الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اختفاء رباب ماردين 22

حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)

2014 / 2 / 1
الادب والفن


خطر مقترب


بعد يومين، تلقيت رسالة في غرفتي.

"تعالي الى الحديقة الصغيرة هذا المساء عند العاشرة. عليّ التحدّث اليك.
حسام."

استغربت كثيرا من الرسالة. وجدتها في نفس الموضع الذي وجدت فيه رسالة التهديد ومكتوبة بنفس الخط الذي كُتبت به الرسالتان السابقتان. عندها، تأكّدت أنها، أي الرسائل الثلاث، من حسام.
تعجّبت من أمره. لماذا يحذرني من وسام بهذه الطريقة المريعة؟ قررت أن أواجهه بذلك دون تأخير. هبطت الى الحديقة الصغيرة في العاشرة. لم يكن قد وصل بعد. جلست على الأرجوحة وأخذت أحركها.
وتحركت بي أفكاري. ترى، ماذا يريد أن يقول؟ أيريد أن يحذرني من أخيه مرة أخرى؟ ربما رآنا معا على ملعب كرة المضرب قبل أيام.
لِم أخبرته بعرض زواج وسام؟ لا بدّ أنه يخشى أن أقبل بعرضه وسيحذرني بشدة. ما سر تحذيراته الشديدة التي تصل الى درجة التهديد؟ ألأنه حقا يخشى عليّ؟ أم أن هناك سببا آخر؟ أهو الحسد؟ الحقد؟ هل حقا يحسد وسام ويحقد عليه؟ ألهذا تزوج رباب؟ هل أخذها منه بدافع الحقد والحسد؟ وهل هو يحذرني منه الآن ليخوفني ويأخذني منه لنفسه؟!
ترى، من الكاذب بينهما؟ وسام؟ أم حسام؟
مرّت عدة دقائق ولم يظهر حسام بعد.
تعجّبت. ليس من عادته أن يتأخر.
وفجأة... انطفأت الأنوار وخيّم المكان ظلام دامس. لم أستطع أن أتبين شيئا. بقيت جالسة في مكاني دون حراك ... وأنتظر، إما أن يأتي الذي جئت للقائه أو يعود النور ليضيء المكان.
ولكن شيئا لم يحدث.
بدأ الخوف يتسرّب الى صدري. ظننت أنني أسمع صوتا، وقع أقدام تركض على أطراف الأصابع، وأصوات أخرى وصلت الى مسمعي من البيت تتساءل عما حدث. قمت من مقعدي وأنا أحسّ بالقلق يسري في مفاصلي.
كتمت أنفاسي وأرهفت السمع. توجّست صوت خشخشة أشجار من خلفي. استدرت الى الخلف مذعورة. "حسام؟ أهذا أنت؟" غمغمت في فزع.
لم يرد أحد. ثم تذكرت أن الذي يريد لقاء الآخر لا يأتي من الخلف!
حملقت نحو الشجيرات التي خلف الأرجوحة وحاولت أن أتبين شيئا. ولكن الظلام كان مطبقا في كل الجوانب.
وفجأة...
رأيت ضوء مشعل كهربائي يضيء ثم ينطفئ بسرعة. كان هناك شخص خلف الشجيرات، شخص يتربّص بي!
صرخت مفزوعة: "من هناك؟"
لا رد.
أحسست برجفة باردة تهزّ قلبي وركبتيّ. "هل هناك أحد؟" رددت وقد تضاعف إحساسي بالخطر المقترب.
وفجأة...
سمعت صوت خشخشة وأضيء على وجهي ضوء فرأيت شبحا وثب أمامي وفي يده سكين يشهره عليّ ويهمّ بالانقضاض علي. أطلقت صرخة حادة ومددت يديّ الى الأمام في محاولة للدفاع عن نفسي. عرفت أن هناك شخصا قريبا جدا مني، في هذا الظلام الدامس، يريد أن يطعنني بالسكين. ولكن لم يكن بمقدوري أن أتبين مكانه ولا ملامحه.
ثم...
سمعت صوتا يهتف من الجهة الأخرى: "لينة! لينة!"
كان ذلك صوت وسام. وبسرعة كبيرة أحسسته بقربي وعرفت أنه أنقذني من الموت.
ولم أعرف شيئا آخر بعد ذلك.

* * *

عندما فتحت عينيّ كان وسام أول وجه رأته عيناي، ووجهه بعث في نفسي شيئا من الطمأنينة. "أنت في أمان الآن." سمعته يقول برقة وأحسست بيده تربت على يدي. "ارتاحي يا لينة ولا تخشي شيئا. نحن هنا، بجانبك ولن نتركك أبدا."
كنت راقدة في فراشي وهو جالس على مقعد بقربي. رأيت السيدة أخشيد الى يساره واقفة تتأملني بقلق بالغ والى جانبها وقفت كلوديا تتبعني بعينيها بإمعان. "كيف تشعرين الآن؟" سألت. "أتريدين بعض الماء؟"
طلبت ذلك فأسرعت لتسكب لي الماء في الكوب وناولتني إياه. شربت من الكوب بحذر.
"ماذا حصل؟" سمعتها تسأل بقلق. "خفنا عليك كثيرا."
"دعيها الآن." قالت والدتها. "لندعها ترتاح قليلا."
خرجت السيدة أخشيد ومعها كلوديا، وبقي وسام للحظات يتأملني بعينين واجفتين دون قول شيء. ثم سمعت صوتا من جانبي الآخر. "هيا، لنتركها ترتاح." وكان ذلك حسام.
أحسست فجأة بالهلع يعاودني ثم لم أعُد أحسّ بشيء.

* * *

بقيت راقدة في فراشي مدة يومين أعاني من الصدمة. وكانت نوبات هلع تنتابني أفيق منها صارخة، باكية. فحصني الطبيب وأعطاني حبوبا مهدئة وأوصاني بالراحة لعدة أيام. لم أحسّ كثيرا بما حولي. ولكنني عرفت أن السيدة أخشيد بقيت ملازمة لي طوال الوقت وكلوديا بقيت بجانبي تلبي كل احتياجاتي. كنت ممتنة لهما في نفسي فقد كان وجودهما يواسيني في أزمتي ويخفف عني معاناتي.
لم أخبر أحدا عما حدث. حتى وسام، الرجل الذي أنقذ حياتي، لم أخبره عن الشخص الذي كاد أن يطعنني بالسكين، لو لم يلمحني هو وأنا أنزل الى الحديقة ويلحق بي. وحين انطفأت الأنوار قبل أن يصل بقليل بدأ يعود أدراجه ليتفحص ما حدث. ولكنه حين سمع صراخي عاد من جديد، وهكذا أنقذ حياتي.
الكل ظن أنني أصبت بصدمة جراء خوفي من العتمة وخاصة أني كنت جالسة في الحديقة.
لم يعرف أحد بحقيقة ما حدث. عدا عن الفاعل نفسه. لم أعُد أثق بأحد.
انخلع قلبي من الهلع كلما عاودتني أفكاري. من أراد قتلي؟ ولماذا؟ لماذا يريد أحد بقتلي؟ ماذا فعلت؟
كان قريبا جدا مني في ذلك الظلام الدامس وبيده سكين. كم كان الموت قريبا! لولا وسام...
إنه من سكان البيت. لم يكن لدي شك بذلك. ولكن من؟؟
تذكرت تلك الرسالة التي أوصلتني الى الحديقة. إنه كان حسام. هو الذي طلب لقائي في الحديقة الصغيرة ولم يأتِ. وحصل ما حصل. ارتعد كل جسمي.
لماذا؟ لماذا يريد حسام قتلي؟
هل عرف بما أخبرني به وسام عن اختفاء رباب؟! أنه قتلها بعد أن اكتشف خيانتها مع أخيه ثم أخفى جثتها؟!

* * *

جاء وسام ليطمئن عليّ. "كيف أصبحت الآن يا عزيزتي؟" سأل.
أجبته: "أفضل. أنا مدينة لك بالشكر. لو لم تأتِ لمساعدتي... في تلك الليلة..."
"لا تقولي شيئا." أسكتني بنعومة. "لم أفعل شيئا. وأنا سعيد أنني كنت قريبا. لا تفكري بشيء. أرجوك. هدّئي من نفسك وارتاحي."
ترك وسام وطلبت أن أبقى وحدي.
"هل انت متأكدة انك بخير؟" سألت كلوديا.
"نعم."
بعد أن ترك الجميع قمت من فراشي بحذر وأخذت أتنقل في الغرفة دون هدف. اقتربت من النافذة. وقفت ونظرت نحو الحديقة. أحسست بضربات قلبي تتسارع في داخل صدري. عليّ أن أترك هذا البيت، فكرت. إنه لم يعُد آمنا، رغم أنه لم يكن كذلك من قبل، ولكن الآن...
هناك من يتربص بي ويريد قتلي. عليّ مغادرة هذا المكان للإبقاء على حياتي.
ولكن...
كيف أتراجع الآن؟ بعد كل الذي اكتشفت؟ أحسّ أنني اقتربت من الحقيقة. لا أستطيع التراجع الآن. يجب أن أكمل الى النهاية حتى ينكشف لي كل شيء. حتى أجد رباب.
رباب!
كم تغيّرت صورتها في ذهني منذ بدأت بحثي عنها! أتيت للبحث عن صديقة عمري، الفتاة الطيبة البريئة. أما الآن... أجد نفسي أبحث عن الزوجة الخائنة التي لا تربطني بها معرفة!

يتبع...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في




.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي