الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الواقع الفلسطيني المؤلم على ضوء الواقع العربي البائس

ميشيل حنا الحاج

2014 / 1 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


الواقع الفلسطيني المؤلم على ضوء الواقع العربي البائس
يردد البعض أن "جون كيري"، وزير الخارجية الأميركي، في رحلته القادمة الى المنطقة ، سيقدم مشروعا لحل القضية الفلسطينية باعتبارها قضية الشرق الأوسط المركزية. وهو سيتوجه للاسرائيليين بخطاب عاطفي مؤثر، يناشدهم فيه أن يباركوا الحل الذي يطرحه. ولكن ماذا يتضمن ذلك الحل؟
يقال أن أحد بنوده يتضمن قيام اسرائيل بتعويض الفلسطينيين الذين اضطروا للجوء الى البلاد العربية أو الى بلدان أخرى. وهذا يعني بأنه لا "حق عودة" للفلسطينيين، ولكن هناك تعويضا لهم. وسيشكل ذلك التنازل الأول عن الحقوق الفلسطينية الأساسية التي طالما رفض الرئيس الراحل "ياسر عرفات" التنازل عنها.
ولكن هل يتوقف الأمر عند هذا الحد؟ بالطبع لا. فالمطلوب أيضا أن يدفع العرب تعويضات لليهود الذين غادروا البلاد العربية نتيجة لحرب عام 1948. وبما ان المجتمعات اليهودية هي في العادة، أو في أغلب الأحوال، من المجتمعات الثرية في دولة ما، فقد بات من المنتظر اذن أن ندفع تعويضات لليهود الذين غادروا بلادنا، أكثر من التعويضات التي ينتظر أن يتلقاها الفلسطينيون رغم كل البؤس والشقاء الذي عانوه على مدى خمسة وستين عاما. تصوروا الوضع اذن: المطلوب أن يدفع الضحية تعويضا للجلاد.
ولكن هل سيتوقف الأمر عند هذا الحد؟ هناك أمران آخران مطلوبان من الفلسطينيين. اولهما تبادل بعض الأراضي،والثاني الاعتراف باسرئيل دولة قومية لليهود. والواقع أن الأمرين مرتبطين ببعضهما. فمن ناحية، كيف يمكن أن تحقق اسرائيل لنفسها دولة قومية يهودية نقية مع وجود أكثر من مليون فلسطيني من أهالي عام 1948 يحملون الجنسية الاسرائيلية؟ وهم مرشحون لأن يصبحوا مليونين وربما ثلاثة بعد مضي عشرين عاما مثلا؟ كيف اذن تقبل الدولة اليهودية النقية في وضع كهذا، وهي الدولة التي لم ترغب بضم الضفة الغربية اليها تجنبا لزيادة عدد السكان العرب داخل "الدولة اليهودية النقية"؟ كيف؟ هنا يأتي دور الجزء الآخر من النقاط المتفق عليها وهو "تبادل الأراضي" رغم وصفه بتبادل جزء صغير من الأراضي.
فتبادل الأراضي الذي وافق عليه العرب، قد يعقبه اقتراح بتبادل السكان أيضا. خذوا عرب اسرائيل وأسكنوهم في كل تلك المستوطنات التي بنيناها خصيصا لهم في الضفة الغربية، وسنأخذ سكان المستوطنات لنسكنهم في مواقع سكان عرب اسرائيل. ألا يحل ذلك لكم مشكلة المستوطنات، ويحل لنا مشكلة عدم نقاء الدولة اليهودية؟
هناك مقولة شهيرة لأحد رؤساء وزراء اسرائيل، وهي أنا مستعد لمفاوضة العرب لمدة مائة عام، دون أن أوصلهم لنتيجة ما أو حل ما. وأعتقد أنه كان صادقا فيما يقول، وكان يعني فعلا ما يقول. فما ما لم يحصل الاسرائيليون على دولتهم اليهودية النقية التي حلموا بها على مدى ألفي عام، لن يكون هناك سلام بين العرب واليهود. وها هم قد فاوضوهم فعلا على مدى خمسة وستين عاما مضت، ومع ذلك لم تحقق تلك المفاوضات شيئا يذكر. اذن بقي أمامنا خمسة وثلاثون عاما من المفاوضات معهم، قد ننتهي بعدها الى حل وقد لا ننتهي. بل قد ينتهي الجيل الفلسطيني المطالب وربما ينقرض، ولعل هذا ما تعول عليه اسرائيل. فالاسرائيلي المفاوض، يهودي معروف بمكره وبدهائه( وهل ننسى قضية "شيلوك" في تاجر البندقية)؟ مع أن "شيلوك" قد هزم في نهاية الأمر. فهل يهزم الاسرائيليون أيضا في نهاية الأمر؟ هذا أمر مستبعد مع وجود اسرائيليين أو أشباه الاسرائيليين في كراسي حكم بعض الدول العربية. فعلى الفلسطينيين ألا يعتمدوا الا على أنفسهم رغم وجود بعض الحكام العرب الخيرين.
أنا لا أستبعد أبدا أن الرئيس "أوباما" لديه نوايا خيرة، وهو يدفع وزير خارجيته للعمل على تحقيق السلام للفلسطينيين، رغم توقعه أن يقدم الفلسطينيون تضحيات كثيرة ارضاء للاسرائيليين الممانعين دائما للسلام. وقد يخالفني الكثيرون في ذلك بسبب العقدة العربية من الأميركي، خصوصا وأن أسلاف "أوباما"، بالاشتراك مع البريطانيين ودول أخرى من الدول الأوروبية، قد ساهموا في ايقاع المأساة الكبرى، مأساة الشعب الفلسطيني. ولكن الرئيس "أوباما"، كما يبدو لي، بدأ يشعر بعمق المأساة الفلسطينية، فيحاول الآن تصحيحها ، مع أنه قد ساهم هو بنفسه (وليس أسلافه)، بالتعاون مع "السعودية وقطر وتركيا واسرائيل" باشعال مأساة أخرى هي مأساة الشعب السوري، والتي ساهم في اشعالها، ربما بحسن نية،أو نتيجة تضليل وقع فيه. ولكنه في هذه المرة أيضا، أدرك ولو متأخرا، خطأ ما فعل، وبات يحاول تصحيح الأمر بشكل أو بآخر. ربما ليس حبا بالشعب السوري، قدر ما هو حب في تجنب مزيد من الحروب، ومن نشوب مزيد من منظمات الارهاب التي تهدد أميركا كما تهدد سوريا.
وأعتقد أن الكثيرين لن يوافقوني الرأي على حسن نوايا "أوباما"، مع أن شيئا ما في داخلي، وفي عقلي أيضا، يرجح ذلك. وأنا أعتقد بكثير من الجدية، أن "أوباما" قد يكون من أنقى الرؤسا الأميركيين بعد الرئيس "جون كنيدي" المثالي في عقليته وتفكيره، والذي لم يكن محبا للحروب، وبذل جهدا كبيرا، بل تضحية كبرى، بضمانه سلامة "كوبا" واستقلالها، رغم ما تشكله من خطر على بلاده وعلى نظامها السياسي، وذلك من أجل تجنب حرب عالمية ثالثة تفني الأخضر واليابس. وربما كان موقفه ذاك، احد الأسباب، ان لم يكن السبب الرئيسي وراء اغتياله الغامض في أسراره حتى الآن. وآمل ألا يلقى الرئيس "أوباما" مصيرا مماثلا لمصير "كنيدي"، لأنه من المرجح أن يلقاه اذا مارس ضغوطا كثيرة على اسرائيل "الشيلوكية" النزعة والأسلوب.
حمانا الله من "شيلوك" وكل من سار على دربه، وحمى الله الفلسطينيين من الركض وراء الوعود الاسرائيلية الكاذبة. فوالله انهم يماطلون، وسوف يماطلون الى أن يتحقق تبادل السكان الى جانب تبادل الأراضي، وقد يلجأون في نهاية الأمر الى ضم الضفة الغربية الى اسرائيل، وتصنيف سكانها سكانا "بدون" جنسية، أسوة "ببدون" "الكويت" وهي السابقة الغريبة في هذا العالم المليء بالغرائب. فأنا رغم هاجسي بأن "اوباما" حسن النوايا، فاني لا أثق قط بنوايا " ناتنياهو" أو من سار على دربه.
ويقول المثل أن "من سار على الدرب وصل". ولكني أقول أن درب "نتنياهو" وزعماء الصهيونية الآخرين، هو درب لا نهاية له، ومن يسير على ذلك الدرب، لن يصل أبدا رغم حسن نوايا" أوباما" و "كيري" و"محمود عباس" وكل الفلسطينيين الطيبين.
ميشيل حنا الحاج
عضو جمعية الكتاب الأليكترونيين الأردنيين.
عضو مركز حوار للدراسات الاستراتيبجية الجديدة.
عضو تجمع (لا للتدخل الأميركي والغربي) في البلاد العربية.
عضو منتدى العروبة - عضو مجموعة مشاهير مصر.
عضو رابطة الأخوة والصداقة اللبنانية المغربية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمين بودشار: من أهدافي إعطاء الكلمة للجمهور وجعله الفاعل الأ


.. الناخبون الموريتانيون يدلون بأصواتهم لاختيار رئيس للبلاد • ف




.. سكان بلدات لبنانية تتعرض للقصف الإسرائيلي يروون شهادتهم | #م


.. أمريكا ترسل 14 ألف قنبلة زنة ألفي رطل لإسرائيل منذ السابع من




.. هل ستتجه إيران لجولة انتخابية ثانية؟