الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نشوء العشيرة ووظيفتها الحالية

فريد جلّو

2014 / 2 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


لقد نشأت العشيرة نتيجة تجمع الأفراد المتواجدين في بقعة واحدة والذي يربطهم النسب ، وهذا التجمع جاء نتيجة حاجة الإنسان للآخر لمواجهة المخاطر ولغرض الصيد وأمور أخرى حياتية يومية ، طبعا هذا التجمع لم يأتِ في لحظة واحدة بل عبر وقت طويل من تراكم الخبرة والتجربة الإنسانية من مراحل تطورها الأولى ، ويبدو إن هذا التجمع كان يختار شخص ذو مواصفات معينة كالحكمة والتجربة والشجاعة وعموما لا تتوفر هذه الصفات في الأعمار القليلة بل تتوفر في الشيوخ عادة ، إذن فشيخ العشيرة أو القبيلة فيما بعد منتخب ويتمتع بسلطة معنوية قوية على عشيرته يحسده عليها أعظم الملوك .
ومع تطور البشرية في مجالي الصيد والزراعة تطورت معها وظيفة شيخ العشيرة وأيضا في كثير من الأحيان طريقة انتخابه خصوصا بعد أن نمت الملكية الخاصة كبديل للمشاعة مع بداية مرحلة العبودية ، فأصبح شيخ العشيرة يفض النزاعات أو يقود الغزوات ضد العشائر الأخرى ، كما إن أهم تحول في طريقة انتخاب هذا الشيخ هو حجم ثروته فالثروة هنا أي الملكية الخاصة أصبحت عامل مهم واستمرت العشائرية والقبلية طوال فترة مرحلتي العبودية والإقطاع وأصبح واضحا إن شيخ العشيرة أو القبيلة هو المالك الأكبر للإقطاعية أو مالك الإقطاعية بكاملها أما الفلاحين فمعظمهم أبناء عشيرته .
بعد دخول الآلة في مجال الزراعة وتطور الصناعة وتوسعها بدأ شكل الإنتاج الإقطاعي يتفتت وفقد معها شيخ العشيرة سلطته على فلاحيه أي أبناء عشيرته بعد رحيل الكثير منهم إلى المدينة كما واكب ذلك نشوء الدولة الحديثة التي نازعت الإقطاع في سلطته والملاحظ إن الدول التي نشأت حديثا والتي فيها بقايا العشائرية عموما لم تستقر فيها مؤسسات الدولة وتخضع تلك الدول إلى تأرجح في بسط نفوذها فعندما تضعف الدولة من هذا النوع نتيجة لحرب أو أزمات سياسية أو أي سبب آخر نجد إن السلطة العشائرية في المقابل تنتعش كبديل للدولة فنجد إن أفرادها حتى الذين ابتعدوا عنها يعودون إليها طلبا للحماية وأحيانا تلجا الدولة إلى السلطة العشائرية وتدعمها ماديا ومعنويا لمساعدتها في بسط سلطتها وهذا ما حدث بالضبط في منتصف الحرب العراقية الإيرانية حيث أخرجت العشائرية من قبرها وأعيد لها الحياة من قبل النظام، ومع استمرار النظام في التردي والضعف استمرت العشائرية ببسط نفوذها خصوصا بعد السقوط سنة 2003 حيث اختفت تقريبا مؤسسات الدولة من القضاء والأجهزة الأمنية وأصبح القضاء والأعراف العشائرية هي السائدة ولازالت للان تنافس مؤسسات الدولة أو الدولة ككل خصوصا إن المحتل ومن أتى بهم للسلطة كانوا يجدون في سلطة العشائر قوة تدعم مشاريعهم كما إن الكثير من شيوخ العشائر تحولوا إلى سياسيين من خلال الانتماء المصلحي للقوى السياسية المتصدرة .
الحصيلة هو تحول المدينة إلى ريف بتسيَد القيم العشائرية على القيم المدنية ونلمس ذلك في كل شيء حتى في طريقة البناء والفن والأدب والحجاب والتعليم وأداء المؤسسات الحكومية .
ومن المفارقة إن القاعدة المادية للعشائرية قد زالت وهي النمط الإقطاعي في الإنتاج الزراعي وأصبحت تستمد قوتها من ضعف الدولة ومن تشابك المصالح بينها وبين مؤسسات الدولة إضافة إلى عدم وجود برامج تنمية مستدامة للأحزاب الحاكمة .
السؤال هنا كيف يعود المجتمع العراقي إلى طريق المدنية علينا أن نفكر بشكل مشترك ونعمل من اجل هذا الهدف ..........والى لقاء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العشائرية وسطوتها
عراقي ( 2014 / 2 / 4 - 23:13 )
ذكر الاخ الكاتب نمّو العشائرية والمراحل التي مرت بها وصحيح ان صدام اخرجها من فبرها بعد رقودها فيه اثر ثورة او انقلاب تموز 1958 ولكنه ( صدام ) لم يخرجها في منتصف الحرب مع ايران بل بدأ بعمليات تهيئتها لاخراجها الى السطح وتفعيلها منذ ان اصبح ( السيد النائب ) ! ويفول احد اعضاء البعث البارزين حينذاك عندما كنت ادخل مقر صدام في مبنى المجلس الوطني كنت اشعر انني في ( العوجة ) وليست في مقر رئاسي ..وهكذا تمددت وتوسعت هذه الحالة بعد 1979 واشتدت كما ذكر الكاتب مع الحرب العراقية الايرانية وهناك ملاحظة او حقيقة غابت عن اطلاع الكاتب المحترم ان السطوة والقيم العشائرية ظهرت بقوة ونهضت من رقدتها في شمال العراق ( أقليم كوردستان ) بعد اندلاع الحركة الكردية المسلحة او الثورة الكردية ضد الزعيم عبد الكريم قاسم منذ عام 1961 وفيما بعد ضد الحكومات المتعاقبة وكان كلا الطرفين يسعيان لكسب تأييد و ولاء رؤساء العشائر والاقطاعيين الاكراد الى صفه للقتال الى جانبه لقاء مغريات مالية وسلطوية ..وهكذا عدنا الى الوراء بدل التقدم نحو المدنية .. ..مع تحياتي ..وأسفي !


2 - اجابه
فريد جلّو ( 2014 / 3 / 9 - 00:00 )
سايدي العراقي على الرد اتفق مع ما اوردت من ملاحظات بستثناء واحده نعم قرب عشائرالانبار وتكريت ليدعمو ا مشروعه الدكتاتوري الشمولي ولكن في نفس الوقت منع الالقاب وغيره كنيته من صداه التكريتي الى حسين ولكن في منتصف الحرب اخذ يسئل عن اسماء عشائر الظباط اللذين كاافئهم ويمدح عشائرهم كنوع من الغزل ومقدمه لاعطئهم دور

اخر الافلام

.. صفقة الاتحاد الأوروبي مع لبنان..ما خلفياتها؟| المسائية


.. بايدن يشدد على إرساء -النظام- في مواجهة الاحتجاجات الجامعية




.. أمريكا.. طلاب يجتمعون أمام منزل رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شف


.. الجيش الإسرائيلي: 12 عسكريا أصيبوا في قطاع غزة خلال الساعات




.. الخارجية الأمريكية: هناك مقترح على الطاولة وعلى حماس قبوله ل