الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العمر الافتراضي للسياسي (نسخة معدلة )

جواد البياتي

2014 / 1 / 31
مواضيع وابحاث سياسية



قبل سنوات ، اثيرت في الوسط السياسي سابقا ضجة كبيرة حول تحرك الدكتور اياد علاوي زعيم القائمة العراقية في مجلس النواب انذاك ورئيس حركة الوفاق الوطني بمحاولة فتح حوار مع اجنحة معينة في تنظيمات حزب البعث العربي الاشتراكي الذي حظر نشاطه بعد اجتياح قوات التحالف للارض العراقية ، ونسمع نحن العراقيون الذين اصبحنا سياسيون بالأكراه ــ بسبب الاوضاع الراهنة ــ بحركات وتنظيمات عجيبة ـ غريبة لم نعتد عليها سابقا ، فهي تقف او تتحرك بين اقصى اليمين واقصى اليسار ومن ضمنها تنظيمات حزب البعث التي كما يبدو انقسمت قياداته الكلاسيكية بين ناقم على افكار صدام حسين وسياسته التي اوصلت العراق الى ماهو فيه وبين القيادات التي تحاول العودة الى الساحة السياسية بنفس الوجوه التي كانت السبب في دفع صدام حسين الى الهاوية . وربما تكون هناك تنظيمات اخرى تعود لحزب البعث خلقت لها مناخا وافكارا سياسية جديدة بدأت العمل على اساسها ووزعت نفسها على اجنحة عسكرية وسياسية . ومع ان التنظيمات كلها ومنها المحظورة التي ولدت من رحم الازمة فهي جميعها تعمل بأتجاه واحد منذ 9 / نيسان / 2003، بأفكار ولوجستيا متفاوتة ، الاّ انها بقدر ما منحت الاحتلال شرعية البقاء فقد اهدت للشعب عذابات وبؤس وتخلف على مستوى جميع الصعد وخاصة الصعيد الديني الذي ارتكبت هذه التنظيمات بحقه آثاماً كبيرة غير قابلة للغفران .
ومع كل اللغط الذي دار حول ولادة حزب البعث العربي الاشتراكي بعد ان وضعت الحرب العالمية الثانية اوزارها واقتسام العالم بين قطبين مخيفين وقرب الدب الاحمر السوفييتي من مناطق النفوذ الامريكي والبريطاني ، كان لابد من وضع الحواجز الكونكريتية الهائلة للحيلولة دون اجتياح الافكار الاشتراكية الى هذه المنطقة وبالتالي التسبب في متاعب تزعج النظام الرأسمالي وتوابعه في الخليج، ولذلك كان وجوبا خلق تنظيم فكري وسياسي جديد يشترك معه بالشعارات ويعاكسه في التطبيق ، ورغم علمانية الشكل الاّ انه يحمل في بعض ادبياته وفكره العجيب بعض بكتريا النضج الطائفي والعرقي ، ومهما يكن من امر فان تنظيم البعث وجد له ارضية خصبة ومناصرة ودعم مالي ولوجستي قوي بدليل القفز الى السلطة في العراق مرتين خلال عقد واحد من الزمن والذي استمر لمدة 35 سنة وفي سوريا استلم السلطة بعد ان اطاح الاسد الاب بدولة الوحدة ، والسيناريوالسياسي الكامل المعروف والمعلوم حتى لأقل من انصاف المثقفين من المتابعين وحتى للبسطاء من الناس ومنهم البعثيين وان فترة اكثر من خمسين عاماً على تنظيم حزب البعث ، فشل هذا التنظيم في تقديم قيادات مؤهلة ومقنعة و ( تملأ العين ) كما يقول البغداديون ، بأستثناء بعض الاسماء القديمة التي قدمت الينا تحت عناوين القيادة القومية وجميعها قيادات مسترخية وناعسة ومترفة ومترهلة وهي اقرب ما تكون نائمة ــ نستثني منها بعض القيادات السورية .
واذا كان نظام / 1968في العراق قد سحق في / 1979جميع رجاله المتقدمين ليس لأنهم نشطاء او حريصون على مستقبل الحزب وافكاره بقدر ماهو الاختلاف الحقيقي حول عامل الربح والخسارة المعمول به في كل المجالات ، حيث افرزت احداث عام / 1979 داخل الحزب ( صناعة ) قيادات جديدة تحمل معها عوامل بقاؤها المعروفة للعراقيين بشكل خاص والتي لم تتغير منذ ذلك الوقت بأستثناء بعض الشخصيات غير المهمة التي كان النظام يعتبرها أقزام تتحرك بين الاقدام في مكان مزدحم والتي يريد ان يحسن بها صورته الضبابية.
ان من ضمن ما يسمى بالقيادات التي قفزت الى السطح أنذاك هو السيد عزت الدوري الذي اصبح بقدرة قادر فيما بعد مارشالاً كبيرا رغم حجمه الدوري الضئيل ، لقد كان هذا الدوري من اوفى الناس لواجبه كموظف مؤدب ونجيب ينفذ كل مايطلب منه بالحرف الواحد . هذا الرجل الذي اختفى منذ اللحظات الاولى للاحتلال ولم تؤشر معلومة واحدة عن مقاومته بل العكس لقد كان اكثر قيادات البعث بعدا عن ارض الوطن في الوقت الذي كانت بعض القيادات التي اتهمت صدام حسين بأنه كان السبب وراء المأساة العراقية قريبة جدا من حدود الوطن ، بل وحتى داخل العراق .
ان الدكتور اياد علاوي بأعتباره طبيبا متخصصا في الجراحة او الطب العام يعلم اكثر الناس العمر الافتراضي لأعضاء الانسان مثلما هناك عمر افتراضي للسلع والابنية والمنتجات الغذائية والاشياء الاخرى ، فبالاضافة الى السيرة غير الطيبة للسيد عزت الدوري وسمعته السيئة في التذلل وآراؤه المتخلفة فإن ردود فعله الشيطانية ساهمت في اعادة العراق الى ماقبل الثورة الصناعية فعلاً .
ان شخصا مثل الدكتور اياد علاوي الذي له اعمالا لاتنسى بعد 2003 في اعادة تأسيس نظام الدولة والمؤسسات والجيش الشرطة والامن وغيرها يجب ان لاينظر الى الامور بسطحية ، كما يجب ان لايخضع لردود الفعل الشخصية فهي منزلق خطير نحو السقوط السياسي ، لقد انتهى العمر الافتراضي لسياسي مثل عزت الدوري ، وهو اذ يتحرك اليوم داخل متاهة ضيقة المساحة يقودها في مسالكها بعض الشياطين والمبالغ الطائلة التي يتلقاها من بعض المستفيدين من هذه اللعبة فضلا عن الاموال العراقية المودعة في المصارف الخارجية ، فهو في كل الاحوال ليس افضل من سيده الذي لم يؤسس إلاّ لنظام اشبه بأحجار الدومنيو الواقفة ، اذا ما سقط منها حجراً تتبعه في السقوط سبع وعشرون ، لذلك فلم يخلّف الرئيس المعدوم تلميذ فاشل بنفس الفكر والماضي والعقلية
هناك الكثير من القيادات القوية الواسعة الأفق والقارئة للمستقبل ، قيادات عصرية الاتجاه ، متحضرة تنبذ العنف والتعصب القبلي والديني والعرقي ، قيادات انسانية مدركة بشكل حقيقي لمصلحة الشعب والوطن ، وهي باستطاعتها الدخول في العملية السياسية والعمل بأيجابية لأخراج البلد من هذه المتاهة الكارثية .
قد نلتقي مع الدكتور علاوي في حب الوطن ، لكننا لانوافقه على طريقة صيانته والحفاظ على مستقبله .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: هل تستطيع أوروبا تجهيز نفسها بدرع مضاد للصواريخ؟ • فر


.. قتيلان برصاص الجيش الإسرائيلي قرب جنين في الضفة الغربية




.. روسيا.. السلطات تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة| #ا


.. محمد هلسة: نتنياهو يطيل الحرب لمحاولة التملص من الأطواق التي




.. وصول 3 مصابين لمستشفى غزة الأوروبي إثر انفجار ذخائر من مخلفا