الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عباءة عبد الناصر التى يرتديها السيسى

عبد السميع جِميل

2014 / 2 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


من ناحية التكوين الثقافى والفكرى والوطنى تجد عبد الناصر وهو لايزال طالب يخرج للمشاركة فى مظاهرة فى ميدان المنشية بالاسكندرية للتنديد بالاستعمار الانجليزى , بل وتجد أنه تم القاء القبض عليه حينها وتم احتجازه ليلة فى السجن , وتجد أيضاً أنه كان له نشاط سياسى وثقافى ملحوظة منذ الصغر حيث كان يشترك بالتمثيل فى عدة مسرحيات بالمدرسة , ويقوم بكتابة مقالات بمجلة الحائط بالمدرسة , ويهتم بدراسة كتب التراث والتاريخ والفلسفة , حتى كان أحد مقالاته بالمدرسة بعنوان : فولتير رجل الحرية . وفولتير هذا هو الفليسوف الفرنسى الشهير .

فى سنة 1935 قام جمال بنفسه بقيادة مظاهرة طلابية ضد الحكم البريطانى وذلك احتجاجا على بيان وزير الخارجية البريطانى الذى يرفض فيه عودة الحياة الدستورية فى مصر , وكان جمال أيضاً من اشد المعارضين للمعاهدة البريطانية المصرية عام 1936م التى كانت تنص على استمرار وجود قوات عسكرية بريطانية فى مصر , وحينما تقدم للالتحاق بالكلية الحربية كانت الشرطة قد سجلت مشاركته فى احتجاجاته المناهضة للحكومة , فتم منعه من دخول الكلية , فالتحق بكلية الحقوق لمدة عام , ثم قام بتقديم استقالته من كلية الحقوق واعاد تقديم طلب الانضمام الى الكلية العسكرية واستطاع حينذاك مقابلة وزير الحربية وطلب مساعدته فوافق على طلب انضمامه للكلية العسكرية .

كان جمال قد بات مُسيساً يسعى للكفاح فى سبيل تحقيق الاستقلال لبلاده , وذلك بفضل المظاهرات الطلابية التى كان يشترك فيها من قبل , تلك التى اتاحت له الإحتكاك بأفكار الأحزاب المصرية المختلفة كحزب مصر الفتاة والحزب الوطنى وجماعة الإخوان المسلمين ومنظمات اليسار المصرى وغيرها , مما جعله وهو فى الجيش يفكر فى تشكيل مجموعة من ضباط الجيش لعمل تنظيم سرى للقيام بثورة على الملك , ذلك التنظيم الذى سمى بالضباط الأحرار الذين قاموا بثورة يوليو .

بعد القيام بالثورة عرض الضباط الأحرار على حزب الوفد أن تنقل إليه السلطة بشرطين ؛ الأول أن يضمن الوفد جلاء البريطانيين عن منطقة قناة السويس , والثانى يخص تطبيق الإصلاح الزراعى الذى يحدد حيازة الملكية الزراعية بـ200 فدان للفرد لتحقيق أول خطوات العدالة الاجتماعية , وتم رفض الشرطين من الوفد , وبهذا الرفض تحمل مجلس قيادة الثورة المسئولية كاملة .

وحين أصبح جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية كان لديه مشروع حقيقى على المتسوى الداخلى والخارجى ؛ ويتلخص الشق الداخلى منه بالإنحياز للفقراء , وذلك الإنحياز كان يترجم بفكرة الإصلاح الزراعي , والقضاء على الإقطاع , واجتثاث الفساد , وتطبيق خطة تنمية زراعية وصناعية ثقيلة تحقيق الاكتفاء الذاتي في مختلف المجالات بحيث يأكل المصري مما يزرع ويلبس مما يصنع .. ويتلخص الشق الخارجي من مشروعه فى مساندة حركات التحرر فى العالم بأسره والتصدى للمشروع الصهيوني والاستعمار الغربي في المنطقة العربية والإسلامية , وهو الأمر الذى كان ولايزال يشكل خطراً على الأمن القومى المصرى بكل تأكيد .. وسواء أتفقت مع عبد الناصر أو أختلفت معه , فلا يمكن أن تنكر أنه جعل من مصر دولة عظمى محترمة عربيا ودوليا , وحقق لها بالفعل الاكتفاء الذاتي .

هذا هو عبد الناصر , أما السيسى فلا نعرف له تاريخ سياسى ونضالى سابق سوى هذا الموقف الفريد الوحيد الذى لم يتخذه بمبادرة شخصية من نفسه , وإنما بطلب من الشعب , فلو لم ينزل الناس فى 30 يونيو لكان السيسى حتى تلك اللحظة التى تقرأ فيها هذا الكلام يؤدى التحية العسكرية لمرسى !! .

ويبدو أن الأمر الوحيد الذى يربط بين عبد الناصر والسيسى أن هذا وذاك ينتميان للمؤسسة العسكرية , ولكن هذا الأمر لا يجعلنا نسلم بأن السيسى هو ناصر جديد , ولا يعطينا مبرر حقيقى لإرتداء الرجل عباءة عبد الناصر , فالسادات وعبد الناصر من نفس المؤسسة العسكرية , وكان لكلا منهما توجهات سياسية مختلفة تماماً داخلياً وخارجياً , وأنا كنت أتمنى أن يكون السيسي عبد الناصر بالفعل , ولكن الحقيقة أن الرجل يسير فى طريق السادات وليس عبد الناصر إطلاقاً , وهو الأمر الظاهر جداً فى سلوكه الفعلى وجميع التسريبات الخاصة به , هذا إن أعتبرنا بعض التوجهات الإقتصادية الخاصة به والتى ظهر منها ما يخص إلغاء الدعم أو غيره تعد مشروعاً , فالرجل طوال حياته وحتى الأن لم نراه فى أى حظبة ولا فى أى جملة ينتصر للعدالة الإجتماعية والإنحياز للفقراء ومحاربة الفساد والإحتكار والخصخصة , كما اننا لم نرى له أى موقف قومى يختلف عن موقف دولة مبارك فيما يخص القضايا العربية المحيطة بنا فى سوريا وليبيا والسودان وفلسطين أو حتى فيما يتعلق بقضيتنا مع دول حوض النيل فى أفريقيا , ولا أحد ممن ينجرفون إلى تأييده للترشح لرئاسة الجمهورية يعلم خلفيته الثقافية ومشروعه الفكري , وهو ما يجعلنا لا نجد له أى أمارة ليكون عبد الناصر جديد أو قديم .

ان السيسى يعتمد حتى فى كاريزما الخطابه لديه على العاطفة وروح الأبوية التى تشبه إلى حد ما بالسادات وليس عبد الناصر ؛ فالسيسى يعطيك طول الوقت إنطباع أنه يتعامل مع اطفال وأبناءء وليس أصدقاء ورجال فيقول : انتوا مش عارفين ان انتم نور عينينا ولا ايه ؟ .. احنا ايدينا تنقطع لو اتمدت عليكم . بينما عبد الناصر كان طول الوقت وهو يخاطب الشعب يعطيك إنطباع أنه يتحدث إلى مجموعة من أصدقاءه وشركاءه , فيقول : أيها الإخوة .. أرفع رأسك يا أخى .

فأرجوا من الأخوة الذين يربطون بين السيسى وعبد الناصر أن ينتبهوا جيداً لأن عباءة عبد الناصر واسعة جداً على السيسى .

عبد السميع جِميل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون: أنجزنا 50% من الرصيف البحري قبالة ساحل غزة


.. ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟




.. المقاومة الفلسطينية تصعد من استهدافها لمحور نتساريم الفاصل ب


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل لاتفاق وعلى حماس قبول ال




.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منزلا في الخليل