الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حماس ورأس الذئب الطائرة في القاهرة

خضر محجز

2014 / 2 / 3
القضية الفلسطينية


وفق المفهوم القطبي، لا ضرورة ــ لدى الإخوان المسلمين ــ لامتلاك تصور واضح لإدارة الدولة، في مرحلة التمكين. ولسان حالهم يقول: فليأتِ التمكين أولاً، ثم نفعل به ما بدا لنا.
ولقد أثبتت حركة التاريخ، وثورة المصريين، أن هذا الفهم (الإخواني) مضاد تماماً لما حلم به ثوار 25 يناير. فلقد أراد الشعب المصري الخبز والحرية والعدالة، ولم يرد أن يرهن نفسه لجماعة، تجرب عليه حكماً، يعدها بجنة في السماوات، فيما يتمتع أعضاء (جماعة السماوات) بجنته على الأرض.
ولأن الإخوان المسلمين كذلك، ولأنهم متمتعون بذلك، ومطمئنون إلى ذلك، فقد رأيناهم وقد فوجئوا، بأن لمرحلة الدولة مطالب تختلف عن مطالب مرحلة المعارضة. لذا فقد وقفوا عاجزين، وغير راغبين، في التفريط بما (امتلكت أيديهم)، فأخذوا يبحثون عن ضرورة الاستخفاء وراء بعض الأقنعة التنكرية. لقد تنكروا على الشعب طويلاً، بقناع العدو الأيديولوجي لإسرائيل، ولأن وقت الدولة لم يعد يسمح بهذا، رأيناهم ينزعونه هذا القناع عن وجه ــ لا نعرف إن كان هو الحقيقي، أم آخر مثل سابقه ــ ليصفوا العدو السابق بالصديق، الذي يرجون له دوام التقدم والسعادة، على أرض الفلسطينيين.
إنه منطق الأزمة، لدى أناس طالما ادعوا أنهم يملكون حلولاً سحرية، شاملة ونهائية، لكل المشاكل، تحت الشعار المخادع (الإسلام هو الحل).
ووفق منطق الأزمة، هذا يمكن تفسير عودة أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني، المؤيدين للسيد محمد دحلان إلى غزة.
لقد عاد بعضهم أخيراً. لكن قبل (أخيراً) هذه، كنا قد قرأنا تصريحاً للسيد زياد الظاظا، القائم بأعمال رئيس حكومة غزة، يقول فيه بأن غزة ستشهد انتعاشاً اقتصادياً قريباً. وكأن الرجل وقع على كنز!. فمن أين أتاه هذا النبأ؟ وهل هناك رابط بين هذا التوقع (المبتهج) وعودة قادة فتح من أنصار محمد دحلان؟
بادئ ذي بدء، دعونا نقل: بأنه لا يمكن تصور حدوث تقارب بين محمد دحلان وحماس، لا لاختلاف الأيديولوجيا فحسب، ولا لاختلاف الاجتهاد السياسي كذلك، بل لأن واقع ما يجري يدل على العكس من ذلك تماماً. فمحمد دحلان يقيم في الإمارات، ومقرب من القيادة المصرية الجديدة ــ وكلاهما لا يخفي عداءه لحماس ــ ويواصل قصف مواقف حماس بكل ما أوتي من قوة، فيما تواصل حماس قصفه بكل أنواع الشتائم. فما عدا مما بدا؟
يتناقل الناس في غزة همساً ــ والهمس في البلدان التي تحكمها أنظمة شمولية بديل حقيقي، وصادق غالباً، عن الرواية الرسمية ــ بأن هناك رغبة مصرية في التخفيف عن مواطني غزة. لكن هذه الرغبة تصطدم بما يعلمه الجميع، من أن أي تخفيف يُقصد به الشعب في غزة، لن تصل نتائجه إلى الشعب في غزة، إلا بعد أن يشبع من ورائه حكام غزة ــ تلك طبيعة الأشياء في هذا الواقع الغزي المحرور ــ وهذا آخر شيء تفكر فيه القيادة المصرية.
فماذا يتناقل الناس كذلك؟
يتناقلون ما مفاده أن المصريين يفكرون في مساعدة شعب غزة، عن طريق حليف مختلف، يستحق ثقتهم. ويتناقلون بأن محمد دحلان يستطيع أن يكون هذا الحليف.
فإن صح ذلك، فتلك مهمة مشرفة لمحمد دحلان، وذات فائدة في آن: مشرفة لأنه يخدم شعبه، وذات فائدة لأنه سوف يستطيع من خلالها أن يعيد بناء مواقعه في غزة، بتكليف أنصاره بمهمة توزيع المساعدات، أو تسويق التسهيلات، باعتبارها إنجازاً فتحاوياً لمحور دحلان، يشق من خلاله هذا الجدار الكثيف من الحصار، المضروب عليه من طرفين.
هذه فائدة لمحور دحلان.
فما هي الفائدة المرجوة منها لحركة حماس، حتى تسبق ذلك بهذا الابتهاج من السيد زياد الظاظا؟
لا يغيب عن بال أحد بأن الأوضاع في غزة كارثية، بما لا يمكن تقدير عواقبه. ومهما حاولت حكومة غزة دفن رأسها في الرمال، فإنها تحتاج أن ترفع رأسها، بين الفينة والأخرى، ضرورة التنفس. وكلما رفعت رأسها، تبين لها أن حكمها قائم على القوة، والقوة وحدها. إنها تدرك أن عدم قدرتها على تسديد رواتب منتسبيها، يهدد وجودها من الجذور. وها نحن وقد بتنا نسمع هؤلاء المنتسبين يتذمرون. ولا شك بأن حماس قد حدثت نفسها مراراً: كيف يمكن أن تأمر شخصاً بإطلاق النار، على تظاهرة سلمية ــ على سبيل المثال ــ وأنت لم تدفع له راتبه؟
أيها الإخوة، إننا في خطر. دعونا نخذل من أعدائنا ونبتسم في وجوههم. ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم ــ والكلام ما يزال منطلقاً من وعي كهنة حماس ــ "إنا لنبشّ في وجوه أقوام وقلوبنا تلعنهم"؟
سيقولون: سنبشّ في وجوه هؤلاء إلى حين. ولنرَ ما يستطيعون أن يقدموه من تسهيلات، في العلاقة مع القيادة الجديدة في مصر. لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً..
هكذا تدير حماس دولتها بمنطق الأزمة، متناسية رأس الذئب الطائرة في القاهرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتياح رفح.. هل هي عملية محدودة؟


.. اعتراض القبة الحديدية صواريخ فوق سديروت بغلاف غزة




.. الولايات المتحدة تعزز قواتها البحرية لمواجهة الأخطار المحدقة


.. قوات الاحتلال تدمر منشآت مدنية في عين أيوب قرب راس كركر غرب




.. جون كيربي: نعمل حاليا على مراجعة رد حماس على الصفقة ونناقشه