الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يكبلك اللامرئي ( خواطر من منبع اليأس )

ضياء البوسالمي

2014 / 2 / 2
الادب والفن


"أجلْ ! إنّي لا أعلمُ مَنْ أنا ومنْ أين نشأتُ
أنا كاللهيب النّهِم،
احترق ، وآكل نفسي
نورٌ : كلُّ ما أُمسكُهُ،
ورَمادٌ : كلُّ ما أتركُه
أجلْ ! إنّي لهيب حقّاً "

[فريدريك نيتشه]


تتراقص أمامك أشباح الموت تحمل خبرا لا تستطيع وصفه حزين ؟ مفرح ؟ ربما لا يوصف أو ربما فقدت قدرتك على
تمييز الأشياء و لم يعد لها تأثير على إحساسك...نفسك غادرت جسدك منذ مدة بعد أن ألفها و ألفته و أصبحت مجرد
وعاء فارغ تحدق في صورتك المنعكسة على المرآة : لحية كثيفة، عينان ذابلتان عبثا تحاول أن تعيدهما إلى ما كانتا عليه... كأنهما فهما القصة و أرادتا أن تريحانك من مشاهد تؤرقك. مازلت تنظر إلى صورتك في المرآة، هل جننت ؟ ربما...إذا تأملت مليا و أدركت ما يجري من حولك ستعلم حقا أن النهاية المنطقية ( ما المنطق ؟ لا أظنك قادرا على الإجابة ) هي الجنون ! صور تجتاح عقلك دون إستئذان تغمض عينيك و تحاول التفكير في شيئ جميل ( ما الجمال ؟ لا إجابة ) تريد التوقف عن التفكير تريد أن تريح عقلك وذلك ممكن في حالة واحدة... لا ! تطرد الفكار المظلمة من رأسك ربما ترى بصيصا من الأمل (و ربما لا ! من يدري ! ) فقدان الأمل قد يفقدك الرغبة في النوم، تتالى الصور العجيبة لتزيد من دهشتك
تحول سطح القمر إلى مكان لإعدامك الكثير من الناس وقفوا يشاهدون جثتك و هي تتدلى من حبل المشنقة ! ضحكاتهم أمام هذا المنظر المفزع لا تغضبك بقدر تلك الإبتسامة على وجهك ! أظنك جننت ؟ أيعقل أن تكون بين الحشود و جسدك أمامك ! ميت أنت أم حي ترزق ؟! تشتد حرارة جسدك و ينتفض صدرك بعنف كأنما يريد أن يلفظ طاقة لا يتحملها جسدك الهزيل..
أن يتحول كل شيئ إلى شيئ ، و يفقد الكل المعنى فذلك هو الهذيان !
تشتد الحمى...
كيانك تحول إلى شظايا بعد أن هزمت في المعركة، تخاطب نفسك و تنتظر إجابة ! مازال ذلك الوجه في المرآة شاردا ا يريد أن ينطق تلكمه فيسيل الدم بغزارة من يدك تفقد توازنك و تسقط كالجثة و مع أنك تنزف إلا أن أفكارك والصور التي تقلقك مازلت تغزو ذهنك حتى الألم لم يستطع إخماد ثورة غضبك !جفونك بدأت ترتخي لتعلن النهاية، تحس بشخص يحملك تحاول أن تعرفه و لكنك لا تستطيع فتح عينيك...
تتبادر إلى ذهنك العديد من الأسئلة ما الموت ؟ هل كل من يعيشون على سطح الأرض أحياء ؟تظن أنها أحجية معقدة تحاول منذ مدة تجميع قطعها و فك رموزها و لكن دون جدوى، الخدوش والندوب التي تغطي جسدك لا تحصى تماما كالتي في قلبك... إنها آثار سنين طويلة من الكفاح ، مرارا حاولت التسلق في سلم أحلامك و لكن في كل مرة تتدحرج و تعاود الكرة إلى أن خارت قواك و إنتهيت، لقد تسلى بك الدهر مدة و رماك كما يرمي الصغير دمية إنتهى من اللعب بها !عبثا حاولت النهوض و لكنك عاجز، كفرت بالأحلام و قررت أن تنزل إلى جحيم الواقع أخيرا ستخضع إلى قانونهم تنتظرك سنوات من العذاب، قد تنسى شكلك الآدمي وأنت بينهم قد تتخلى عن أفكارك لإرضائهم و لكن لم يعد يهم فقد خسرت كل شيئ !
أن تخسر كل شيئ هو إحساس نادرا ما يبقى في الإنسان أمل بعده، أن ترى أحلامك تتبخر و تندثر هو عذاب لا مثيل له ! نظرتك إلى الآخر تغير، لا تميز بينه و بين صخرة أو دابة قد تسترسل في سلسلة فكار مجنونة و يفقد الكون المعنى و منه تفقد حياتك قيمتها ! أهلا بك في جحيم الوحدة و نبذ كل كائن على وجه البسيطة، شيئا فشيئا تتحول إلى وحش
تلاحظ بعد مدة ( قد تصل إلى سنوات ) أن صفة الآدمية كذبة و أن حياة الوحوش تناسبك ! تطلق العنان للوحش الذي بداخلك و الذي لطالما قيدته و حرمته من حريته ! تنسى تلك المشاعر الزائفة، ينتهي الألم وتضمحل تلك الصور العجيبة تدريجيا... للحظة تنعم بالراحة و لكن تتذكر أنك آدمي و تتلقى ضربة موجعة توقظك من أحلامك
تستيقظ بعد مدة لا تعلم قصيرة كانت أم طويلة تراودك فكرة الإنتحار فتلتفت متثاقلا، تلتقط دفترك و تبحث عن قلم، دعنا نؤجل فكرة الموت !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي