الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البيان ركلة لعنان لا أكثر

شوكت جميل

2014 / 2 / 9
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


ليس قليلاً من الجدل يدور،حول ترشح المشير/السيسي للرئاسة،و قدر كبير من الإبهام ما زال يكتنفه،و قدر أكبر من الإشفاق عند كثيرين من عسكرة الدولة،بل و منهم من تعجل أمره فسارع إلى نعي الدولة المدنية و تأبينها..هذا من ناحية،و من ناحية أخرى يبدو المشير كمن يقدم قدماً و يؤخر قدماً، في النزول إلى مضمار الإنتخابات الرئاسية..و بطبيعة الحال ندرك أن لكلٍ حساباته و تقديراته،وأن كلاً مطلق الحرية في ترجيح ما يراه الأصلح من قراراته و آرائه،غير أن ما يعنينا هنا، هو حالة التضبيب و الإبهام التي طالت أمر الترشيح، و مرد هذه الحالة،في تقديري، إلى الرسائل و الإشارات التي وصلتنا غير قاطعة حيناً وغير متسقة حيناً و متناقضة حيناً.

و من بين هذه الرسائل إعلان المجلس العسكري،و الذي تناقلته وسائل الإعلام ،أول الأمر،كتفويض الجيش للمشير كمرشح له في الإنتخابات الرئاسية!و الذي سرعان ما صوبه الجيش وأوضح انه ليس أكثر من إطلاق ليد المشير أو "تفويضه" في اتخاذ قرار الترشح من عدمه،أو بعبارة أوضح أحقية أو حرية السيسي في الترشح،و بدت هذه الرسالة في ظاهرها زائدةً عن الحاجة،و فائضاً في الكلام؛فما من أحد ينكر على أي مصري حق الترشح طالما تنطبق عليه شروطه، و لربما كان أوقع و أكثر تبريراً لو حمل الإعلان إستقالة المشير و تعيين وزير الدفاع الجديد، لهذا سارعت بعض القوى السياسية المنافسة"لمن لم ينزل الحلبة بعد"باستغلال هذا الإعلان بصورته الغائمة،و خصوصاً ما ذكره الإعلام أول الأمر ..إستغلته كدعاية سلبية لغريمها،و أعلنت_و هذا حقها_ ان البيان بمثابة تدخل مباشر للجيش في العملية السياسية،و إن الجيش يتخذ لنفسه دور الحزب السياسي،فإذا نجح مرشحه بات الجيش هو الحزب الحاكم،و إذا كان الحزب الحاكم هو الجيش فنحن إذن إزاء حكم عسكري لا ريب فيه...على كل حال قام الجيش المصري بمناورة "عسكرية" و قطع السبيل عليهم و أعلن أن ليس شيئاً من ذلك كله في البيان ،إنما هو خطأ الإعلام و قد صححه..و الغريب أن الدعاية السلبية أنقلبت على صاحبها،و خسر منها أكثر مما كسب،و علة ذلك أن طرفاً كبيراً من الشعب المصري الأن يرى أن عداوة الجيش عداوةً له، فعموم الشعب المصري البسيط _رضينا أم لم نرض_لا يستطيع أن يرى السيسي بعيداً عن الجيش،و يرى أن ما كان للسيسي أن يفعل ما فعله في 30 يونيو، لولا كونه رأساً للجيش المصري.
..و هنا تجدر الإشارة أننا نصف حالة شعب و حسب، لا نمدحها و لا نذمها.

وهنا يفرض السؤال نفسه،إذن فيما كان بيان المجلس العسكري و في مثل هذا التوقيت ؟أحقاً لم يزد أن يكون لغواً فارغاً،و زائد عن الحاجة كما قدمنا؟... في حقيقة الأمر توقيت البيان يكشف لنا عن مقصده، ففقد بدأ الفريق"عنان"قبيل ذلك، بالترويج لنفسه،و خصوصاً لأمريكا كالمرشح التوافقي الذي لا يشق غباره بغبار،فأما في المؤسسة العسكرية فله رجالاته و أتباعه و تلاميذه و مريديه من ضباط و قيادات،أما من ناحية جماعة الإخوان فعلاقته بهم على خير ما يرام،و لهم به سيرة طويلة،و كيف لا؟.. و قد قام و رفيقه طنطاوي بتسليمهم مصر تسليم مفتاح،و الحق لم يقصر الأخوان ،فقد بدءوا في الأعلان عن دعمهم لعنان كمرشح للرئاسة، لا يحسبن ظان إنها من باب رد الجميل،فهذا شيء قلما عرفته الجماعة في تاريخها،أو قل لم تعرفه قط،أما علاقة عنان بأمريكا فلا تخفى على أحد،و يكفي أن تعرف تواجده الدائم بها ابان ثوة يناير 2011،أما علاقة الأمريكان بالإخوان فهي لا تحتاج إلى بيان،و ظنا الأثنان_أي الإخوان و أمريكا_بأن ثالثهم_أي عنان_قادر على إعادة الحياة لأول الأثنين،و يصطلح الجيش و الإخوان، وعلى شعب مصر يتفقان،و من ثم نعود إلى ما كان،و يصطلح الشيوخ و العسكر كباكستان،فنسبح فيها بحمد الخلافة و أسيادنا الأمريكان..إلا أن الجيش أصدر البيان فكان كالقارعة على رأس عنان ،فصحا من حلم ألف ليلة الذي قدمنا!.

حقيقة الأمر لا أظن أن البيان قصد أي شيء من عسكرة الدولة كما ذهب البعض، و أحسب أنه من البلاهة أن يعلنها المجلس العسكري على رءوس الأشهاد لو أرادها، وأحسب أنه من البلاهة ايضاً أن يعلن ذلك في مثل هذه الظروف الدولية المتوترة،و القوى الخارجية المتربصة،إذ هو لم يكد يدفع عنه تهمة الإنقلاب العسكري،فكم الحال و هو يعلن الحكم العسكري في البلاد،أما العجيب حقاً، فهو مرور ما يقرب 6 عقود على مصر وهي تحت حكم عسكري، دونما الحاجة إلى إعلان أو إِشهار!،ففيما حاجتهم إلى الإعلان الآن؟!

لم يكن البيان إذن أكثر من شهادة لرجال القوات المسلحة بانهم على قلب رجل واحد،و ليس بينهم من يتبع عنان أو فلان أو علان،و إذا ما كان ثمة مرشح من صفوفها فهو السيسي،و هي رسالة الجيش لكل ذي "عينين"، و هي موجهة لأمريكا و الغرب أكثر منها إلى الشعب المصري.. فالبيان إذن كان ركلة لعنان أكثر ما هو قبلة لسيسي.

بيت القصيد
للذين أقاموا سرادق العزاء و مآتم اللطم في تأبين الدولة المدنية الفقيدة،أقول لهم تريثوا قليلاً لعل أحدا لم يمت بعد...و لا تيأسوا فالموتى غدا كثر!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهداء ومصابون بقصف إسرائيلي استهدف مباني في مخيم جباليا ومدي


.. أبرز ما تناولته وسائل الإعلام الإسرائيلية في الساعات الأخيرة




.. لا معابر تعمل لتربط غزة مع الحياة.. ومأزق الجوع يحاصر السكان


.. فرق الإنقاذ تبحث عن المنكوبين جرّاء الفيضانات في البرازيل




.. جامعة برشلونة تقطع علاقتها مع المؤسسات الإسرائيلية