفهم إلا لغة البطش والقتل، فاقتحم في ذات الليلة منازل أهالي مدينة درعا البلد لإعتقال من يعتقد أنّهم المحرّضين عليه؛ ما أدّى لإستئناف الحراك بوتيرة أسرع هذه المرة، بحيث ما عادت تنفع الوساطات، وهذا ما أدركته أجهزة أمن النظام، وسكان المدينة معاً.
وحتى نهاية العام 2011 بقي الحراك الذي صعّد من مطالبه أمام صلف النظام، سلمياً. هذا ما اعترف به بشار الأسد نفسه عندما قال أن: "الستة أشهر الأولى كانت سلمية"!. بهذه الستة أشهر كان النظام قد قتل ما يقرب من عشرة آلاف مواطن، عدا عن الجرحى، والمعتقلين، والخسائر المادية الأخرى. وعدا أيضاً عن البروباغاندا الإعلامية التي مارستها ماكينته الإعلامية لتصوير الإنتفاضة على أنّها "مؤامرة كونية" تشترك فيها كل قوى الشر، من قطر إلى السعودية إلى تركيا وأميركا مروراً بـ "إسرائيل"، ليبرر لنفسه أمام العالم ارتكاب المزيد من الجرائم.
بقي الحراك إلى ذلك الوقت بلا أي تمثيل سياسي. وما زاد يُتمه، هو تأخّر الإعلام العربي في تبنّيه بسبب ارتباطات وتشابكات مصلحية دقيقة جداً، كانت بحاجة للوقت حتى تُحسم. عدا عن أن بعض التدخّل العربي كان مضراً بالفعل، فعملت على إحباط الثورة خوفاً من تمدّدها إلى أراضيها ومجتمعاتها.
وما يعنينا هنا، أنه لم يكن للحراك من يمثّله سياسياً، حتى أوائل تشرين الأول 2011، وبروز "المجلس الوطني السوري" الذي تشكّل من عدة قوى، قسم منها دفع الأثمان الغالية في المرحلة الماضية، أي ما قبل الثورة. ضمّ هذا المجلس: "إعلان دمشق"، و "الإخوان المسلمون"، و "المؤتمر السوري للتغيير"، وبعض الشخصيات المستقلة.
كانت المهمة الأساس لهذا المجلس، تنظيم الحراك للعبور إلى المرحلة الجديدة. وبعد عام تقريباً، وبسبب اشتراط بعض الدول تقديم الدعم مقابل توحيد كل قوى المعارضة بإطار واحد أكبر جامع، تم تأسيس "الإئتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة"، والذي أعلن أنّه يهدف للتالي:
1- توحيد دعم القيادة المشتركة للمجالس العسكرية الثورية والجيش الحر.
2- إنشاء صندوق دعم الشعب السوري بتنسيق دولي.
3- إنشاء اللجنة القانونية الوطنية السورية.
4- تشكيل حكومة انتقالية بعد الحصول على الإعتراف الدولي.
لكن، وعلى غرار النظام، تبيّن فيما بعد بالممارسة العملية، أن الإئتلاف الذي لم يستطع تغيير، أو فرض أي معادلة جوهرية على الأرض، جنح نحو التسوية، أي التفاوض مع النظام للإتّفاق على مخرج.
لكن المشكلة السورية، ومثلها الفلسطينية، أصبحت داخلية، منعقدة على مصالح دولية وإقليمية. بمعنى أن على "الإئتلاف" الذي يعتبر أنه "الممثل الشرعي والوحيد للشعب السوري"، أن يأخذ بعين الإعتبار مصالح الدول الداعمة للنظام ، أي: لم يعد التنازل للنظام بما هو نظام سيبقى، بقدر ما هو للقوى الدولية والإقليمية التي أجبرت هذا "الإئتلاف" على الجلوس مع النظام للتفاوض معه، سواء على رحيله، أو على إشراكه في المرحلة اللاحقة.
هذا يعني بوضوح، أن التغيير ماعاد ثورياً، وأن إسقاط النظام بقوة وشروط الشعب السوري ما عادت مطروحة، للأسباب التي ذكرنا، ولسبب جوهري آخر يتعلّق بضرب وتشتيت البنية المجتمعية السورية، بالقتل، والإعتقال، والتشتيت، والتهجير، والتجهيل .. إلخ
هذا ما فعلته "منظمة التحرير الفلسطينية" حين صادرت قرار الشعب الفلسطيني بتحرير أرضه من البحر إلى النهر، فذهبت في 13 أيلول 1993 لتوقيع اتّفاقها الناتج عن مفاوضات أوسلو، فحصلت على الضفة والقطاع، وهو الكيان الفلسطيني الذي اعترف به النظام السوري التسووي في العام 2012. وهو نفس نهج النظام مزدوج اللغة والخطاب، يرفع شعارات الممانعة و المقاومة ويفاوض العدو سرّاً وعلناً!.
لكن بعد كل هذا، هل من خيار آخر غير التسوية؟. وهذا ينتج عنه سؤال آخر: هل من بديل عن "الإئتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة"؟.
والإجابة على هذه الأسئلة مخاطرة تفترض استقراء المستقبل واستجوابه بناء على معطيات الحاضر.
هناك شكلان للقوى السياسية التي تستطيع أن تفعل وتؤثّر في الواقع، واحدة أيديولوجية، والأخرى إطارية من ذوات البرامج المرحلية.
أغلب القوى الأيديولوجية السورية الموجودة تاريخياً انقادت للغرق مع النظام، مثال ذلك أحزاب ما يسمّى "الجبهة الوطنية التقدمية" وهي أحزاب "قومية" و "يسارية" استقالت من دورها منذ تحالفها مع النظام في العام 1972 تاريخ تشكيل هذا الإئتلاف، وقد تورّطت في سلطة النهب والفساد على مدى عقود فلم تعد مقبولة على المستوى الشعبي، مثلها مثل النظام.
هنالك تنظيمات أيديولوجية أخرى نشأت على إثر الحراك جلّها من التنظيمات الدينية المتطرّفة كـ "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش)، أو "جبهة النصرة" وغيرها، وقد ثبت بالملموس الشعبي رفضها، وعدم قبولها لتشابهها لدرجة التوأمة مع النظام. إذاً، تخلو الساحة السياسية السورية من أي تنظيم أيديولوجي مقبول شعبياً يستطيع أن يستثمر الحراك ويغيّر النظام بإسقاطه.
أمام هذا الواقع ليس أمامنا سوى النمط الثاني، أي القوى الإطارية ذات البرنامج المرحلي، تماماً "كالمجلس الوطني السوري"، و "الإئتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة"، وهذا لا ينفي أنها قد تضم في صفوفها قوى أيديولوجية قد تلعب دوراً مزدوجاً، أي سياسي وميداني معاً، ومثالنا هنا "الإخوان المسلمين".
حتى اللحظة ليس من بديل آخر، لكنه البديل الخطر المتأثر بمزاجية الخارج ومصالحه وتمويله. وهو لكل ما ذكر أعلاه، لا يختلف من حيث المنهجية التسووية التفاوضية عن النظام، ولولا اختلافات في التركيبة تستبعد اجتراره التجربة الأمنية، لقلنا أنّهما من ذات البنية، إن قدّر لسوريا أن تتحرّر من آل الأسد موحّدة.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تفض بالقوة اعتصاما تضامنيا مع غزة في جامعة


.. مسؤول عربي لسكاي نيوز عربية: مسودة الاتفاق بين حماس وإسرائيل




.. جيروزاليم بوست: صحفيون إسرائيليون قرروا فضح نتنياهو ولعبته ا


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. فلسطيني يعيد بناء منزله المدمر في خان يونس