الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموازنة الفلسطينية للعام 2014: طظ يا عاشور

حسن عطا الرضيع
باحث في الشأن الاقتصادي وكاتب محتوى نقدي ساخر

(Hasan Atta Al Radee)

2014 / 2 / 6
الادارة و الاقتصاد


الموازنة الفلسطينية للعام 2014 : طظ يا عاشور
ما زالت الموازنة الفلسطينية تثير جدلاً واسعاً بين جمهور الاقتصاديين لمشكلة رئيسية فيها ومتراكمة منذ عقدين من الزمن وهي العجز المستمر والمتواصل فيها, فعلى الرغم من زيادة المساعدات الخارجية ووصولها لقرابة 16 مليار دولار, وارتفاع الضرائب غير المباشرة والمعروفة بالمقاصة والتي يتحملها الفقراء وذوي الدخول المنخفضة والمتوسطة على شكل ارتفاع في أسعار السلع المستوردة والتي تأخذ شكل السلع الاستهلاكية وأهمها الغذاء والوقود وغيرها من الاحتياجات الأساسية والضرورية, وتلك المصادر و كحصيلة ومورد تحصل عليه السلطة الفلسطينية لتمويل نفقاتها ,إلا أن ذلك لم يكفي لتغطية موازنة تزداد كل عام , ورغم افتقار الاقتصاد الفلسطيني للموارد الاقتصادية وبقاءه لغاية الأن معتمدا على المساعدات الخارجية وتابعاُ للاقتصاد الإسرائيلي , إلا أن تلك الموازنات تكرر أخطاء الماضي وتلك الموازنة والتي تم إقرارها للعام 2014 والتي قدرت ب 3.9 مليار دولار وبعجز 1.3مليار دولار سيتم تمويله لاحقاً من المساعدات والمنح الخارجية, وهذا يعني مشكلة متأصلة بالاقتصاد الفلسطيني وهي مشكلة هيكلية وبنيوية وهي تؤكد فقر ومحدودية الإمكانات المتوافرة واعتماده وبشكل رئيسي على موردين رئيسين هما المساعدات الخارجية والتي لم يتم استغلالها جيداً, ولم تستخدم في قنوات الاستثمار الحقيقي المنتج, والذي يضيف قيماُ اقتصادية حقيقية تؤسس لاقتصاد يعتمد على الذات ويوفر قدراً من الإنتاج ويحد من المشكلات الاقتصادية القائمة والمتفاقمة ,وهي الفقر والفقر المدُقع والبطالة والعجز المستمر وتراجع القطاعات الإنتاجية وتدهور كافة المؤشرات الاقتصادية الكلية, والمورد الأخر وهو ضرائب المقاصة والتي تُعرف بالضريبة غير المباشرة وهي تشكل النسبة الأكبر من الإيرادات الإجمالية التي تحصل عليها السلطة الفلسطينية , ومهما كان حجم المساعدات والضرائب غير المباشرة هي لا زالت عاجزة عن تمويل الموازنة الفلسطينية, ولا زال هذا العجز يتم تغطيته من المساعدات والاقتراض الخارجي والداخلي للحكومة الفلسطينية والتي وصل دينها العام لقرابة 4.5 مليار دولار, وخلال العشرين عاماً المنصرمة لم تنجح السلطة الفلسطينية وبحكوماتها الستة عشر في بناء اقتصاد منتج وفي حل المشكلة الاقتصادية والتي تتفاقم باستمرار , ولا زال الإفراط وعدم الرشد والعقلانية في إعداد الموازنات هو سيد الموقف فمصاريف ونفقات ما زالت مرتفعة وعدم العدالة في توزيع الدخل تظهر بقوة, فعلى الرغم من تزايد الاهتمام بالشرائح الاجتماعية في الموازنات الفلسطينية خلال السنوات الثلاثة الأخيرة إلا أن هناك بعض القطاعات ما زالت تًهمل ولا تراُعى في تلك الموازنة قطاعي الزراعة والصناعة وهي القطاعات المنتجة لا تشكل إلا نسب ضئيلة وهي تتنافى مع الحاجة الملحة لتلك الأنشطة المنتجة والتي من الممكن لها أن تخفف من أعباء الاقتصاد المُنهك , كذلك قطاعي البحث والتطوير والتنمية الاقتصادية يتراجع نصيبه لصالح بنود الرواتب والأجور والتي تشكل قرابة 80% من النفقات الحكومية, وفي المقابل فإن ألية توزيع المساعدات الخارجية ما زالت تستخدم لعلاج العجز وهي مشكلة كبيرة ويجب تفادي مخاطرها , فضخ تلك المساعدات فقط لتمويل الموازنة لا تبني اقتصاداً ولا تحل مشكلة قائمة, فلا حل بدون خلق طاقات اقتصادية وإنتاجية جديدة عبر الاهتمام أكثر بالقطاعات المنتجة وترشيد النفقات وإعادة توزيع الدخل بشكل عادل عبر فرض ضرائب تصاعدية على الرواتب المرتفعة وان يكون هناك اهتمام بالبعد الاقتصادي والاجتماعي لتلك الضرائب , وفي المقابل ربط تلك الضرائب بالأجور وبالأسعار السائدة وبسلة المستهلك, واستغلال أمثل للمساعدات الخارجية وضرورة إعطاء أهمية أكبر لقطاع التنمية الاقتصادية وإلغاء أو تقليص بعض الأنشطة غير الضرورية وتخفيض الحوافز والنثريات لكبار الموظفين لصالح الفئات الأكثر ضررا ُ حيث ما زالت نسبة منخفضة من كبار الموظفين تحصل على النسبة الأكبر من الدخل , والنسبة الأكبر من العاملين بالجهاز الحكومي يحصلون على نسبة أقل بكثير من الدخل وهذا يعني أن الأغلبية من العاملين في القطاع الحكومي هم ضمن حد الفقر في الأراضي الفلسطينية , إعادة توزيع الدخل مهم ومحفزاُ لتحقيق نمو اقتصادي بسبب الميل النسبي المرتفع للفئات الفقيرة والمتوسطة للاستهلاك والذي بدوره يزيد من دوران العجلة الاقتصادية عبر زيادة حجم الاستثمار.
وإن كان التعويل مستمر على المساعدات والمنح الخارجية في دعم الاقتصاد فهذا كله لا يشكل ُ إلا وهما جديدا من الأوهام التي ما زلنا نسمعها منذ سنوات, فالاعتماد على الذات وبناء اقتصاد منتج لا يأتي ثماره من بضع ملايين من الدولارات تُدفع لتمويل عجزاً مستمرا بل يأتي من خلال إعداد الخطط التنموية , وبكلمة واحدة يمكن القول بأن حل المشكلة المتفاقمة لا يمكن له أن يتم من المساعدات الخارجية ولا من خلال مزيداً من التبعية للاقتصاد الإسرائيلي ,, وعليه فإن المساعدات كبديل عن مشروعات التنمية الاقتصادية في النهاية هي جزء من الفنكوش !!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما تداعيات الاستيطان على الاقتصاد الفلسطيني؟


.. التونسيون يستعدون للاحتفال بعيد الأضحى رغم التحديات الاقتصاد




.. احتدام المنافسة بين المحافظين والإصلاحي الوحيد في الانتخابات


.. تحديات أمام الانتخابات الرئاسية الإيرانية في ظل منافسة كبيرة




.. بعد زيادة عيار 21.. سعر الذهب اليوم السبت 15-6-2024 في الصاغ