الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل سنرى أمير قطرقريباً في دمشق؟

ربيع الحسن

2014 / 1 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


يجب على السعودية وتركيا التوقف عن دعم الإرهاب في سورية. هذا ما قاله د. فيصل المقداد في مؤتمره الصحفي في جنيف منذ عدة أيام متعمداً عدم ذكر قطر.
وفي مقابلته الأخيرة على قناة الميادين منذ يومين لم ينفِ المقداد ولم يؤكد حصول أي اتصالات بين القيادة القطرية والقيادة السورية رداً على سؤال سامي كليب عن معلومات حول فتح قنوات اتصال من قبل القيادة القطرية مع القيادة السورية، لكنه في نفس الوقت قال أن سورية عادةً لاتفصح عن مثل هذه القضايا، وهذا يعني ضمناً وجود على الأقل محاولات لفتح قنوات اتصال بين قيادتي البلدين.
القنوات السورية بمسمياتها المختلفة في الاسم المتطابقة في المضمون، لم تعد تتحدث كما كانت عن الدور القطري العميل المتآمر ولا عن علاقات قطر بإسرائيل فلم نعد نسمع عن تمويل قطري للمجموعات الإرهابية في سورية. فقد كان الإعلام السوري يقدم لنا صنفاً يومياً وعلى مدار أكثر من سنتين على الفطور والغداء والعشاء اسمه الإرهاب القطري، وكان يستضيف ضيوف مهمتهم فضح دور أمير قطر في تمزيق وحدة سورية عبر تمويل الإرهابيين مالياً ودعمهم سياسياً وإعلامياً وعسكرياً، كما كانت الجزيرة من أكثر القنوات التي كان يخصص لها الإعلام السوري مساحات كبيرة من الوقت لكشف دورها في تخريب المجتمع السوري. معظم تلك السياسة الإعلامية التي كان ينفذها الإعلام السوري قد تغيرت وأصبحت اليوم الوهابية السعودية هي الخطر الأول على سورية والمنطقة وفق الإعلام السوري.
قطر نفسها لم تعد تهتم الآن لما كانت تسميه مآساة الشعب السوري ولم تعد قضية حصول السوريين على حريتهم والحد الأدنى من حقوقهم أولوية عند حكومة دولة قطر الديمقراطية المستقلة، ولم نعد نسمع عن قيادة قطر لقاطرة "العمل العربي المشترك" لنصرة الشعب السوري الثائر الأعزل (ومن المفيد أن نذكر أنه لم ولن يوجد أي عمل عربي مشترك سوى للتآمر على إحدى الدول العربية رغم استمرار إيمان حزب البعث المطلق لعقود بالوحدة و التضامن بين الدول العربية)، وبالمقابل لم يعد يرفع الثوار علم قطر كما غاب عن سماعنا هتافات الحب والتمجيد للقيادة القطرية الداعمة لحرية واستقلال الشعوب العربية الثائرة في وجه الديكتاتوريات والأنظمة القمعية الشمولية .
والشعوب العربية التي قررت فجأة أن تثور ضد القمع والظلم رغم كل الجهل والأمية المتفشية في مجتمعاتنا العربية، يبدو أنها انطلقت من مبدأ الفرصة تأتي مرة واحدة في العمر مما جعلها تثور وتقتدي بثورة تونس التي كان اسمها ثورة..... تذكرت "ثورة الياسمين".
فقد وجدت هذه الشعوب ضالتها في قناة الجزيرة الثائرة على الاستبداد والحكم بالوراثة والقمع، ولكن للأسف الجزيرة نفسها بعد سنتين ونصف من الأزمة السورية بدأت بتخفيف حرصها على استعادة الشعب السوري لحريته وخفضت من عدد التقارير الدرامية ومحتواها العاطفي الملتهب بالأحاسيس والمشاعر التي تبكي الحجر والتي تفضح ممارسات النظام الطائفي الديكتاتوري(باستثناءغادة عويس وفيصل القاسم والحمد لله مازالت أسئلتهما ونبرة صوتيهما وملامح وجيهما يفصحان عن مقدار الحرص على أن يحقق الثوار الانتصار بغض النظر من هم هؤلاء الثوار هل هم ثوار داعش أم الجبهة الإسلامية أو جبهة النصرة... فكل سوري أو شيشاني أو أسترالي أو كندي..الخ حمل السلاح ضد الجيش بنظرهم هو مواطن سوري ثائر). وهكذا بدأت الجزيرة تعود كما كانت قبل الأزمة في سورية الناطقة الحصرية باسم جماعة الإخوان المسلمين وخاصة في مصر فأصبحت حرية الشعب المصري هي الأولوية وأهم من حرية الشعب السوري الذي كما يبدو تأخر كثيراً لنيل حريته بشكل لم يناسب ثورة الجزيرة التي تحرق الأخضر واليابس خلال وقت قصير.
كسوري لايهمني كثيرا تغير سياسة قطر العدوانية تجاه سورية بقدر مايهمني تغير سياسة سورية تجاه قطر، فعندما يتم تجاهل ذكر ممارسات قطر الإرهابية وماقامت به طيلة السنوات الماضية سواء على لسان المسؤولين السوريين أو عبر إعلامهم فهذا يعني بداية تهيئة الرأي العام في سورية لقبول إعادة العلاقات مع الدوحة فليس غريبا أن نرى أمير قطرخلال وقت قريب يزور دمشق في إطار المساعي لحل سياسي للأزمة السورية، وهذا ما لايمكن القبول به بعد كل الدمار والخراب الذي سببته سياسة قطر وقناة الفتنة القطرية فالقول إن قطر توقفت عن تمويل الإرهابيين وحتى لوافترضنا أنها على استعداد أن تقدم معلومات عن المجموعات الإرهابية التي كانت تدعمها لأكثر من سنتين ونصف للحكومة السورية كبادرة حسن نية لإعادة فتح العلاقات، وحتى لو وافقنا مع من يقول أن هذه هي السياسة لايوجد فيها عدو دائم ولا صديق دائم ومن الأفضل أن نقبل بفتح العلاقات على أن يتوقف دعم الإرهابيين. رغم عدم صحة هذا الطرح لأسباب كثيرة من أهمها أن أي دولة تعادي دولة آخرى لايمكن أن تقبل بفتح علاقات جديدة معها لولا أنها لم تصل لطريق مسدود ولا تريد أن تخسر كل شيء. وعلى الرغم أيضاً من كل الدماء التي نزفت والدموع التي سالت من عيون الأمهات والبنات والأخوات والزوجات والأطفال ورغم قهر الأباء لفقدهم أولادهم وهم في ريعان الشباب.. رغم كل هذه المآسي التي تسببت بها الحكومة القطرية بشكل مباشر هناك من يقول هؤلاء استشهدوا كي يبقى الوطن وكي يقف نزيف الدم لذلك من الأهم الآن التعامل مع الواقع رغم صعوبته. كما أن هناك من يقول أن تدمير البنى التحتية في سورية وإضعاف الاقتصاد وتخريب المراكز الصحية وتدمير المستشفيات والمدارس كله بالإمكان إعادة بنائه من جديد.
كل تلك الآراء خاضعة للنقاش والأخذ والرد، لكن كيف يمكن أن نعيد بناء منظومة القيم في المجتمع وخاصة قيم الإنتماء للوطن، فمخطىء كل من يعتقد أنه بمجرد أن تخفف الجزيرة من سياستها التحريضية تجاه سورية أو حتى تتوقف عن البث نهائيا ينتهي بذلك دورها المدمر في سورية، فالجزيرة ساهمت بشكل كبير في تفتيت المجتمع السوري وزرعت في قلوب وعقول الكثير من أطفال سورية بذور الحقد والإنتقام والقضاء على الآخر واستخدام السلاح في سن مبكرة على أنه فعل رجولي وأن قتل "الآخر" هو عمل شجاع وبطولي، فهؤلاء الأطفال هم أجيال سورية في المستقبل، فأي مصالحة بين البلدين وأي جنيف200 سوف يقنع هؤلاء الأطفال إن ماتم زرعه في قلوبهم وعقولهم عندما كانوا صغارا تجاه الآخر غير صحيح؟؟
فإذا تمت إعادة العلاقات مع قطر يعني أن العلاقات مع تركيا التي كان لها الدور الأكبر في تدمير سورية وإثارة الفتن الطائفية والمذهبية ستعود تدريجيا وهذا يعني استهانة بكرامة الشهداء وذويهم الذين قضوا برصاص الإرهابيين الذين مولتهم وسلحتهم وأرسلتهم تركيا، كما أنه يحرض كل الدول على فعل ماتريد من سياسات عدوانية تجاه سورية طالما سيفتح الباب أمامهم إذا فشلوا في تحقيق مشاريعهم المرسومة، ونفس المبدأ سينطبق أيضا على السعودية وسوف ينحسر الكلام عن الوهابية ودورها التدميري في المنطقة تماما كما كان قبل الأزمة رغم أن الوهابية موجودة قبل الأزمة!!!
إن التفكير الجدي بحماية سورية يعني التفكير بحاضرها وبمستقبلها، فليس من المفيد تطبيق حلول مؤقتة توقف الحرب حاليا وربما لعدة عقود ثم تعود من جديد لكن بطرق وأساليب أقذر من هذه التي نعيشها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة الاتحاد الأوروبي مع لبنان..ما خلفياتها؟| المسائية


.. بايدن يشدد على إرساء -النظام- في مواجهة الاحتجاجات الجامعية




.. أمريكا.. طلاب يجتمعون أمام منزل رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شف


.. الجيش الإسرائيلي: 12 عسكريا أصيبوا في قطاع غزة خلال الساعات




.. الخارجية الأمريكية: هناك مقترح على الطاولة وعلى حماس قبوله ل