الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قطع الحلوى الرّخيصة

شفيق طارقي

2014 / 2 / 9
الادب والفن


التّحيّات لله والزّكيّات له وكلّ الأشياء الممكنة والمستحيلة وأمّا أنت فلك قطع من الحلوى الرّخيصة كلّما أسعدت جدّك بأداء فريضة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا، لم تكن ترجو من ورائها ثوابا ولم يتشكّل في وعيك بعد ما به تتمثّل كلّ تلك المغريات الجارية في كتاب الله لفظا وفي أنهاره عسلا وألبانا وخمرا ، لم أكن أحبّ العسل ولم أختبر في تلك السّنوات مباهج الخمرة وأمّا اللّبن فكان من المستحيل على مخيّلتي أن تتصوّره في أنهار ماذا لو غرق أحد سكّان الجنّة في نهر من اللّبن جدّتي كانت تضيف إلى طيسان اللّبن بعد خضّه في الشّكوة شيئا من الإكليل وحشائش برّيّة سقطت من ذاكرة الرّاوي، من المؤلم أن يغرق الواحد في تلك الأنهار لا سيّما إذا كان مثلي جاهلا بالسّباحة كنّا أبعد ما نكون عن البحر حتّى زياراتنا الخاطفة لسيادته من صائفة إلى أخرى لم يكن بوسعها أن تلقّننا المبادئ الأوّليّة في السّباحة ربّما استطاع بعضنا إلى ذلك سبيلا بشيء من الاجتهاد ولكنّني كنت فاشلا بكلّ المقاييس في احتذاء سمتهم أحرّك يديّ كما يحرّكون وكذلك رجليّ ولكن بلا جدوى أجدني في كلّ مرّة أتخبّط كالدّجاجة، بسبب من هذا كنت لا أتجاوز الطّوق البشريّ الّذي يعقده لنا المشرفون على الرّحلة أعود من كلّ رحلة بأصداف كثيرة وبماء البحر في قارورة بلاستيك جدّتي كانت تتبرّك بمياه البحر تسمّيه " سيدي البحر" ولا تجد حرجا في أن تتمسّح بمياهه متمتمة، وكثيرا ما كان البحر يستجيب لدعائها، هي تتصوّر مثلا أنّ نجاحي المميّز من سنة إلى أخرى كان يتمّ بفضل من سيدها البحر ولهذا لم تكن تتردّد في منحي ثمن الاشتراك في تلك الرّحلات ومصروف جيب قدره عشرون دينارا كافية لاقتناء " الجيلاط " كلّ مساء ولاقتناء أشياء بسيطة كانت تسعد إخوتي كرة مائيّة لم يكن من المنطقيّ أن يستعملها المرء في بيئة صحراويّة ولكنّنا كنّا نتدبّر أمرنا ونصطنع لنا ألاعيب مواتية، بالإضافة إلى أكياس الحلوى ولعب بلاستيكيّة كان أحبّها إلى نفسي المسدّس المائيّ، وبدرجة أقلّ كنت أحبّ الأقنعة ومن المقتنيات الّتي كانت تلازم عودتي أتذكّر النّاي كنت أشتريه وأنا جاهل بالعزف أتّخذه لي رفيقا في الفيافي ولا أكفّ عن النّفخ متخيّلا قطعان شياه تتبعني، عادة ما ينتهي الأمر بنايي الحزين إلى أن يكسر على رأسي يحصل هذا حين أزعج قيلولة والدي فأعود بآخر في صائفة لاحقة، لم أكن في تلك السّنوات الخوالي أجد في تلك المغريات ما يشدّني إلى النّصّ وقائله حتّى الحور العين ظلّ مركّبا مبهما لا يحيل على شيء خارج إيقاعه الصّوتيّ فقط وحدها قطع الحلوى الرّخيصة كانت تمنحني الصّبر على تلك الحركات أؤدّيها على غير رغبة وحين أصل إلى ما لله من تحيّات تزداد الجنّة ابتعادا وتقترب قطع الحلوى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. «جمع ماشية ورحيم ومرادف البؤس».. أسئلة أثارت جدلًا في امتحان


.. تششيع جنازة والدة الفنان كريم عبد العزيز




.. تشييع جثمان والدة الفنان كريم عبد العزيز.. وتعديل موعد العزا


.. ما اقدرش اتخيل البيت من غير أمى.. كلمات حزينة من الفنان كريم




.. الفنان كريم عبد العزيز يمنع التصوير منعاً باتاً في جنازة وال