الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العنصرية في عروقكم

وليد ياسين

2005 / 6 / 24
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


يقلب الاسرائيليون العالم رأساً على عقب، منذ سنوات طويلة ، تحت ستار محاربة ما يسمونه "اللاسامية ضد اليهود". وهم في سبيل ترسيخ هذه الرواية التي ابتدعوها منذ ايام الضابط الفرنسي درايفوس، لا يتورعون عن التنقيب حتى في صفحات الكتب المقدسة للشعوب الاخرى عن عبارات يزعمون انها تحث على "اللاسامية" او تحرض عليهم. واقرب الأمثلة على ذلك محاكمة زميلين من صحيفة "صوت الحق والحرية" على خلفية نشر آية من القرآن الكريم، فسروها على انها تحرض على "الجهاد ضد اليهود".

ولست هنا بصدد مناقشة ماهية السامية واللاسامية، ومحاولة اليهود التفرد بالسامية ونكرانها على غيرهم من شعوب سام. لكن ما جعلني استذكر هذا الحديث هو حدث قد لا يكون ذي اهمية من حيث الموضوع المثار هنا، ولكنه يؤكد ان المؤسسة الاسرائيلية تربي على العنصرية ضد الشعوب الاخرى، وتثقف اولادها على كراهية الشعوب الاخرى ، في وقت تدعي فيه ان الفلسطينيين، مثلا، يربون اولادهم على كراهية اليهود، وكأن اليهود هم الشعب الخاضع للاحتلال، أو كأن الفلسطينيين هم الذين يسلبون اليهود وطنهم ويقصفون اعمال اولادهم كما يقصف عرق الحبق.

والتربية العنصرية في المجتمع الاسرائيلي لم تعد تنحصر في التربية على كراهية العرب فحسب وانما تعدتها الى الشعوب الاوروبية التي تتهمها اسرائيل بتنمية ما يسمى باللاسامية او التغاضي عنها. بل نجحت اسرائيل بتأليب ابناء المهاجرين من اوروبا على شعوب بلدانهم الأصلانية تحت ستار مكافحة اللاسامية. ولا ننسى الازمة الدبلوماسية بين فرنسا واسرائيل التي فجرتها فعلة رئيس الحكومة الليكودي اريئيل شارون عندما حرض يهود فرنسا على جيرانهم تحت هذا الستار.

قلت ان حدثاً جعلني استذكر هذا الموضوع اليوم، وقد عايشته حين كنت عائدا الى بيتي من المستشفى في ساعة مبكرة من الفجر.

عند الشارة الضوئية الواقعة على مفترق الياجور، على تقاطع طرق حيفا - الناصرة- شفاعمرو، وقف ثلاثة فتية يهود، أظن أن أعمارهم لا تتراوح 15-16 عاماً. كانوا يبحثون عن توصيلة تنقلهم الى بيوتهم ، كما يبدو بعد امضاء ليلة في مواخير حيفا التي باتت تفتح ابوابها حتى امام الصغار والقاصرين دون وازع من ضمير .

ما أن أوقف شقيقي السيارة امام الشارة الضوئية حتى هرع الثلاثة نحو الشباك طالبين نقلهم في طريقنا. فسارعت وشقيقي الى الرفض، ولدينا نحن العرب الكثير من الأسباب التي جعلتنا نمتنع عن تقديم هذه الخدمة التي كانت تعتبر من اكثر الخدمات الانسانية التي يقدمها السائق قبل ان تتفشى في اسرائيل ظواهر اتهام العرب باختطاف جنود او فتيات اختفت اثارهم في ظروف غامضة، حتى وان لم يكن للعرب اي علاقة في تلك الحوادث.

المهم اننا حين ابلغناهم رفضنا نقلهم، سألنا احدهم: لماذا؟
فقلت: لانه في ساعة كهذه يجب ان لا تتواجدوا هنا وانما في بيوتكم.

ويبدو ان احدهم لم يميز اننا عرب، او ان الوقاحة لدية بلغت حدا بات لا يفاجئ في المجتمع الاسرائيلي الذي بات يمتهن الوقاحة ويتناولها كالخبز. فقد توجه الى شقيقي وقال له عبارة سرعان ما رأيت انعكاسها على وجه شقيقي الغاضب، والذي لم تمكنه الشارة الضوئية، بسبب تغير لونها، من الرد عليها. وحين داس شقيقي دواسة الوقود وانطلق سألته عما قاله ذلك الفتى فقال: "قال لي لا تخف، نحن يهود ولسنا عرباً".

اطلقت شتيمة، وثرت حنقاً على حاسة السمع المتدنية لدي التي لم تمكنني من سماع ما قاله ذلك الفتى على الفور، فربما كنت سألقنه عندها درسا في التربية الانسانية. لكن السيارة كانت قد ابتعدت عن المكان، ولم يعد بالامكان الرد على ذلك الفتى، والقول له وللمسؤولين عن تربيته: "العنصرية في عروقكم، في رؤوسكم، في خبز يومكم".

فهل تسمعني وزيرة التربية العنصرية التي تعتبر الصوت العربي في الكنيست غير شرعي، رغم انه يساوي ذات الأصوات، بل أكثر من الأصوات التي اوصلتها الى مقعدها؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي اللهجات.. مقارنة بين الأمثال والأكلات السعودية والسورية


.. أبو عبيدة: قيادة العدو تزج بجنودها في أزقة غزة ليعودوا في نع




.. مسيرة وطنية للتضامن مع فلسطين وضد الحرب الإسرائيلية على غزة


.. تطورات لبنان.. القسام تنعى القائد شرحبيل السيد بعد عملية اغت




.. القسام: ا?طلاق صاروخ ا?رض جو تجاه مروحية الاحتلال في جباليا