الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(جنيف 2)

محمد سيد رصاص

2014 / 2 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


التسويات تعقد إثر نزاعات داخلية إما عبر مؤتمرات تعقدها الأطراف المحلية المتنازعة أومؤتمرات يرعاها الخارج:في لبنان مابعد13نيسان1975 تم تجريب "حوارات في ميدان سباق الخيل" ببيروت في السبعينيات ولم تنجح وليتم اللجوء بعدها في النصف الأول من الثمانينيات إلى (لوزان)و(جنيف) ،وبعد عدم نجوعها هي و"الاتفاق الثلاثي"في نهاية عام1985 بدمشق كان (اتفاق الطائف)في خريف1989وصفة لتوافق واشنطن- دمشق- الرياض تم فرضها على متصارعين محليين لم يستطيعوا الاتفاق أويتغلب أحدهما على الآخر. في (اتفاق دايتون)عام1995في البوسنة كان الوضع شبيهاً بلبنان.
في الأزمة السورية الناشبة منذ18آذار2011 حتى الآن لم يستطع المتنازعون المحليون التوصل إلى تسوية بعد فشل الجميع في الحسم العسكري،ولم يحاولوا أويجربوا،ليتم التعريب في خريف2011مع مبادرة الجامعة العربية في طبعتيها بتشرين ثاني2011وكانون ثاني 2012والذي فشل مع فيتو4شباط 2012الروسي- الصيني ضد مبادرة الجامعة الثانية عندما حملت الأخيرة إلى نيويورك،وليعلن ذلك الفيتو عن تدويل الأزمة السورية وتجاوز السورنة والتعريب وهو ماتجسد في بيان جنيف يوم30حزيران2012الذي أتى حصيلة لتوافق البيت الأبيض والكرملين مع غياب لافت للرياض وطهران يومها عن ذلك اللقاء الذي جرى بجنيف .
خلال ماينوف على سنة ونصف تفصل بين (جنيف1) و(جنيف2)في22كانون ثاني2014 تم تجريب (العنف المعارض) منذ تموز2012بشكل منهجي بتشجيع فرنسي – تركي- خليجي مع اغماض عيون واشنطن،وفشل،وفي المقابل لم تستطع السلطة السورية الحسم العسكري- الأمني مع اسناد من موسكو وطهران. منذ يوم7أيار2013مع اتفاق كيري- لافروف بموسكو كان واضحاً أن هناك بداية عملية لتطبيق توافق(جنيف1) كانت ممراته العملية في (اتفاق جنيف حول الكيماوي السوري)في14أيلول و(اتفاق تنظيم الوجود الأميركي في أفغانستان حتى 2024)في 20تشرين ثاني ثم (اتفاق جنيف حول الملف النووي الايراني)يوم24تشرين ثاني:كان (جنيف2)،الذي حدد موعده في22كانون ثاني باليوم التالي للاتفاق الأميركي- الايراني،كشافاً لكم أن التسوية السورية هي حصيلة توازنات دولية – اقليمية لايمكن فصلها عن تواريخ7أيار و14أيلول و20تشرين ثاني و24تشرين ثاني2013وليست بوصفها حصيلة للتوازنات السورية المحلية.
(جنيف2) هو (يالطا2)،مادام الشرق الأوسط منذ (اتفاق يالطا) في شباط1945،قد ترك من قبل القوى العظمى ساحة مفتوحة للصراع،وقد كان هذا واضحاً منذ (مشروع أيزنهاور)5كانون ثاني1957الذي طرحه الرئيس الأميركي ل"ملء الفراغ"البريطاني- الفرنسي بعد أن أظهرت حرب السويس قبل شهرين أفول شمس لندن وباريس،تلك الحرب التي تعاونت واشنطن وموسكو على افشال خطط أنطوني ايدن وغي موليه فيها. بين 1957وحرب حزيران1967كان هناك "حرب باردة " في الشرق الأوسط بالنيابة عن واشنطن وموسكو في( عراق عبد الكريم قاسم) الذي كان الانقلاب البعثي عليه وعلى حلفائه الشيوعيين يوم8شباط1963مدعوماً من واشنطن،وفي (حرب اليمن)،ثم قامت تل أبيب بتوجيه ضربة كبرى ضد موسكو،رداً على فييتنام،عبر ضرب عبدالناصر في حرب1967،وهو ماكان ارهاصاً بفقدان موسكو لقوتها في الشرق الأوسط بفترة السبعينيات،ثم باختلال التوازن الدولي في الثمانينيات عبر الحرب الأفغانية و(حرب النجوم)،ومن ثم سقوط (حلف وارسو) عام1989و(البناء السوفياتي الداخلي)في1991.لم يكن صدفة محاولة واشنطن بعد انتصارها على موسكو في الحرب الباردة أن تحاول ابتلاع الشرق الأوسط منفردة عبر محطات(حرب1991) و(تسوية مؤتمر مدريد) ثم عبر (احتلال العراق)الذي طرحه وزير الخارجية الأميركي كولن باول بوصفه بوابة بغدادية ل"إعادة صياغة الشرق الأوسط".لم تنجح واشنطن في هذا،وقد بان في فترة 2006-2010مقدار تراجع مشروعها عبر محطات(حرب تموز)و(14حزيران بغزة)و(7أيار2008ببيروت)و(انحياز المالكي لطهران في عام2010)بعد أن كان "شركة مساهمة أميركية- ايرانية "منذ توليه منصبه في أيار2006ثم (سقوط حكومة الحريري بالشهر الأول لعام2011).حاولت واشنطن ترميم نفوذها عبر المركب الاسلامي الاخواني مع "الربيع العربي" بعامي2011-2012وفشلت .
كان اتفاق 7أيار2013اقراراً أميركياً بفشل محاولة الهيمنة الأميركية على الشرق الأوسط ،وابداء استعداد واشنطن لعقد يالطا شرق أوسطية:كان اتفاقها مع موسكو في 7أيار و14أيلول تعبيراً عن اقرارها بأولوية روسيا في سورية، وليس صدفة أن تكون كلمة لافروف في (جنيف2) قبل كلمة كيري،ولاتلك العقود الضخمة حول الغاز والنفط التي عقدتها موسكو مع دمشق قبيل قليل من (جنيف2).بالمقابل يدل اتفاق24تشرين ثاني2013مع طهران، الذي تم فيه مقايضة تفكيك النووي الايراني باعتراف أميركي بأولوية طهران في بغداد،على أن واشنطن تريد تنظيم خروجها من الشرق الأوسط لكي يتم التركيز عندها على الشرق الأقصى لمواجهة العملاق الصيني السريع النمو،مع بقاء واشنطن في المنصة الأفغانية المحاذية للصين،عبر اعتراف بنفوذ موسكو وطهران في المنطقة،وربما أيضاً مع اعتراف أميركي بنفوذ السعودية في المنطقة الممتدة من الكويت إلى صنعاء،وهو مايفسر طرح الرياض لفكرة الاتحاد الخليجي بعد قليل من الاتفاق الأميركي- الايراني.
قبل أشهر قال الأخضر الابراهيمي بأن (جنيف 2) هو"حصيلة توازنات غير سورية".على الأرجح أن مشاركة السعودية في المؤتمر يدل على دخولها في الصفقة الروسية- الأميركية حول المنطقة،ومابوادر تساهل الحوثيين في الاتفاق اليمني الأخير سوى بوادر لتقاربات مع الرياض من قبل طهران ردت عليها الأخيرة في بيروت عبر بوادر لتسهيل تشكيل حكومة تمام سلام،فيما تريد واشنطن من الكباش الذي تقوم به مع طهران تجاه مشاركتها في (جنيف2)تحديد السلوك الايراني في التسوية السورية.
على مايبدو أن (جنيف2)هو منصة سورية لصفقة دولية- اقليمية تشمل المنطقة الممتدة من كابول إلى الرباط ومن اسطنبول إلى عدن،يتم عبره تسوية أزمة محلية تحولت إلى أكبر ساحة للصراع الدولي والاقليمي في فترة مابعد الحرب الباردة،وليتم عبرها رسم خرائط النفوذ الدولي – الاقليمي في عموم منطقة الشرق وفي كل بلد على حدة،تماماً كماكانت يالطا عام1945في تحديدها لخرائط النفوذ السوفياتي- الأميركي في بلدان القارة الأوروبية. على مايظهر هي صفقة أميركية- روسية- ايرانية- سعودية،مع استبعاد الأتراك والأوروبيين،ومع تحجيم باتفاق رباعي للمد الذي عاشه التيار الاسلامي منذ السبعينيات في عموم منطقة الشرق الأوسط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #ترامب يهدي #بايدن أغنية مصورة و النتيجة صادمة! #سوشال_سكاي


.. التطورات بالسودان.. صعوبات تواجه منظمات دولية في إيصال المسا




.. بيني غانتس يهدد بالانسحاب من حكومة الحرب الإسرائيلية


.. صحفيون يوثقون استهداف طاي?رات الاحتلال لهم في رفح




.. مستوطنون ينهبون المساعدات المتجهة لغزة.. وتل أبيب تحقق