الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حمدين صباحي والبلالية وانتخابات الرئاسة المصرية

جوزيف بشارة

2014 / 2 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


من المتوقع أن يعلن حمدين صباحي خلال ساعات ترشحه في الانتخابات الرئاسية في مصر التي ستجرى في القريب العاجل. الانتخابات هذه المرة تختلف عن انتخابات عام ٢-;-٠-;-١-;-٢-;- التي ترشح فيها صباحي وحصل فيها على المركز الثالث وأيده فيها نحو خمسة ملايين ناخب. يعود سبب الاختلاف بين الحدثين إلى طبيعة المرشحين. في انتخابات ٢-;-٠-;-١-;-٢-;- شارك ثلاثة عشر مرشحاً في المرحلة الأولى منهم محمد مرسي وأحمد شفيق وعمرو موسى وعبد المنعم أبو الفتوح وسليم العوا وحمدين صباحي. أما انتخابات ٢-;-٠-;-١-;-٤-;- فالأمر يبدو فيها مختلفاً، إذ من المتوقع أن يخوضها أمام صباحي وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، الذي يحظى بشعبية جارفة منذ لعب دور البطولة في عزل نظام الإخوان المسلمين. باستثناء صباحي، لا يتوقع أن يخوض أحد من الأسماء السياسية المعروفة الانتخابات، حيث أعلن عبد المنعم أبو الفتوح، الإخواني المستتر، عدم الترشح. الأمر إذن يبدو أنه سينحصر بين السيسي وصباحي.

دعونا نؤكد في البداية على أنه من المهم أن تكون الانتخابات الرئاسية المقبلة متعددة الاطراف. لعله من غير المقبول اليوم أن تكون الانتخابات أحادية، بمعنى أن يتقدم مرشح واحد وينتهي الأمر بحصوله على ٩-;-٩-;-.٩-;-٪-;- من الأصوات. لقد انتهى عصر الانتخابات الأحادية من العالم، ويجب أن ينتهي من مصر وجميع دول المنطقة أيضاً. من الأمور المهمة في أي انتخابات أن يتقدم لها عدد من المرشحين من كافة التيارات السياسية السلمية، على أن يختار الشعب مرشحه الأنسب. لذلك أرى أنه يجب الترحيب بحمدين صباحي مرشحاً للرئاسة شريطة أن يلتزم المرشحون بقواعد المنافسة السياسية الشريفة، وأن يقفوا على قدم المساواة أمام الشعب من دون أن يحظى مرشح دون أخر بدعم رسمي أو مؤسسي، وأخيراً أن يلتزم الجميع بنتائج الانتخابات وأن يحترموا رغبة الناخبين.

يعتقد الكثيرون أن السيسي سيكتسح الانتخابات، وأن أي مرشح، مهما كانت شعبيته، لن يحظى بفرصة حقيقية في مواجهة الرجل الأقوى في مصر. ربما كانت وجهة النظر هذه محقة بشكل كبير إذا أخذنا في الاعتبار التغيير الكبير الذي حدث في المزاج السياسي للشارع المصري في السنتين الماضيتين. لا يوجد أفضل من نتائج الاستفتاء على دستور ٢-;-٠-;-١-;-٤-;- للتدليل على انحياز المصريين لنظام جديد يقوده رجل المؤسسة العسكرية عبد الفتاح السيسي. شارك في الاستفتاء على الدستور نحو واحد وعشرين مليون ناخباً، وبلغ عدد المؤيدين نحو عشرين مليون ناخباً بنسبة تزيد على ٩-;-٨-;-٪-;-. وإذا عرفنا أن من أدلوا بأصواتهم في انتخابات عام ٢-;-٠-;-١-;-٢-;- لم يزيدوا على ٢-;-٦-;-.٥-;- مليون ناخباً فإنه من المعتقد على نطاق كبير أن لا يواجه عبد الفتاح السيسي منافسة تذكر.

لماذا إذن يترشح حمدين صباحي في الانتخابات إذا كان يعي صعوبة إن لم يكن استحالة فوزه؟ الإجابة الأرجح هي أن مشاركة صباحي لا تزيد عن تسجيل موقف من المؤسسة العسكرية والأوضاع التي خلّفتها ثورة الثلاثين من يونيو. رفض حمدين صباحي، كعدد أخر من السياسيين أو المسيسين، الأحداث التي تلت عزل نظام الإخوان ومحمد مرسي. هم رفضوا فض اعتصام رابعة الذي ضم إرهابيي التيارات الإسلامية، ورفضوا بعض مواد الدستور الجديد، ورفضوا اعتقال قادة الإخوان، ورفضوا اعتبار جماعة الإخوان تنظيماً إرهابياً، ورفضوا أيضاً ترشيح السيسي لرئاسة الجمهورية.

وإذا كنا نرحب بخوض حمدين صباحي الانتخابات، فإن هذا لا يمنعنا من الإعراب عن رأينا بموضوعية في اتجاهاته وسياساته. يعرف الجميع أن حمدين صباحي يعبِّرهذه الأيام عن تيار غامض الاتجاه لا يعرف أحد على وجه التحديد ماذا يريد. هذا التيار، الذي كنت أسميته البلالية نسبة إلى أحد أبرز أصواته السينارست بلال فضل، لم يتوقف طوال السنوات الثلاث الماضية عن التحدث عن أمر وفعل عكسه. على سبيل المثال، البلاليون يتحدثون عن الديمقراطية وتجدهم ينكرون نتائج الاستفتاء على الدستور، يتحدثون عن فصل الدين بالدولة ثم تجدهم يتحالفون مع تيارات الإسلام السياسي، يتحدثون عن السلام والأمن ثم تجدهم يدافعون عن جماعة الإخوان المسلمين التي تمارس الإرهاب وتروِّع المصريين.

تاريخ حمدين صباحي ذاته لا يختلف كثيراً عن السلوك السياسي للبلاليين. فحمدين صباحي الذي يتشدق بالديمقراطية في أحاديثه لم يدعم في حياته إلا الأنظمة الدكتاتورية. منذ نشأته يعتبر صباحي نفسه ناصرياً، ولعلنا لسنا بحاجة لشرح علاقة جمال عبد الناصر بالديمقراطية. كما أيد صباحي أنظمة صدام حسين في العراق والقذافي في ليبيا والأسد في سوريا. فهل كان أي من أولئك ديمقراطياً؟ استخدم صدام حسين السلاح الكيماوي ضد شعبه، وتخلص القذافي من كل معارضيه بتصفيتهم جسدياً، وقمع الأسد (الكبير ومن بعده الصغير) كل محاولات السوريين لنيل الحرية. لا يقتصر تناقض حمدين صباحي لنفسه على قضية الديمقراطية، لكنه يمتد أيضاً لواحدة من المسائل التي كرَّس لها عمره وهي قضية الناصرية. يدّعي حمدين صباحي ناصريته لكنك تجده يتحالف مع جماعة الإخوان المسلمين التي تعد ألد أعداء عبد الناصر والناصرية. يضاف إلى ذلك تناقض حديث صباحي عن مدنية الدولة مع سعيه الدؤوب للتعاون مع التيارات الإسلامية التي تسعى لأسلمة الدولة بكاملها.

لم يكن حمدين صباحي أبداً خياراً جيداً لقيادة مصر. حتى حين اشتدت وطأة المنافسة في انتخابات ٢-;-٠-;-١-;-٢-;- لم أعتقد ولم يخطر بذهني ولو للحظة واحدة أن أمنح صباحي تأييدي. لست أعتقد أن صباحي رجل دولة قادر على إدارة نظام يمكن أن نثق به. اختيارات وقرارات حمدين صباحي لم تكن أبداً محل ثقة، وفي هذا المجال لا يجب أن ينسى الناخبون تأييد صباحي لتنظيم القاعدة الإرهابي تحت مسمى دعم المقاومة ضد قوات الاحتلال الأمريكي في العراق.

لست أخفي أنني كنت أتمنى أن تكون هناك مدنية شخصية قوية جذابة تفعل ما تقول وتؤمن حقاً بالديمقراطية والحرية ومدنية الدولة حتى تقف أمام رجل المؤسسة العسكرية القوي في انتخابات حرة نزيهة. ولكن بعيداً عن العسكريين لم تعرف مصر مثل هذه الشخصية بعد. المدنيون الموجودون على الساحة اليوم بمن فيهم حمدين صباحي أكدت أعمالهم أنهم غير جديرين بقيادة مصر. لهذا يغرد السيسي منفرداً في سباق الرئاسة معتمداً على الدعم الهائل الذي يلقاه من عشرين مليون ناخباً، فضلاً عن دعم المؤسسة العسكرية ودعم الإعلام المصري المساند لثورة الثلاثين من يونيو. سيتنافس السيسي نظرياً مع كل من يرغب في خوض الانتخابات ولكن منطقياً وعملياً مع نفسه. دعونا نأمل في انتخابات ونتائج نظيفة، ودعونا في النهاية نقبل بإرادة الشعب من دون مزايدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أحلاهما مرُّ
عمران ملوحي ( 2014 / 2 / 10 - 00:44 )
-وقال أصيحابي: الفرارُ أو الردى؟..
فقلتُ: هما أمران أحلآهما مُرُّ- (أبو فراس الحمداني)
قرات مقالك: أخي جوزيف بشارة، متمعناً فيه... واضح أن حمدين صباحي يلعب على عشرة حبال.. بينما السيسي يلعب على حبلين.. وأحد الحبلين (أمريكي)، بعد انقطاع حبل الولايات المتحدة مع جماعة الإخوان المسلمين..
الرهان على السيسي مقامرة خطرة.. لكنها الأسلم، عسى الرجل يستطيع التخلص من العباءة الأمريكية..
أحييك من سورية الصامدة المجروحة من تآمر الإخوان المسلمين عليها.. عسى أن السيسي إذا نجح، أن يجد الجرأة على إحراق عباءة الولايات المتحدة، وخلع (الشماخ السعودي) الأسود عن مصر..


2 - صباحي إنسان فاشل.
أحمد حسن البغدادي. ( 2014 / 2 / 10 - 01:31 )
شكرا ً أستاذ جوزيف على هذا التحليل، ونحن نضيف؛

هناك خطأ ستراتيجي إرتكبه صباحي، يدل على مدى فشله السياسي وأنانيته، وتفضيل مصلحته على مصلحة مصر والمنطقة، قبل أن تكون له تجربة حكم.
هذا الفشل الذي يدل على عدم وجود بعد نظر عنده، هو دعوته لأنصاره بعدم التصويت في الإنتخابات النهائية بين مرسي والفريق أحمد شفيق، فلو دعى أنصاره للتصويت لأحمد شفيق، الذي كان على شفة الفوز، لفاز شفيق، كما فعل عمرو موسى حين دعى أنصاره للتصويت لأحمد شفيق وقال نحن نصوت للدولة المدنية، لمعرفته بخطورة الإخوان على مصر والمنطقة العربية، بل إننا لم نسمع موقف مميز واحد لصباحي قبل مرحلة مرسي وبعده، يدل إن هذا الشخص رجل دولة، كل مانسمع عنه هو، إني ناصري،
أين أنت من عبد الناصر، الذي غير وجه مصر وغير المنطقة العربية بأكملها، والذي كان صادقا ً وأمينا ً مع نفسه ومع شعبه، رغم إضرار عبد الناصر الضرر البليغ بالعراق بإطاحته بالزعيم الشعبي عبد الكريم قاسم، وإضطهاده للتقدميين والشيوعيين في مصر وتفريغه الساحة عمليا ً للإخوان المسلمين والرجعيين والإنتهازيين الذين برزوا بالساحة مباشرة ً بعد موته.

تحياتي...

اخر الافلام

.. التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيد


.. ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. استمرار تظاهرات الطلاب المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمي


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. ومقترحات تمهد لـ-هدنة غزة-




.. بايدن: أوقع قانون حزمة الأمن القومي التي تحمي أمريكا