الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفعل الكنفيدرالي بتيزنيت بين ضرورتي النقد و التحصين

احمد الطالبي

2014 / 2 / 9
الحركة العمالية والنقابية



ليس من السهل دراسة موضوع الفعل النقابي الكونفيدرالي بتيزنيت ، بالنظر إلى صعوبة جمع كافة المعطيات المرتبطة به،لأن الأمر يتطلب دراسة أرشيف النقابة و جميع وثائقها دراسة متأنية ، الشيء الذي يتطلب و قتا وجهدا كثيرين .
و نظرا لأننا لا نتوخى من هذه الورقة الدراسة المعمقة، لأن ذلك من اختصاص الدارسين المتخصصين، سنكتفي فقط بتتبع بعض محطات هذا الفعل في سياقاتها لنستخلص منها الدروس و العبر لعلنا نساهم في إغناء النقاش الإيجابي البناء والموضوعي حول الفعل النقابي عموما و الكونفيدرالي خصوصا ، لما فيه مصلحة الشغيلة و الإطار النقابي معا.

شكلت النقابة الوطنية للتعليم بتيزنيت، نواة الفعل الكونفيدرالي والتي تأسست حسب ما أفادني به المناضل القديم في النقابة السيد علي رباح إبان الموسم الدراسي 77/78 في إطار الدينامية التي أفرزتها مواجهة البيروقراطية داخل الإتحاد المغربي للشغل عبر تأسيس نقابات وطنية في مختلف القطاعات وطنيا ، مع فروعها إقليميا والتي تمت مركزتها داخل الكونفيدرالية الديمقراطية للشغل ، و قد ساهمت النقابة آنذاك في تأطير إضرابات 4 أبريل 1979 التي أسفرت عن اعتقال مجموعة من المناضلين ، منهم الرفيق علي رباح صاحب الإفادة ، و بهوش أحمد و الحسن بن الشيخ و محمد أبو القاسم و محمد بن مايس ، الذين كان لهم شرف أداء ضريبة النضال بتيزنيت ...

كانت تلك إذن بداية شرارة الفعل النقابي الكونفيدرالي بتيزنيت التي أذكاها الحماس المرتبط بالنضال اليساري الوطني في سياق دولي يعرف العديد من الحركات الثورية و التحررية في أمريكا اللاتينية وآسيا و أفريقا و كذلك تداعيات الأحداث الطلابية بفرنسا : مايو 68 ....
امتد الفعل النقابي الكونفيدرالي من التعليم ليشمل مختلف القطاعات عبر سنوات الثمانينيات والتسعينات : الصحة ،البريد ،التعاون الوطني ، الأشغال العمومية ، غير أن قطاع التعليم كان دائما القاطرة التي يتمحور حولها الفعل النقابي خاصة في ما يتعلق بأداء مصاريف كراء المقر و انتظام اجتماعات مجالس الفرع ، و الحضور في الحركات الاحتجاجية والمساهمة في تأطيرها إلى جانب القوى السياسية التقدمية والحقوقية الحليفة .
ومكنت هيكلة مختلف القطاعات من الشروع في تظاهرات عيد الشغل منذ سنة 1989..
كما أطرت الكدش العديد من الإضرابات خلال سنوات التسعينات سواء منها القطاعية أوالعامة ، على مستوى الإقليم..وتم تنظيم أول اعتصام بقطاع التعليم دام أسبوعا ببهو النيابة منتصف التسعينات لمواجهة الشطط في استعمال السلطة من طرف النائب الإقليمي آنذاك ، كما كان للنقابة الوطنية للتعليم كدش شرف إصدار بيان ضد الفساد و التحرش بداخلية ثانوية المسيرة انتهى بمحاكمة المكتب النقابي بداية التسعينات ..
غير أنه رغم تلك النضالات ورغم تلك الهيكلة القطاعية يمكن تسجيل بعض الإختلالات تتمثل في:

-1 عدم خلق الآلية التنظيمية لمراكمة الفعل من قبيل تأسيس المركز العمالي في حينه و استثمار الدينامية النضالية التي كان الشباب المنخرط في كل القطاعات عمودها الفقري....

-2غياب التكوين في مختلف المجالات المرتبطة بالفعل النقابي في بعده التنظيمي و الأيديولوجي والتفاوضي، مما أفرغ الفعل من أية إستراتيجية طموحة تستحضر المستقبل و تؤسس له ، باستثناء الجموع العامة و مجالس فرع قطاع التعليم التي كانت فرصا للنقاش والتداول ..

-3 غلبة الهاجس السياسي الضيق المتمثل في تبعية النقابة للحزب والفشل في تدبير الاختلاف الذي استفحل خلال سنوات التسعينات بعدما التحق العديد من مناضلي الحركة الطلابية بقطاع التعليم من مختلف الفصائل، وكذا بداية ظهور خطاب الحركة الأمازيغية . وهي طاقات نضالية تم إهدارها ، و تآكلت بفعل الصراع والتطاحن مما فوت على الكونفيدرالية محليا فرصا كثيرة للتجدر، الشيء الذي أنعش الطحالب النقابية ذات التوجه ألظلامي ، و الانتهازي في مختلف قطاعات الوظيفة العمومية ، و الذي زاد من حدته تداعيات الصراع داخل المركزية وطنيا بعد دخول الحزب المهيمن آنذاك إلى الحكومة وانسحاب أنصار التجربة الحكومية وتأسيس- الفدش- الشيء الذي كانت له تداعيات على الفروع ، مما أربك الفعل داخل بعض القطاعات التي كان التأطير فيها ضعيفا أو منعدما..

وبفعل تلك الأزمة ، بقي قطاع التعليم يصارع من أجل ضمان استمرار روح النضال داخل الكدش في غياب دور فعلي للمركز العمالي ، حيث تم تجديد مكتب النقابة الوطنية للتعليم سنة 2004 باعتماد آلية التوافقات السياسية استحضارا لإكراهات المرحلة، وقد ساهم الجميع في إعطاء دينامية جديدة للعمل واستطاعت الكدش-التعليم- استرجاع حيويتها و روحها بالمساهمة في تصحيح اختلالات عمل اللجنة الإقليمية بنيابة التعليم التي كان يهيمن عليها التيار الرجعي ، كما ساهمت في مختلف المبادرات النضالية المحلية، بدءا بالمساهمة في تأسيس التنسيقيات المناهضة للغلاء و الفساد والمشاركة بفعالية في قوافل التضامن ، واحتضان العديد من الإعتصامات في ظروف صعبة - معطلو افني – كما ساهمت في التفاوض مع السلطة من اجل فك الحصار عن المعتصم و الاستجابة لمطالب المعطلين. وساهمت بفعالية كبيرة في إنجاح المحطات الاحتجاجية ضد الاقتطاعات من أجور المضربين، كما وضعت كل إمكانياتها رهن إشارة حركة شباب 20 فبراير...
وتعرضت الكدش لإستفزازات كثيرة ردا على صدق نضالاتها من قبيل تقديم كدشيين للنيابة العامة بعد فاتح ماي مباشرة سنة .2007..

هناك إذن إصرار على الصمود و الاستمرار، وهناك إرادات صلبة تقاوم رغم كل المثبطات التي تعترض الفعل و المتمثلة في الأزمة التنظيمية للفرع المحلي لنوت كدش والتي تستدعي من بين ما تستدعيه :

- 1تعبئة كافة الإرادات وكافة الطاقات للرقي بالفعل الكونفيدرالي و تحصينه وضمان استمرار يته....
- 2 القراءة العلمية للواقع و الراهن على المستوى المحلي و استحضار ضرورة الحاجة إلى حركة نقابية قوية ..
3- عدم استنزاف ما تبقى من الطاقات وتعريضها للتآكل و اليأس بسبب الجمود التنظيمي الذي دام سنوات و يهدد استمرارية الفرع النقابي.
و إذا كان لهذه الأزمة ما يبررها ذاتيا و موضوعيا ويتجاوز الإمكانيات المتوفرة فإن تجاوزها يبقى من مسؤولية الجميع قيادات ومناضلين ومنخرطين و متعاطفين، وليس ذلك بعسير عليهم لصدق إيمانهم و قناعاتهم وتمسكهم بإطارهم الذي تربوا فيه و أعطوه بسخاء من مالهم ووقتهم و أحيانا من صحتهم...
إن هذه الورقة، ليست من باب الإستعراض بل هي من باب الإستنهاض من أجل تثمين هذا التاريخ الحافل بالعطاء، والشد على أيادي الذين صنعوه وساهموا فيه بإخلاص و تفاني كل من موقعه: قيادات و مناضلين ، و من اجل تحفيز الطاقات و الروح النضالية الكونفيدرالية لتجاوز الإكراهات...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصوات من غزة| في يومهم العالمي.. العمال يعانون البطالة وقسوة


.. لمن ستذهب أصوات العمال الأميركيين في الانتخابات المقبلة؟




.. كل يوم -د. أحمد غنيم لـ خالد أبو بكر: قانون التأمين الصحي ال


.. الشرطة في جورجيا تفرق محتجين حاولوا اقتحام البرلمان احتجاجا




.. العالم الليلة | عنف الجامعات يثير انقساماً في أميركا.. وجورج