الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلطة الثقافة وثقافة السلطة

حيدر ناشي آل دبس

2014 / 2 / 4
مواضيع وابحاث سياسية



من البديهيات في مقياس تقدم او تطور بلد ما يطّلع المتابع على ثقافة هذا البلد ومن خلالها يستطيع معرفة مستواه على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية ‘ وذلك لما تحمله الثقافة من سلطة تحدد طبيعة مجتمعات البلدان في اسلوب العيش ‘ فالثقافة اذاً محدد لمصير الشعوب وسلطتها في ذلك كبيرة وتؤهلها لان تضطلع في ادق التفاصيل المتعلقة بحياة الانسان.
اما في بلد مثل العراق حيث يفتخر شعبه بضخامة ارثهم الحضاري والذي من خلاله نشأت اقوام ودول في معظم ارجاء المعمورة مستمدين اسس نشأتهم من بلاد مابين النهرين ‘ واستمرت سيرورة التطور لهذه الدول الناشئة بينما بدأ العراق بالتقهقر وصولاً الى مستويات كبيرة في الانحطاط السياسي والاقتصادي مما القى بضلاله على تشظي الوحدة الاجتماعية المكونة لبلدنا وخلق فوارق وجدران عازلة بين ابناء البلد الواحد والصراع المستمر والذي وصل حد الاحتراب ونزيف الدم بشكل يومي ‘ وبروز ظاهرة الهويات الفرعية الطائفية والقومية والاثنية على حساب الهوية الوطنية الجامعة لكل الشعب العراقي ‘ اذاً نصل هنا الى نتيجة ان الثقافة العراقية انتكست ولم يعد بمقدورها السيطرة على هذا الانحدار الاجتماعي ‘ مما جعلها اسيرة التاريخ ومتعكزة عليه في تحليل واقعها الحالي وتقولبت في حفرياته ‘ ففقدت الثقافة مكانتها وسلطتها واعطت المجال للسلطة بأن تأخذ مكانها وتطويع الثقافة لمقتضيات استمرارية السلطة وتقييدها بها مشرعنة كل الوسائل والاساليب التي تخدم ديمومتها ‘ فبرزت مفاهيم وطرق جديدة ينتهجها المتصدين للسلطة اثرت بشكل سلبي على واقع مجتمعنا ومستقبله ‘ حيث الفساد والذي اصبح مؤسساتياً ويدار من اعلى سلطة قرار سياسي ‘ كذلك الفرز الطائفي في كل مفاصل الدولة وترسيخها في مناهج التعليم ولكل المراحل الدراسية وغيرها من الاساليب ‘ والغريب في الامر ان تسوغ هذه الممارسات بمفاهيم ثقافية تريد ان تضفي عليها المشروعية على سبيل انها من كينونة الشعب العراقي ‘ فالتفكير الجمعي السائد الان هو عدم الثقة بالنفس وبالاخرين واعتبار كل من يتصدى للسلطة هو على غرار الموجودين الان ‘ وهذا دليل الى رسوخ ثقافة السلطة في البنية الاجتماعية .
فعملية تحرير الثقافة من ارتهانها الحالي ‘ تحتاج الى جهد حثيث من قبل المدافعين والمتصدين للبناء الديمقراطي في البلد ‘ وماتتطلبه المرحلة الحالية هو اعادة الاعتبار للثقافة واستعادة سلطتها ‘ كي تمارس دورها النهضوي التنويري وتنتشل المجتمع العراقي من تراكمات السنين السوالف واساليب وممارسات الحكام البونابرتيين المتعطشين للسلطة والنفوذ الذين تعاقبوا على حكم العراق ‘ فالعمل القادم مضني وتشوبه الكثير من الصعوبات والعراقيل ‘ لكن لايمكن السكوت والانزواء بعيداً عن هموم الناس بحجة عدم المقدرة او هذا واقع الحال فلنرضى به ‘ هذا كلام العاجزين او الذين استطيبوا الهدوء المبتعدين عن ضجيج الصراع من اجل ترسيخ قيم المواطنة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ‘ فلنستنهض الهمم ولننتصدى لاعباء هذه المسؤولية التاريخية خدمة لانفسنا ولاجيالنا القادمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فصائل المقاومة تكثف عملياتها في قطاع غزة.. ما الدلالات العسك


.. غارة إسرائيلية تستهدف مدرسة تؤوي نازحين بمخيم النصيرات وسط ق




.. انتهاء تثبيت الرصيف العائم على شاطئ غزة


.. في موقف طريف.. بوتين يتحدث طويلاً وينسى أنّ المترجم الصينيّ




.. قتلى وجرحى في غارات إسرائيلية على مخيم جباليا