الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يقود الحركة التنويرية في العالم الإسلامي اليوم؟!!

صبري المقدسي

2014 / 2 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


من يقود الحركة التنويرية في العالم الإسلامي اليوم؟!!
لعبت الحركة التنويرية دورًا مهمًا في إنقاذ الغرب من الإنغلاق الفكري كما هو معلوم. ولكن العالم الإسلامي، لا يزال يعاني من هذه الآفة اللعينة التي تُهيّمن على مُقدراتِه العقلية والفكرية والثقافية. إذ كلما حاول المُفكرون والمُثقفون العرب والمسلمون بفتح نافذة للتغيير نحو الأفضل، تقوم بعض التيارات المعروفة بممارساتها القمعية للفكر والثقافة، بسد الطرق والمنافذ حتى يبقى الشرق بعيدًا عن نور التمدّن والحضارة، بحجة المُحافظة على الدين والتراث.
والمشكلة في طبيعة الحال ليست في التنوير الفكري والثقافي بحد ذاتها، بقدر ما هي في طريقة التفكير لدى مجتمعاتنا وقادتنا الدينيين، الذين يخلطون كثيراً بين التنوير والحداثة من جهة، وبين الغرب والمسيحية من جهة أخرى؛ وكأن التنوير يرتبط بالديانة المسيحية، مع إن المسيحية نفسها عانت كثيراً من الحركات التنويرية في أوروبا، إلى أن وجدت طريقها للإنسجام مع النُظم العلمانية والمفاهيم الديمقراطية الجديدة.
فالمعنى الحقيقي للتنوير إذن هو التوق لصناعة مستقبل جديد والتوجه نحو الحداثة، وقبول قوانين التطور، وإستعادة الإعتبار للعلم والعقل، والإعتراف بحقوق وحريات الأفراد الأساسية، وتغليب روح التسامح والتفاعل مع الآخر. ومما لا شك فيه أننا في حاجة ماسة إلى هذا النوع من المفاهيم، إذ نحقق من خلالها، النهضة في كل المجالات؛ وبالتالي لا نكون غريبين وشاذين عن العالم الذي يحيط بنا، والذي يهزأ من إفتقارنا إلى البنية التحتية، ويسخر كذلك من افعالنا وممارساتنا القمعية كل يوم لشعوبنا ومجتمعاتنا.
لقد بدأت حركة التنوير العربية بخجل وحياء منذ منتصف القرن التاسع عشر، من قبل مستنيرين مسلمين وعرب، إلا أن الحركة وللأسف الشديد فشلت فشلا ذريعاً نتيجةً لغلبة النظم السياسية القمعية، التي أدت إلى غلبة العقلية الشمولية، وبروز التيارات المُناوِئة للحرية والديمقراطية. ولكن آمال وطموحات المتنورين والمستنيرين لم تذهب سُدىً. فالوسائل الإتصالات الحديثة، تقوم اليوم بدورها خير قيام، إذ بدأت تلك الوسائل بالدخول في بيوتنا التي عاش فيها آباءنا وأجدادنا. وبدأت تلح وبإصرار على تغيير عقولنا كي نُعيد النظر في تربيتنا وسلوكنا ومنظوماتنا السياسية والإقتصادية والإجتماعية.
ويُعد"الانترنيت" من أهم تلك التقنيات التي تحتكر الساحة العلمية والثقافية والاقتصادية اليوم. ففي الحقيقة أصبح الإنترنيت بمثابة الجامعات الفكرية في كل بيت وحارة. إذ يمكن إقتنائه بأرخص الأصعار، ويسهل استخدامه، إضافة إلى القنوات الفضائية والتلفزيونية، التي أحدثت إنقلاباً كاملا في التربية والتعليم، وفي التغلب على التخلف والأمية، ومعرفة العالم المحيط بنا، والتحقق منه، والتعبير عنه.
يبدو أن العالم الإسلامى بحاجة ماسة إلى هذه التقنيات الألكترونية والشبكات الإجتماعية التي ما أن بدأت بالظهور حتى أدت إلى زيادة عدد المستخدمين المسلمين والعرب كل يوم، إذ يبلغ عدد المشتركين بالملايين. فالميزة المهمة في تلك الشبكات تكمن في كونها تنقل الخبر بسرعة فائقة، ولا سيما في ما يختص بتبادل الرسائل والأفكار والآراء، إضافة إلى نقل الصور والفيديوهات والتعليق عليها، وكذلك في تأجيج الجماهير وتعبأتهم، وتزويد المحطات التلفزيزنية الفضائية بالأحداث الواقعية اليومية، بالرغم من رداءة الصور في بعض الأحيان.
وتجدر الإشارة على أن تلك الشبكات والتقنيات لعبت دورًا لا ينسى في تغطئة الأحداث، التي حصلت في تونس ومصر، وغيرها من الدول العربية أثناء الثورات الربيعية، والتي أدت بالتالي إلى إلغاء الحواجز الزمكانية، وأصبح الناس يتواصلون ويتفاعلون مع بعضهم البعض؛ وجعلت من الفضاء الألكتروني، فضاءً مُشتركاً للحوار وتبادل الآراء والأفكار.
وقد إستغربت الحكومات العربية والإسلامية أشد الإستغراب، من مدى فعالية الشبكات الإجتماعية، ولم تضع في حسبانها مدى عظمة الإنترنيت وخدماته المختلفة. فحاولت جهدها بعد الحوادث الأخيرة بإسكات وتغطئة تلك الشبكات، ولكن من دون جدوى.
ويُنتظر أن يلعب الإنترنيت دورًا أقوى بكثير في المستقبل القريب في تقريب الشعوب من بعضها البعض، وفي فضح الإستبداد بكل أشكاله وأنواعه في العالم كلهِ، إضافة إلى دوره المأمول في تغيير الخريطة السياسية في العالم أجمع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ل
لولو ( 2014 / 2 / 7 - 12:15 )
مقال مهم اخي وهو ان الانترنيت لعبت دور المعلم في غياب النخبة الشجاعة التي كان عليها قيادة مسيرة التنوير للشعب

اخر الافلام

.. نتنياهو بين إرضاء حلفائه في الحكومة وقبول -صفقة الهدنة-؟| ال


.. فورين أفارز: لهذه الأسباب، على إسرائيل إعلان وقف إطلاق النار




.. حزب الله يرفض المبادرة الفرنسية و-فصل المسارات- بين غزة ولبن


.. السعودية.. المدينة المنورة تشهد أمطارا غير مسبوقة




.. وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة، مقاربة مشتركة حول غزة