الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمتي متى السفر؟

فوزي بن يونس بن حديد

2014 / 2 / 9
الثورات والانتفاضات الجماهيرية



أواصل حياتي رغم الصعوبات والآفات والعاهات، أواصل مشواري في الحياة ولا أبالي بعثراتي، إن فكرت فيها وقفت باكيا على الحسرات، وسكبت عبراتي، وإن مشيت قفزت إلى السماء بخفقات قلبي الممتلئ بالنفحات، مرتجيا رحمات ربي أن تنثر في وجداني ما يُقلّ عثراتي، ويغفر سيئاتي، ويُنجيني من غضب رب الرحمات وخالق الأرض والسماوات، أواصل حياتي مقبلا لا مدبرا بعزيمة وإصرار، أدركت أن الحياة لا معنى لها إذا لم تكن لها نهاية، وأن الدنيا متاع زائل لا محالة، فأنا أستمتع بحياتي رغم فقري، حسبت الفقر زهدا، علمني كيف أعيش حياتي، وتذكرت الرسول صلى الله عليه وسلم حينما خاطبه ربي من فوق سبع سماوات " ووجدك عائلا فأغنى"، فليس الغنى غنى المال، ولكن الغنى غنى النفس، ولكن أكثرهم لا يعلمون، رأيت الناس قد سئموا وربما قد يئسوا، وربما انتحروا لمَّا رأوا غيرهم في المال انغمسوا، متاعب ومصاعب ومصائب، ونسوا ما قاله ربنا " يحسب أن ماله أخلده".
أواصل حياتي بين رعية لراع قد نسي من الواجبات، بين متذمر لمعيشة وراغب في الحياة، يحسبون كل شيء ولا ينفقونها في سبيل رب المكرمات، أموال مبعثرة وغنى فاحش يتربص بالفنانين والفنانات، ومواهب الكرات، الرِّجل أحيانا تذرف الأموال بلا حساب، والعلماء في قبوهم ينثرون دررهم بالكتابات، علمهم في الكتب وفي الرفوف مصففات، لا يذكرهم إلا من تشبع قلبه بالإيمان وبالنفحات.
ميسي ورونالدو ورونالدينيو، ومدريد وبرشلونة، وإمام وأم كلثوم وفيروز، عباد يذكرهم كل لسان من الشبان والفتيات، لو سألتهم بيان الشرع من يكون صاحبه يحبس لسانهم عن الكلمات، ولكنها الحياة تتطور وتتقدم إلى الوراء خطوات، فكونداليزا رايس قدمت للعرب مشروعها في تكتكات، سمّتها الفوضى الخلاقة أو الشرق الأوسط الجديد فهو آت، إن كنت تدري فماذا أعددت من يوميات، وإن كنت لا تدري فتلك مصيبة المصيبات، يعبث الكل بما هو آت، حروب ودمار وخراب سببها فكر عاتٍ، غُرّر بالشباب والشابات، أن اقتلوا الأطفال والنساء والرجال لأنهم كفار فهم موات، ثم الجنة تنتظركم على قدم وساق، مفتحة أبوابها للشهداء الذين يفجرون أنفسهم في القطارات والحافلات والسيارات، غير عابئين بأطفال ونساء وشيوخ تلهج ألسنتهم بتوسلات، تُدمع العين وتُفجع القلب وتدمّر الخلجات، بل تقضي على كل الأحلام والميولات، وترمي بهم في بئر سحيقة من شدة الويلات.
ها نحن نعيش اليوم عصر التكتلات، ما فازت أمة يوما كانت تقود الأخريات، تشرذمت وتشتتت، وتمزقت وتفرقت، ولم يعد أتباعها كما كان الأُول، متسلحين بالعلم والمعرفة وجميع أنواع الثقافات، ينشرون علومهم بل سرقت وذلك أعظم جلل، حدث في تاريخ البشر، درر نفيسة سرقها بنو قيقاع وبنو النظير، عندما أحسوا بأن الأمة في وهن، وان الانقضاض عليها قد اقترب، فاجتمعوا على قصعتها، وتقاسموا كعكتها، وأكلوا خيراتها، ورموا بفتاتها، قلبوا التاريخ رأسا على عقب وكأنهم هم عباقرة في العلم والمعرفة وأباطرة في التاريخ والأدب، وبدأوا يدنسون ديننا بكل وقاحة وسوء أدب، وأوصمونا بشتى صفات الخوف والرعب، وجاؤوا بألفاظ تنفر منها الطُّبع، قالوا: إرهاب وتطرّف وفوبيا وقاعدة وداعش وبو حرام والتوحيد والخلاص وجيش الرب، مسمّيات لخوارج قد ظهروا من جديد يفتكون بالبشر والشجر والحجر، كأنهم أتباع لهولاكو جديد برز بيد من حديد.
فالإسلام يا بشر، بريء من هؤلاء الغجر، الذين لا يفقهون إلا لغة القتل والضجر بل والدجل، صدّقتهم الجزيرة والعربية وغيرها من إعلام قد فجر، فدق الناقوس معلنا الخطر، أن الأمة فعلا في خطر، ما من بلاد إلا وصارت مرتعا للضياع، يعبث بها الفاسدون وشعبها جياع، وذلك هو المشهد المشاع، على الشاشات والصحائف والانترنت.
أواصل حياتي، وأسأل نفسي، أمتي متى السفر؟ متى الرحيل للأبد؟ متى تنعمين برائحة البلد؟ ولا أقسم برب هذا البلد، إن لم يعش الواحد آمنا فلن يعيش أحد، أيحسب الإنسان أنه سيظل طول الأمد، ألم يكن ذات يوم نطفة من عدم، فصار دمعه يسيل عن عمد، كيف خانه الدهر وأدبر، وتركه يتجرع الأسى والألم، باحثا عن الأمل، صارخا في وجه الملأ، ابتعدوا، افسحوا لي الطريق كي أصل إلى قمة الجبل، حينما يعصمني الله عن الكدر، حيث لا عاصم اليوم إلا من رحم من أمر العلي المقتدر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلب بوليسي يهاجم فرد شرطة بدلاً من المتظاهرين المتضامنين مع


.. اشتباكات بين الشرطة الأميركية ومتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين ب




.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال


.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني