الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حبيبتي...!

عبد الرزاق عوده الغالبي

2014 / 1 / 29
الادب والفن



"الهدوء يلف الاشياء بشكل كامل....!" قالها احد الركاب ثم صمت ،
وانا انظر من شباك الحافلة الصغير لما ابدعت ايد الخالق بطبيعة عذراء لم تمسها يد بشر، حين بدات تستعرض امام ناظري بشكل سريع بسرعة حركة الحافلة التي تتجه نحو الجنوب وذهبت بعيدا في ساحات الجمال العذري وباهرات سنابل الحقول وهي تتمايل على ترانيم نسائم شمالية معطرة باريج العنبر، يكمن في حباتها الخير والخبز و العشق الاسطوري العذري لخيوط الشمس الذهبية حين تطرز ساعات النهارالاولى وتغازل اوراق الازهار والزرع واغصان الاشجار وسعف النخيل التي تسرق الظلمة دفيء الشمس لتتباهي بها خيوط الفضة المنبعثة من القمر ليكون شاهدا على تلك اللوحة السرمدية بين العشاق ،حين يتوارى الكل تحت قوائم السنابل الخضراء المرطبة برحيق الندى الذي يلامس الوجوه ويندي اوراق الفرح في الوجوه الوردية المغمسة صفحاتها بالنشوة والغنج والدلال في ارجاء حقلي، ثم تتسابق الالوان في اطيافها المنتشرة بين خطوط الاشجار المتناحرة الاشكال والاطوال والحجوم وتبدا اغصانها تتراقص على ترنيمة التاريخ وتندمج مع خيوط الشمس واصوات موجات النسيم العليل وزقزقة العصافير و انين الناي الحزين الذي يرسل نغماته المغمسة بالاشواق والحنين من بعيد حيث المراعي الخضراء الغافية تحت اثير قلبي اللامتناهي المخضر بوفرة خير الزمن وغنج الحب السرمدي الكامن بين جفني حبيبتي الناعسين ورأسها الجميل الذي يتوسد ذراع الزمن واصابع التأريخ تخصل شعرها .....!
"لقد وصلنا بابل....!" ايقظني صوت السائق من نعاسي الجميل وعدت وانا اتلفت حولي كأني ارى وجوه المسافرين لاول مرة كمن استيقظ من نومه عميق فزعا على صوت مخيف:
رحلت من جديد لاتذكر حوافر خيول الزمن وهي ترسم عظمة التاريخ فوق تراب بابل حين رسمت احلى الذكريات لخطوط التاريخ الشامخ والحضارة الاولى في جبين البشرية اليافعة العذراء . غبت في احلامي من جديد وانا اتخيل شبعاد وهي تستأذن امي لتستخدم تنورها لخبز سومري بعبق دجلة والفرات ليحتل مائدة اورنمو لتكريم ضيوف سومر الاعزاء نبوخذ نصر واشور حين مروا بأور ليحلموا هنا بسفر الصيد في اهوارها الجنوبية يتقدمهما كلكامش وانكيدوا ليقودهم الى مكامن الصيد الوافرة في حوض بلادي المعطاء وينطلق الركب تحت شمس اشورية ،بابلية ،سومرية واحدة تشرق وتغرب من جهتين ثابتتين لا ثالث لهما وتختلط الخيول بالخيول وتمتزج الضحكات وتنعدم الهوية حيث لا حقد ولا غل ولا نفاق ولا ايد غريبة تدنس طوق الوفاق وتبعثر حبات الحب من مسبحة الاخوة العراقية السرمدية ، وتعبق روائح التنور الخالدة من بين النهرين في عصاري مرطبة بشوق الامل والنشوة والكرم وتنتشر رائحة خبز امي الشبعادي ويتوق الجميع لملامسة هذه النعمة التي تشع بالخير والشهية ويقبل الجميع وهم يتسابقون لتسليم صيدهم لتنور امي لتعبق روائح الشواء لتهز مكامن الشهية للاكل في اناء واحد وعلى بساط واحد بعيدا عن السم والمكائد. تمتد الايدي نحو رطب البواسق الذهبية لتذوق عسل الرافدين برائحة سرمدية تثقل الجفون بالنعاس بين ظلال زقورة اور وعلى مروج الرافدين الدافئة . ويمتد بساط امي الطويل ليحتضن ابناء العم معا ....هكذا نحن دائما....!
احسست بتوقف الحافلة المفاجيء وبجلبة وحركة ايقظتني من نعاسي العميق وسفري في عوالم التاريخ والاجداد وصوت السائق وهو يقول:
-: الحمد لله على السلامة، لقد وصلنا الناصرية.......!!؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأهلي هياخد 4 ملايين دولار.. الناقد الرياضي محمد أبو علي: م


.. كلمة أخيرة -الناقد الرياضي محمد أبو علي:جمهور الأهلي فضل 9سا




.. فيلم السرب لأحمد السقا يحصد 34.5 مليون جنيه إيرادات


.. … • مونت كارلو الدولية / MCD جوائز مهرجان كان السينمائي 2024




.. … • مونت كارلو الدولية / MCD الفيلم السعودي -نورة- يفوز بتنو