الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رائحة البنفسج

نيران العبيدي

2014 / 2 / 7
الادب والفن


حاولت ان تنسى اليوم الطويل الذي قضته ُما بين تدريس صف يتكون من اربعين طالباً محشورين في مستطيلات خشبيه تسمى رحلات , وتصليح اوراق الامتحانات التي حبستها في درج مكتبها بالطابق العلوي للمدرسة . كل شيء لهذا اليوم له طعمهُ الخاص , الدوام نصف دوام , وهناك زحمة في الشوارع غير معهودة كأنهم مسرعين لقدرهم يحاولون انهاء ما تبقى من متعلقات استعداداً لعطلة نهاية الاسبوع ..تسترق السمع لاغاني ام كلثوم المنبعثة من المقاهي في طريق عودتها فيزيدها احساساً بالاحتفاء بعد اسبوع عمل متعب مرت ايامه متثاقلة وبطيئة
اسرعت لاكمال واجباتها البيتية غسلت الصحون على عجل , وجهزت العشاء للاولاد وضعته على طاولة المطبخ بعد ان اخذت كمية منه وضعته في صحن داخل الفرن لحين عودته من خارج المنزل .....صعدت على عجل الى الطابق العلوي رأته ُ يغسل بقايا صابون الحلاقة من على ذقنه في غرفه الحمام , ناولته المنشفة بحركه فائقة لكنها لم تسمع منه كلمة شكر..ذهبت الى غرفه النوم اختارت قميص يتناسب مع لون البدلة .. وضعت القميص والبدلة على مهل فوق السرير ..اخرجت قفيص ربطة العنق مع الأزرار الذهبية من علبة صغيره موضوعة فوق درج الدولاب المجاور للسرير
ارتدى ملابسه وشدَ ربطة عنقة وهو ينظر الى المرآة وهي تجلس على طرف السرير تنظر اليه عبر المراّة
أين تذهبون هذه الليلة ...؟
اعتبر هذا تحقيق ؟
لا ...ولكن فضول
مشرب وبار أريدو في السعدون
لماذا أريدو وليس نادي نقابة المحامين..؟
استدارَ نحوها ......ناولته الجاكيت . وضع سترة البدلة على كتفه
لا اشعر بالراحة في نادي النقابة !! اشعر وكأن العيون تراقبنا سيما ونحن نحتفل بولادة قصيدة جديدة لصديقنا الشاعر
هزت رأسها علامة الرضا ... نظرت اليه نظرة ثاقبه ...تلاقت واشتعلت العيون .... طبع قبلة على جبينها !!
ساحاول عدم التاْخير ... استل مفتاح السياره من على الدرج وسمعت وقع اقدامه وهو ينزل السلم
نظرت الى الساعة الجدارية ليس هناك الكثير من الوقت ذهبت الى غرفه الأطفال . ساعدتهم على النوم وطبعت قبلةعلى جبينهم انجزت ما تبقى من ترتيب ... اخرجت معطف الحمام البرنص من خزان البياضات .. وضعته على يدها.. سحبت جهاز الراديو من على الكاونتر ودخلت غرفة الحمام ...
اخرجت الشامبو المعطر برائحة البنفسج التي يحبها , وضعته مع الراديو على السطح المرمري للمغسلة المجاورة ... ادارت مفتاح الراديو بعد ان ربطته بالكهرباء , انطلقت سيتا هاكوبيان بصوتها الجميل وهي تغرد كالعصفور " بجفوفك الترفات تتمنى روحي اتبات" ........:نزعت ملابسها ورمتها في سلة الملابس .. فتحت قفيص شعرها انسدل شعر اسود كثيف سرساحي وهي تنظر الى المرآة الكبيرة.. لاحظت ان جسمها يحتوي على الكثير من الدوائر ... راسها دائره كبيرة.. عيونها دائرتين سوداوتين .. فمها دائرة كرزية .. دائرتين يعلوان صدرها ودائرة صغيرة تتوسط بطنها .. مسحت يدها على صدرها وضغطت على رؤوس حلمتها , استدارت بقوة بعد ان عضت شفتيها .. فتحت حنفية الماء لتملأ المغطس حوض البانيو .. رشت ورد البنفسج اليابس في حوض الماء وعملت رغوة من الشامبو ونزلت الى البانيو
استمعت الى الاخبار الى نهاية النشرة .. سحبت نفس طويل وغطست داخل الحوض قفزت بعد انقطاع نفسها وهي متجددة
كان بخار الحمام قد ترك قطرات من الندى على سطح المرآة مسحته بيدها ..نشفت نفسها وارتدت قميص النوم الوردي الذي ا ستلمتهُ هدية منه بعيد ميلادها ... وضعت خيط اسود من الكحل تحت جفنها الأسفل وخرجت الى غرفة الصالون ,توسطت الغرفة وهي تسرح شعرها امام المدفئة وتجلس على السجاد الكاشاني الأحمر تستمع الى صوت رقاص الساعه الجدارية الذي يعلو ويخبو وفق احساسها .
رأت ضوء سيارته منبعث يتجه نحو شباك الصالون .. اسرعت الى غرفتها , استلقت على سريرها مدعية عدم الاكتراث بعد ان سحبت رواية كان يقرائها لفؤاد التكرلي , فتحت الكتاب مدعية قراءة الرجع البعيد
سمعت صوت الباب وهو يفتح... يتلوه صوت ارتطام على الحائط ثم ارتطام آخر
استفزت من السرير ونزلت مسرعة شاهدته وهو مخمور يترنح ويؤشر لها انه بروم التقيء ..!!! اسرعت لجلب سطل من المطبخ وضعته امامه .. جلس على الاريكة ووضع راسه بين يديه ,اندفع بقوه الى الوراء ثم الى الامام فأندلق ما في جوفه من قيء نحو السطل , شاهدت بقايا القيء تتناثر على السجاد الكاشاني
ذهبت الى المطبخ وجلبت معها قدح من الماء ارادت ان تعطيه كي يتناوله , دفع يدها ... توقف معتكزاً على ساقيه , ارادت ان تمسكهُ لكنه هبط على الاريكة شبه مغمى عليه وقد استغرق في نوم عميق وصوت شخيره يملء الغرفه .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع


.. سر اختفاء صلاح السعدني عن الوسط الفني قبل رحيله.. ووصيته الأ




.. ابن عم الفنان الراحل صلاح السعدني يروي كواليس حياة السعدني ف


.. وداعا صلاح السعدنى.. الفنانون فى صدمه وابنه يتلقى العزاء على




.. انهيار ودموع أحمد السعدني ومنى زكى ووفاء عامر فى جنازة الفنا