الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف .. صار الجلاد مجاهداً

ياسين الياسين

2014 / 2 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


في العراق كل شيء مختلف ، وكل شيء فيه يختلف عن الأخريات من الدول ، ففي كون نظام حكمه شمولياً أيام الطاغية وديكتاتورياً فهو عندها ليس ككل النظم الشمولية والديكتاتورية في العالم ، فقد قتل أولائك بالسيف ضحاياهم ، ورمياً بالرصاص مناوئيهم ، وديكتاتورنا وطاغيتنا وضع أشقائنا وأولادنا بأحواض التيزاب ، وآخرون قطع ألسنتهم تبعها بقطع رؤوسهم ، وآخرون نالوا منه رحمة من عذاب التيزاب وألم قطع اللسان ، فأراحهم بطريقة الطغاة عن طريق دفنهم أحياءاً في مقابر جماعية لكي يرى كل منهم صورته وأقرانه من خيرة شباب الأمة يموتون سوية في مصير واحد ومآب إلى الله واحد ومآل إلى جنانه واحد .. ليبقى مصير الطاغية وأزلامه الخائبين إلى ذل النفس ومهانة الذنب والأحساس المميت بخسّة الفعل وشنيعة الجرم ، وليذوي بعدها في إزمة نفسية تطارده ليل نهار لاتبرح منامه فتقض مضجعه وتؤرّقه حتى ضياء الفجر الأول ، فيصبح يومه أسوداً مهووساً ، فينفض عنه رفاق السوء وأنصار الشر غبرة ذلك الهم بأستشارة جديدة ليوم مناسباتي جديد يبتدع عنوانه أحدهم من أولائك أراذل الناس ونجاسة ماثقل من الماء ، فيشرع أراذلهم في مناطق العراق يطرقون الأبواب ويأخذون بقياد الشباب والكهول إلى مسيرات يتصنّعونها وطنية ليرفعوا الهم والغم عن قائدهم البغل والضرورة ، وهكذا قضى العراقيون أحلك أيام حياتهم في جحيم ظلام دامس وحيف ظلامة ليس بعدها ظلامة .
وبعد إنجلاء الغبرة بفضل العم سام ولاغير ، ودخول المهزومين من الطاغية على خط الأنجلاء ذلك وإدعائهم الجهاد والكفاح ضد الطاغية وإسقاطهم إياه زيفاً وسط رضى وغض نظر من العم سام عن تفاهات تلك الأدعاءات وترّهات خطاباتهم التي عرّكوها بخضم النضال الجهادي وتم تضخيمه وضخّها حزماً تلو أخرى صوب أسماع ومشاهد الشعب المجروح بل والذي مازال جرحه ينزف من هول آلة الطاغية وعذابات أزلامه وأرجاسه الأنجاس ، والذي وقف ومازال مبهوراً من غرابة المشهد فهو يرى كيف أن الجلاد بالأمس يتظلّم اليوم بدماء أبناء عمومته الذي أعدمهم بنفسه ، وبما أبدعت أنامله من عبارات نمّقها لسيّده ومولاه طاغية العراق فتعلّق على أثرها أبناء عمومته على صلبان الحرية وأعواد الكرامة ليعود بعد التغيير ليدعي الظلامة لنفسه بدم أولائك الأحرار من ضحاياه والأنتساب لهم بشرف بعد أن كان يعاف الأنتساب لهم بالأمس وتنكر لقرابتهم له ، وصار يذرف الدموع لأعدام ضحاياه من قبل النظام السابق ، وإنهالت أثر ذلك عليه المكرمات من النظام الجديد ، وتسابقت إليه الحوافز والأمتيازات ، وصار ينظر إلى الأشراف من القوم ومن عليتهم على أنهم هم الجلادون بالأمس ، ولم ينالوا شيئاً من إنصاف أومكرمة في عدل ، وهكذا ترى الناس سكارى وماهم بسكارى ، وقد إختلط عليهم الحابل بالنابل وهم يرون حكومتهم نفسها تستنجد بأزلام نظام الأمس وتعطيهم الجاه والمال وتمنحهم المناصب ، وأشراف القوم ونزيهي الجانب والضمير منسيين على الرفوف وتغييب ومسغبة ، وهم مازالوا والآخرون من أبناء الأمة مذهولون وينتظرون .. ولكن ماذا ينتظرون وقد أسس أولائك لهم داخل الدولة دولة أخرى ربما هي أكبر سطوة وأمضى قوة من ذي قبل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بسبب نقص الغاز، مصر تمدد فترات قطع التيار الكهربائي


.. الدكتور غسان أبو ستة: -منعي من الدخول إلى شنغن هو لمنع شهادت




.. الشرطة الأمريكية تفض اعتصام جامعة فرجينيا بالقوة وتعتقل عددا


.. توثيق جانب من الدمار الذي خلفه قصف الاحتلال في غزة




.. نازح يقيم منطقة ترفيهية للتخفيف من آثار الحرب على أطفال غزة