الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديمقراطيّ دون أنسنة، زاهد دون محبّة

رضا كارم
باحث

2014 / 2 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


لخوانجيّة: المشتغلون بتجارة الدّين و تجارة المعنى من أجل تسيّد الواقع، يتّجهون نحو إعادة تكتيكات مجرّبة ناجحة .
بدأ سمير ديلو بالعودة الى المسرح . تفنّن الغنّوشي في الحديث عن العدالة الانتقاليّة و حكمة المحاسبة الفرديّة. تراجعوا عن كثير من وعودهم الدّستوريّة، مقابل ما يعدّون له من سيطرة طويلة الأمد على الواقع التّونسيّ.
المختلف أنّ التّونسيّين تجرّعوا الكأس المرّ مرّة ، و نهلوا من غوغائيّة خطاب المشاعر الدّينيّة، و قد تكون تكتيكات الغنّوشي سرابه المقبل و نهاية حلمه المفزع في حكم تونس .
هكذا هي الأشياء إلى حدّ السّاعة، نوفمبريّون ملتحون
و نوفمبريّون مدنيّون و نوفمبريّون. ليس منهم داع إلى ضرب المركزيّة في مقتل.
و لا فرض شركات تعاونيّة يشرف على تسييرها العمّال . و لا تحييد القوانين القسريّة و نفي الدّستور و تعميم مشاريع تواصل أفقي شبكيّ حرّ و إنسانيّ بين الجماهير.
إنّ اتّصدّي للخوانجيّة ، سيثمر دون شكّ ضربا لمركزيّة القيم الدّينيّة، خاصّة و قد فهم الجميع الرّهان، و أعلنوا تباعا انتماءهم الهوويّ. لكنّ إسقاط مشروع الخوانجيّة
لا يقع داخل الحقل الرّمزيّ ،إلّا بمقدار ضئيل تتركه المقرّرات الهيمنيّة الرّاسماليّة. لذلك، تسقط العمامة، و لا يسقط الاستبداد، و لا يسقط
الاعتراب و لا تكفّ المعاناة. يحتاج الأمر إلى بعض الاستقلال عن الحركة السّرديّة المتتابعة دون هوادة للفعل السّياسيّ الرّسميّ في تونس.
تلك المسافة ، تمكّن من مراقبة هادئة من أجل تمثّل هادئ ، أي موضوعيّ و لا إديولوجيّ لما تختزنه التّجربة اليوميّة من أحداث شديدة التتّعدّد.
يبدو جليّا أنّ الخوانجيّة يحوزون على خطابين مركزيّين، أوّل للدّاخل الشّعائريّ الطّقسيّ المتردّد و ثان للخارج الاحتلاليّ المهيمن.
و يغلب الخطاب الثّاني و يقرّر بدل الأّول بل و يحدّد له أزمنة و فضاءات الحضور.
زعيمهم في دافوس، جاهد من أجل صورة الدّيمقراطيّ الراّفض للعسكر، و المضحّي بالحكم من أجل سلامة بلاده، و المتفهّم للإلحاح الاجتماعيّ...
فيما يفرض حملة انتخابيّة يستند خلالها إلى أداء ما قبل 23أكتوبر 2011، مراكما صورة "المناضل الذي يضحّي في كلّ مرحلة . يُسجن لأجل تونس و يترك الحكم لأجلها أيضا"،
في حين أنّه سُجن من رفيق دربه بن علي و اغتصب الحكم معتمدا تزوير الإرادة الجماهيريّة في تحقيق الضّرورات التي من أجلها ثار البركان الخامد .
لم يكن الخوانجيّة تعبيرا عن قرار شعبيّ واسع. إنّهم صناعة إعلاميّة تمّ تضخيمها بشدّة. و قد انهاروا فجأة تحت ضربات الفشل و العجز و انفضاح مشروع سرقة الثّروة و احتكار المال لصالح منتسبيهم و قوّاديهم.
إنّ عمليّة سياسيّة مباشرة، ينخرط فيها المعنيّون باستعادة الحقّ في الحياة، ستنفي دون شكّ هذه البضاعة الشّهوانيّة الكاسدة المسمّاة خوانجيّة.
لكنّ واقع التّبعيّة الخوانجيّة للاحتكار الرّأسماليّ لوسائل البقاء بكرامة، لا يعني أنّ غيرهم ممّن تقترحه الفضاءات العامّة الرّسميّة ، بديل مناسب.
بل ربّما يكون أفضع من زاوية جشع مضاعف للهيمنة و سلب الحقّ كلّه و القمع الوحشيّ باسم الحداثة و قيمها.
الخوانجيّة مثل نداء تونس و التكنوقراط و الحركة الليبرالية ،أشكال مختلفة للارتباط
و تنوّع مزيّف داخل جسد استغلال و تغريب للذّات الإنسانيّة..
_______________________








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أسلحة الناتو أصبحت خردة-.. معرض روسي لـ-غنائم- حرب أوكرانيا


.. تهجير الفلسطينيين.. حلم إسرائيلي لا يتوقف وهاجس فلسطيني وعرب




.. زيارة بلينكن لإسرائيل تفشل في تغيير موقف نتنياهو حيال رفح |


.. مصدر فلسطيني يكشف.. ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق ل




.. الحوثيون يوجهون رسالة للسعودية بشأن -التباطؤ- في مسار التفاو