الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطليعة الثورية.. ما العمل؟

محمد حلمي

2014 / 2 / 5
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


إننا عندما نعرض نقصا أو قصوراً في فكر وحركة الطليعة الثورية فإن الهدف من ذلك هو ممارسة النقد الذاتي لنعرف أوجه القصور فينا فنعالجها وأوجه النقص فنستكملها، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نعتبر ذلك تشويها للثوار، إذ يكفيهم شرفاً إنهم تحركوا بدوافع نقية خالصة في وقت ارتمت فيه كل القوى السياسية يميناً ويساراً في أحضان النظام!، لكن هذه الدوافع النقية ليست كافية لإتمام مهام الثورة.
ولأننا على أعتاب مرحلة من التحولات الهامة، فواجبنا أن نفهمها ونغير من أساليبنا وطرق عملنا لتتناسب مع الظروف الجديدة، وسنحاول في السطور التالية وضع أيدينا على بعض الأخطاء ومحاولة معالجتها.

أولا:
ليس دور الطليعة الثورية وكل من أطلقوا على أنفسهم “ثوار” هو إطلاق الشتائم والسباب في وجه الشعب والتعالي عليه، واستبدال أنفسهم بالجماهير والانعزال عنهم، فتلك هي “الاستبدالية” التي يقع فيها كثير من الثوريين، عندما يعتقدون أنهم “القلة النقية المختارة” التي ستقوم بمهام الثورة وحدها دون الجماهير، فقد وصفهم الشاعر الإيطالي تومي جاكسون:
“نحن القلة المختارة
وملعون كل من دوننا
في الجحيم متسع لكم
أما الجنة فلنا”

إن الطليعة الثورية لا تتشكل وتحسب كعنصر مستقل عن الثورة، ولكنها جزء من السيرورة الثورية، لأن الثورة لابد لها من طليعة منظمة تجعلها لا تضيع بين مزاحمات المزايدين والانتهازيين وهجوم الثورة المضادة.
لذلك فإن الحركة التي بدأت عفوية جماهيرية ثم ارتبط بها النشطاء، ينبغي أن تعود مرة أخرى إلى الارتباط بالجماهير.

ثانيا:
علينا التأكيد مراراً وتكراراً بأن الطليعي الثوري هو من يعمل من أجل الجماهير وأنه من يتقدم الصفوف لإسقاط دولة الظلم والطغيان، وبناء دولة الحرية والعدالة الاجتماعية لصالح جموع الشعب، ولابد أن يدرك أن الثورة الحقيقية تصنعها الجماهير، ومهام الثورة لا تُنجَز إلا بالجماهير، ولابد من شرط أساسي وهو وجود الظروف الموضوعية المناسبة لتحرك هذه الجماهير، كضغط أزمات النظام الرأسمالي الاقتصادية التي تتصاعد معها التحركات الاجتماعية الاحتجاجية، ووجود أشكال وأُطُر تستطيع الطبقة العاملة تنظيم نفسها فيها والتحرك من خلالها، والميراث النضالي وخبرة التجارب السابقة.. إلخ.

ثالثا:
من أهم أدوار الطليعة الثورية هو فضح السلطة وممارساتها القمعية، وانحيازاتها الاقتصادية الواضحة لصالح أصحاب رؤوس الأموال المصرية والأجنبية والاستمرار في تهميش الشعب وإفقاره، لكي تجعل هذه الجماهير تكفر بالسلطة.

ولأن الجماهير لاتصل إلى الوعي الثوري مرة واحدة، ولأن الوعي دائما ما يكون متفاوتا بين مراحل المد والجذر الثوري وهزائم وانتصارات الثورة، فلابد أن تدرك الطليعة أن الجماهير تتفاوت في وعيها وفي حركتها، ولأن أقساماً كبيرة منها تميل في معظم الأحيان إلى أفكار إصلاحية من هذا النوع أو ذاك، فإن الثوريين لا يمكنهم أن يقفزوا ـ حتى في غمار المرحلة الثورية ـ على فترة من التحضير، قد تطول أو تقصر (على حسب الحالة)، يقومون فيها بالعمل المشترك مع قوى أخرى بهدف الدخول في تجربة نضالية مشتركة مع جماهير تدين بأفكار إصلاحية يمكن كسب قطاعات منها على أرضية الكفاح، فالأفكار السائدة في المجتمع هي أفكار الطبقة الحاكمة، ولابد من قيادة تتمثل في حزب ثوري حقيقي يعرف كيف يواجه أفكار الطبقة الحاكمة التي تقبلها معظم الجماهير في أغلب الأحيان، فالجماهير دائما ما تمني نفسها بأن السلطة القائمة ستقدم لها حدا أدنى من المعيشة.

رابعا:
لابد أن تتخلص الطليعة من أنانيتها وإرضاء غرورها الثوري الذي دائما ما تكون عواقبه وخيمة وقاسية على الجميع من اعتقالات وتعذيب واستشهاد، وهنا على الطليعة دائما أن تختار معاركها الصحيحة ولا تضيع جهودها في الدخول في كل المعارك لمجرد رمزية المشاركة والوجود، بالطبع مع الوضع في الاعتبار أن على كل ثوري قبل أن يدخل أية معركة أن يعي جيداً أن كل مكسب يقابله تضحية وأن يكون على استعداد تام لتقديم تلك التضحية.

خامسا:
القيادة الحقيقية، سواء كانت في منظمة ثورية أو عمل مستقل، تعني أن القرارات المتخذة يمكنها أن تكون أحيانا خاطئة، ففي خطبة لينين الأخيرة للأممية قبل وفاته قال: “لقد ارتكبنا كومة من الحماقات”.

لذا فإن الطليعة ليست منزهة عن الخطأ، ولكنها قادرة على إدراك الخطأ وقبوله والتعلم منه، وهذا لا يمكنه أن يحدث إلا بالتعلم الدائم والممارسة، وكلما زادت الممارسة كلما زادت نسبة حدوث الأخطاء، ولكن نسبة التعلم من الأخطاء ومعرفة احتمالات تكرار الخطأ في المستقبل تزيد هي الأخرى، فإنه من السهل جدا أن تبقى ذو مباديء ثابتة عندما لا تفعل شيء، الأصعب أن تثبت على هذه المبادئ حين تنغرس يوما بعد يوم في الصراعات.

لهذا فالاختبار الدائم وإعادة التقييم والحوار حول التكتيكات يعد أمرا جوهريا لتطوير أي عمل ثوري، وهذا ما تؤكده خبرة النشاط والاشتباك مع مختلف القضايا.

سادسا:
“مع الجماهير أينما تناضل.. لا مع الجماهير أينما تكون”
بلا شك فإنه على الطليعة أن تكون مع الجماهير أينما تناضل ضد كل أشكال الظلم والاستغلال، مع العمال في كل مصنع يتم استغلالهم فيه من مالك المصنع، ومع الطلاب في كل جامعة ضد بطش الداخلية وعنفها، ومع الفلاحين في النضال من أجل حقوقهم، ومع كل مضطهد من امرأة وقبطي ونوبي وسيناوي من أجل عدم اضطهادهم وتهميشهم. لكن ليس علينا أن نكون مع الجماهير”دائما”، فإن كانت هذه الجماهير، بما لديها مما نسميه “الوعي الزائف”، يجعلها تقع في دعم “الفاشية” مثلا، دينية كانت أو عسكرية، فعلينا أن نقف ونقاوم بكل قوة ضد هذه الفاشية، ولكن لا أن نعادي الجماهير بالطبع، فدورنا هو فضح هذه الفاشية وممارساتها، واستقطاب هذه الجماهير وكسبها لصفوفنا لا أن نعاديها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف المحتجين يخرجون في مدينة مالمو السويدية ضد مشاركة إسرائ


.. اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية والمتظاهرين المطالبين بإسقاط




.. مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين يطالبون بإقالة الحكومة في تل أب


.. الشرطة الإسرائيلية تفرق احتجاجات في تل أبيب ضد الحكومة ونتني




.. آلاف المتظاهرين يخرجون في شوارع تل أبيب