الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصيدة فروغ فرّخزاد - الوهم الأخضر

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2005 / 6 / 25
الادب والفن


فروغ فرّخزاد

الوهم الأخضر
ترجمة: حميد كشكولي
أبكي اليوم كلّه في المرآة ،
أودع ُ ربيعَ نافذتي إلى وهم الأشجار الأخضر،
جسدي يتلوّى في شرنقة عزلتي،
و ريحة تاجي الورقي َّ
لوّثت هواء المناطق التي لا تُشرق عليها الشمس.

لقد تعبتُ ! لقد تعبتُ !
صوت الزقاق، صوت الطيور ،
وصوت ضياع الكُرات المكسوّة بالجوخ ،
و صوت تراكض الأطفال،
ورقص البالونات التي مثل فقاعات رغوة الصابون
كنّ يصعدن من نهاية ساق خيطيّ .

والهواء ،
الهواء الذي كأنه يلهثُ في قعر أعمق لحظات المضاجعة الداكنة ،
كان يضيّق الخناقَ على أسوار قلعتي الخامدة
وعبر الشقوق القديمة كان ينادي قلبي.

رؤيتي طوال اليوم انبهرت بعيون حياتي،
العيون المضطربة الهاربة من نظراتي الثابتة،
وكانت مثل الكذّابين تلوذ إلى انزواء الجفون الآمن .

أية قمّة ، أيّة ذروة؟
ألا أنّ كل الدروب المضلّة تلتقي في الثغر البارد الممتصّ وتنتهي ؟
ماذا أعطيتني يا كلمات السذاجة و الخداع،
و يا كبح الأعضاء و الأماني ؟
أما كان أكثر تغريرا من هذه الخدعة،
ومن هذا التاج الورقي المتهرئ على رأسي ،
لو قلّدْت ُشَعري وردةً ؟
كيف أخذتني روح الصحراء،
وأبعدني سَحَرُ شَهْر تكاثر الأغنام،
كيف كبر نقصان قلبي ،
ولم يكمّل نصفُه النصفَ الآخر.
كيف وقفتُ ورأيتُ أن الأرض تحت قدميّ تنسحب من نقاط ارتكاز.
ودفء جسدي التوأم ضلّ السبيل في انتظارِ عبث الجسد،
أية قمة ، أية ذروة؟

ألوذ إليكِ أيتها المصابيح المضطربة
ويا أيتها المنازل المضيئة الشكاكة
التي فوق سطوحك المشمسة
تدور الثياب المغسولة في أحضان الدخان المعطر
فاحمينني!

أيتها النساء الطيبات الناضجات ،
يا من وراء إهاب أناملكن الناعمة يتبعُ مسيرُ حركةٍ منعشةٍ جنينا
وفي شق ياقاتكن يتعلق الهواء بريح لبن طازج.

أية قمة ، أية ذروة؟

أيتها المواقد المليئة بالنار ،
يا أخفاف السعادة،
يا ترنيمة دولاب ماكينة الخياطة اللذيذة ،
ويا جدال الليل والنهار للسجادات و المكانس
احمينني !

أيها العشق الجشع الذي تزيّن رغبةُ البقاء الأليمة سلوكَك بماء السحر وقطرات الدم الطازج.
طوال اليوم ، طوال اليوم
انطلقتُ مثل جثة على الماء باتجاه أخطر صخرة،
صوب أعمق الكهوف البحرية،
والأسماك الأكثر أكلا للحوم،
وتتلوى فقرات ظهري الناعمة من الشعور بالموت.

لقد تعبتُ ، لقد تعبتُ ،
وقع قدمي يصعد من عنجهية الدرب
و أصبح يأسي أوسع من مثابرة روحي،
وكان ذاك الربيع و ذاك الوهم الأخضر
الذي كان يمر على البحيرة
يقولان لقلبي
انظر!
لمْ تتقدمْ إلى أمام قط ،
بل نزلتَ إلى أسفل.

** ** ** **
عن فروخ فرّخزاد:
لو كتب لها أن تعيش لكانت هذه الأيام في سبعينيات عمرها المجيد إذ توفيت إثر حادث سير قبل 37عاما. وقد كُتب فيها الكثير من القصائد ، وغنيت الكثير من الأغاني التي تمجدها ، وأُخرجت أفلام تمثل حياتها وكفاحها في سبيل الحرية ، كما تشكلت جمعيات عديدة أدبية باسمها .
كتبت فروغ فرّخزاد عن المرأة منطلقة من ذاتها ، فاضحة مظالم المجتمع البطريركي بحق المرأة. و كان فلمها الوثائقي " البيت أسود" الذي قامت هي باخراجها، عن علاقات الحب خارج الزواج. وكانت تدافع بكل شجاعة عن حرية الحب و مساواة المرأة مع الرجل في كل المجالات.
وفي زمن الشاه تعرضت إلى هجوم التيارات الأدبية المحافظة والتقليدية وانتقاداتها اللاذعة واتهاماتها الباطلة.
نشطت فروغ فرخزاد في ميادين مختلفة ، بالإضافة إلى أنها كانت شاعرة مجددة في الأدب الفارسي ، كانت أيضا مخرجة سينمائية مرموقة ، و ناقدة بارعة في الأدب والفن.
حاربت كل مظاهر التخلف و الأفكار الرجعية و المتخلفة التي هيمنت على الوسط الفنين في فترة كان جلّ الشعراء يتباهون بالتقاليد البالية و يقفون ضد الإنفتاح و التجديد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | الفنان فضيل يتحدث عن جديد أعماله في صباح العر


.. الجزائر تقرر توسيع تدريس اللغة الإنجليزية إلى الصف الخامس ال




.. حياة كريمة.. مهمة تغيير ثقافة العمل الأهلى في مصر


.. شابة يمنية تتحدى الحرب واللجوء بالموسيقى




.. انتظروا مسابقة #فنى_مبتكر أكبر مسابقة في مصر لطلاب المدارس ا