الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محطات قديمة

خالد درويش

2014 / 2 / 10
الادب والفن


محطات قديمة
خالد درويش

1
متكأ بمرفقيّ على ماكينة الخياطة من نوع "سينجر"،
التي اشتراها أبي بعد إلحاح أمي الطويل،
والمركونة تحت نافذة إحدى غرفتي بيتنا في المخيم،
قرأت " تلك صورتها وهذا انتحار العاشق"
لـ محمود درويش.
لم أفهم الكثير من معاني الديوان،
ولكنه أعجبني.

2
في قاعة المطالعة
بالمركز الثقافي بحلب،
بين نظرات فتاة خجولة
ترتدي بلوزة ليلكية
وخشخشة الكتب بين يدي المتصفحين
قرأت "دمشق الحرائق"
لـ زكريا تامر.

3
أعارني مدرس اللغة الإنكليزية ماهر أبو حطب
كتاب "الإنسان ذلك المجهول" لـ ألكسيس كاريل،
بعد أن حدثني طويلا عن مغازيه وحثني على قراءته.
لم اقرأ الكتاب، رغم نيتي المتكررة وإعجابي بالأستاذ ماهر
الذي مات بصعقة كهربائية
وهو يجفف قميصه المبلل
بسشوار اشتراه من سوق الخردة،
ومع ذلك؛
كنت أخوض بحماسة في أيّ نقاش حول الكتاب وكاتبه.

4
على الرصيف المحاذي لسكة الترام
بين جامعة صوفيا
ومقهى "بروليت" المطل على نصب تذكاري
يخلّد كفاح الشيوعيين ضد الإمبريالية،
صمّمه فنان بلغاري ثمّ فرّ من البلاد للعيش في أمريكا
حدثني صديقي اليوناني بانايوتيس ستاتييانوبوليس بشغف
عن "مائة عام من العزلة" للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز.

5
في سوزوبول
على شاطئ البحر الأسود
قرأت كتاب "خريف الغضب"
لـ محمد حسنين هيكل
وأنا أتوقّع، بين صفحة وأخرى،
إطلالة حبيبتي ايفا
التي غادرتني، بعد شجار ساخن،
لتكمل أيام استجمامها مع صديقاتها
في احد المنتجعات المجاورة.

6
كتبت ديوان "الجبل"
الذي صدر عام 1978
في سنتين؛
شربتُ خلالها الكثير من النبيذ
وتسكعتُ في دروب تعجّ بالحراس والمتسولين.
استوقفتني، في حي الأزبكية، عند الفجر،
نوافذ بيوت تفوح منها رائحة النوم
وزكمتْ أنفي أبخرة النشادر
المنبعثة من المباول المرتجلة خلف مقهى الحجاز.
آويتُ من حرّ الظهيرة إلى فناء المسجد الأموي
ودخلتُ فنادق فارهة بذريعة البحث عن صديق.
ركبتُ القطارات إلى دير الزور على ضفاف الفرات
وتمتّعتُ بمشهد المراكب في ميناء طرطوس،
أكلتُ كرزاً مسروقاً من بستان في قرية ميماس
وحُشرتُ في زنزانة ضيقة بسبب الكتابة المشاكسة.
ولكنني كتبت ديوان "الوقائع"،
الذي صدر عام 1981
في ليلتين؛
الأولى في دمشق
حين عادت حبيبتي إلى بلدتها على شاطئ المتوسط، وتركتني وحيداً في غرفة من توتياء على سطح بيت رطب في حيّ الميدان تسكنه الشياطين وعجوز في التسعين تعيل ولدين معوّقين جاوزا الستين ورفّ حمام مسجون في قفص من نحاس،
والثانية في صوفيا
في بيت تطل شرفاته على الجنة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ندوة الرواية والفنون: روايات واسيني الأعرج أنموذجا- الجلسة ا


.. ندوة الرواية والفنون: روايات واسيني الأعرج أنموذجا- الجلسة ا




.. دوة الرواية والفنون: روايات واسيني الأعرج أنموذجا- الجلسة ال


.. أرملة جورج سيدهم تتبرع بقميصه في مسرحية المتزوجون بمزاد خيري




.. ندوة الرواية والفنون: روايات واسيني الأعرج أنموذجا- الجلسة