الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حزبية الديني في المغرب

حميد المصباحي

2014 / 2 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


يبدو المغرب محافظا على استقراره بثمن باهض,و تضحيات بكل ما يمكن أن يشكل
دعامة لنموه,و كأن حزب العدالة و التنمية هو المؤهل الوحيد لفهم هذه
الحقيقة الغائرة في عمقها و سريتها,فقد قرر التضحية هو نفسه برصيده
الجماهيري الإنتخابي,ليدرك في الأخير أنه غدا ورقة محروقة غير صالحة
للرهان عليها في المستقبل,فلماذا يفعل عبد الإلاه بن كيران ما يعرف أنه
لن يكون مفيدا للحزب في معاركه المستقبلية؟؟و كيف لجمعية الحزب
الدعوية,أي الإصلاح و التوحيد الصمت عن هذه التوجهات,التي انتهت بتصريح
رئيس الحكومة عندما خاطب المؤتمرين خارج البلد بأن موجة اقتلاع
الإسلاميين آتية لا محالة في اتجاه المغرب؟؟
1حزب المرحلة
يدرك قادة العدالة و التنمية أن الحاجة إليهم,كانت دولية و محلية و حتى
وطنية,من خلال الثقة التي ربحتها الأحزاب الدينية الإسلامية في العالم
العربي,بعد الثورات و الإنتخابات التي عرفتها هذه المجتمعات و تبوأت فيها
قوى الإسلام السياسي الرتبةالأولى,لكنها بعد التأسيس,وجدت قوى الإسلام
نفسها عاجزة عن إبداع التصورات و الإجراءات الحامية للديمقراطية,و
المصلحة للوضع الأجتماعي الهش,إضافة إلى ضيق نفس الإسلاميين فيما يتعلق
بحواراتهم الملغومة و احتكامهم الغريزي للقوة و سرعة التهديد بها,سواء
بالتظاهر و شد الحبال,أو التفجير العنيف للمجتمعات كما يقع حاليا بمصر
ووقع باليمن لولا الوعي السياسي للقوى المدنية و كذلك الأمر
بليبيا,العدالة و التنمية المغربي في المرحلة الراهنة و بقياداته
السياسية يدرك ضرورة الحفاظ على الوضع بالتضحيات,التي تعني تحقيق
الإصلاحات المؤلمة للمجتمع و المكلفة لمكانة الحزب,لكن هذه القيادة,أيقنت
أنها تحتاج لما يجعل منها قائدة فكرية في العالم العربي و الإسلامي ,بما
تعتبره الإسلام المغربي البرغماتي سياسيا لتقدم لكل الجماعات الإسلامية
مقترحها الذي سبق لحركة الإخوان المسلمين أن رفضته,و هو التفريق بين
الرهانات الإسلامية و الرهانات السياسية,و لكل واجهة رجالاتها,الذين
عليهم القبول بحقيقة كون الإسلاميين الذين بقوا لفترات طويلة حبيسي
قياساتهم الفقهية,لا يصلحو لممارسة السياسة,بينما هناك آخرون احتكوا
بالتجمعات السياسية و النقابية و كل أشكال الصراعات ضد الخصوم و الأعداء
.
2 تجربة اللعبة
احتاج الحزب الإسلامي المغربي لتجربة الحكومة,بعد أن كان باهتا في
المعارضة,التي كانت فيها معارضته للحكومات السابقة وعظية و
انفعالية,أثارت الإنتباه إليه,لكنها جعلته في وضع مثير بالنسبة
للنخبة,فقد رأت فيه محاولا كسولا لتقليد حزب العدالة و التنمية
التركي,ليس بالإسم فقط,بل بالأفعال و السلوكات,لكنه فشل في ذلك,بردود
فعله التي كانت مثار جدل حتى بين أتباعه و قياداته,و الكل يتذكر معاملته
لصحفية ترتدي لباسا لم يرق لبعض قيادييه,والغريب أن تلك المعارضة التي
بدا فيها حزب العدالة و التنمية إسلاميا في الوعظ و سياسيا في التحالفات
و التعاقدات التي تحكمت فيها جمعية الإصلاح و التوحيد,تاركة للحزب حسن
التكيف مع المشهد السياسي المغربي,بأحزابه و سلطاته,ربما لهذه الأسباب
كانت تجربة الحكومة ضرورية له و لو من منطلق التحالف مع حزب أغلبي,قريب
منه إيديولوجيا أو بعيد,لكن الصدف التاريخية تشاء,أن يكون هذا
الحزب,الأغلبي هو العدالة و التنمية نفسه,و في ظل دستور جديد,فاجأته
سلطاته المخولة لرئيس الحكومة,فليس المهم حاليا لقيادته الإستمرار في
الحكومة على ما يبدو مؤخرا,بل تجربة الحكومة.
3أهمية اللعبة
يمكن القول إن حزب العدالة و التنمية استفاد بتجربته الحكومية من معرفة
اللعبة الديمقراطية بالمغرب,فقد خبرها فعليا و عن قرب,و أثبت قابليته لأت
يصير حزبا سياسيا إسلاميا,يعول عليه في التصدي لكل الأطراف المغامرة من
الإسلاميين,بل يمكن القول بأنه أثبت قدرته على التأثير في أتباعها من ذوي
الطموحات السياسية,الذين جر بعضهم للتصويت على منتخبيه,بينما تنظيماتهم
انتبهت كالعدل و الإحسان لهذا الرهان,فسمحت للمنتمين لها بالتصويت على من
تراهم مؤهلين لدفع الضرر على الأقل إن لم يوجد من من يجلب
المنافع للمسلمين,لكأن العملية عبارة عن إشارات رمزية مفادها ألا خوف من
الإسلاميين ما داموا قريبين من موقع القرار سواء كانوا في الحكومة أو في
البرلمان كمعارضة,بإمكانها المساهمة في بناء التجربة الديمقراطية بترسيخ
التعدد,بعيدا عن محاولات تصوير إسلاميي المغرب كاستمرار لحركات الإخوان
المسلمين بمصر و سوريا أو الأردن.
4تهديداللعبة
كثيرا ما كان حزب العدالة و التنمية يهدد بالنزول للشارع,معتقدا بأن
قواعده ليست متحركة,و هذه حقيقة,فالمرتبطون بالحزب الديني,لا يرتبط دعمهم
له بما ينالونهم اقتصاديا و سياسيا و خصوصا الأتباع من الدرجات الدنيا,إذ
يصورون أنفسهم حسب دعاية الذراع الدعوي,بانهم زاهدون في المصالح,و لا
يسعون إلا لنيل أجر الآخرة,و يدافعو عن هذه الأفكار حتى لا تقع صراعات
الأطماع بين القاعدة و القيادة كما حدث للكثير من الأحزاب السياسية
المغربية,و خصوصا اليسارية منها,أما غيرها فقد اعتبرت الأمر طبيعيا و هو
وجدت لتنتفع بالوصول إلى الحكومة و توزmيع المناصب بما هي مسؤوليات لها
إغراءاتها الخاصة,و الكل يدرك هذه الحقائق و يعمل على منوالها بوضوح.
خلاصات
السياسة في المغرب سوف تكمل دورتها,بتجريب اليميني,تلاه اليساري,ثم
الديني,و لم يصل المغرب إلى تحقيق إقلاعه الإقتصادي,ترى هل ستفتح دورة
أخرى,تفرض تجريب اختيار آخر,كالقومي مثلا,أم سوف تعاد الدورة من جديد؟
سؤال,لا ينتظر إجابات و لا يحتمل التأخير قبل الإنتخابات التشريعية
القادمة,التي تحتاج لرؤية جديدة,لن تكتسب جديتها و جدتها بدون الجواب على
هذا السؤال,و إلا فسوف تجد صناديق الإقتراع أكثر خفة بحيث لن تحتاج لمن
يحملها,لخفتها و ربما لخوائها.
حميد المصباحي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غموض يلف أسباب تحطم مروحية الرئيس الإيراني؟ • فرانس 24


.. التغير المناخي في الشرق الأوسط: إلى أي مدى مرتبط باستثمارات




.. كيف يسمح لمروحية الرئيس الإيراني بالإقلاع ضمن ظروف مناخية صع


.. تحقيق لـCNN يكشف هوية أشخاص هاجموا مخيما داعما للفلسطينيين ف




.. ردود الفعل تتوالى.. تعازى إقليمية ودولية على وفاة الرئيس الإ