الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عودة التقارب التركي الإيراني..تراجع تركي أم سياسة المصالح؟

مازن جهاد وعري

2014 / 2 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


حمل الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني والذي وقع في 24 تشرين الثاني بين ايران من جهة والولايات المتحدة والدول الأوربية من جهة أخرى جملة من التغيرات في إطار العلاقات بين الدول في منطقة الشرق الأوسط تحديداً.. حيث أعادت بعض دول المنطقة حساباتها وبدأت تبني سياستها الخارجية على أساس المصلحة مبتعدة عن بعض أهدافها ومشاريعها السابقة الإقليمية منها والمحلية..
ولعل أهم تغير حصل هو حالة كسر الجليد في العلاقات بين تركيا وإيران بعد حالة القطيعة التي وصلت حد العداء بسبب موقف البلدين المتناقض من الأزمة السورية فإيران وقفت الى جانب النظام في سوريا وما تزال تدعمه بشتى الوسائل العسكرية والاقتصادية والسياسية أما تركيا فقد كانت القاعدة الرئيسية التي انطلقت منها المعارضة المسلحة لنظام الأسد حيث فتحت حدودها لمرور عشرات الآلاف من المسلحين لقتال الجيش السوري المدعوم من إيران بشكل رئيسي، كما أنها استضافت المعارضة السياسية والقنوات الإعلامية المناهضة للنظام السوري وللسياسة الإيرانية، بل قامت تركيا منذ بداية الأزمة في سوريا بعمليات استفزاز موجهة للإيرانيين تحديداً كإجبار الطائرات الإيرانية المتجهة إلى دمشق على الهبوط في انقرة وإخضاعها للتفتيش بحثاً عن مساعدات عسكرية ترسلها إيران الى سوريا عبر الطيران المدني.. هذا التناقض الحاد في المواقف دفع المسؤولين في البلدين وفي مناسبات عديدة الى إصدار العديد من التصريحات اللاذعة بحق الطرف الآخر لعل أشهرها ما صرح به رئيس الحرس الثوري الإيراني رداً على قيام تركيا بالموافقة على نشر صواريخ الباتريوت على اراضيها حيث قال" سنضرب القواعد العسكرية في تركيا إذا ما تعرضنا لهجوم"..
أما الآن فقد أصبحت إيران بمثابة (الوطن الثاني) لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان كما أعلن في زيارته الأخيرة لطهران، إذاً ماذا تغير؟ وما هي الأسباب التي دفعت بالساسة الأتراك وعلى رأسهم رئيس الوزراء بتغيير موقفهم تجاه إيران؟
إن أول مؤشرات هذا التحول كان قد ظهر خلال زيارة وزير الخارجية التركي، أحمد داود أوغلو الأخيرة إلى طهران، وتمثل في الدعوة المشتركة مع وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، إلى وقف إطلاق النار في سوريا، قبل الذهاب إلى "جنيف2"، حيث يمكن اعتباره من أوضح المؤشرات على التحول، الذي بدأ يلمس في مواقف الأطراف
إذاً الأسباب بالتأكيد عديدة ولعل أهمها يتمحور حول الأزمة السورية وتداعياتها على الرغم من غياب التصريحات التركية حول هذا الملف في الزيارة الأخيرة لأردوغان الى طهران، فتركيا لم تعد متحمسة لفكرة إسقاط النظام السوري بل على العكس ربما وجدت الآن أن إيجاد حل سياسي سريع للأزمة السورية من شأنه أن يبعد تركيا عن احتمالات خطيرة تهدد أمنها القومي ويضعها امام تحولات جيوسياسية على حدودها الجنوبية الشرقية ستؤثر حتما على داخلها المضطرب حيث لم ينجح الأتراك في تحجيم قوة ونفوذ الحزب الكردي، بعد أن نجح في تكبيد القوى الإسلامية المتشددة، مثل «داعش» و «النصرة» وكتائب إسلامية تابعة للجيش الحر، خسائر فادحة في الأرواح والمعدات والمناطق التي كانت تحت سيطرتها، على يد المقاتلين الكرد المنضوين في «وحدات حماية الشعب». زد على ذلك أن إصرار حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي، وبمشاركة بعض الأحزاب الكردية والسريانية والجماعات العربية في المنطقة الكردية، على تنفيذ مشروع «الإدارة الذاتية الموقتة في غرب كردستان»، دق الناقوس الأخطر على مسامع الأتراك، كون هذه الإدارة، ذكرتهم، بظروف وأجواء ومعطيات، قيام كيان فيديرالي كردي في العراق..
كما أن أردوغان يبدو أنه اكتشف مؤخراً أن سياسة (صفر مشاكل) قد تحولت إلى (صفر أصدقاء)، فبعد دعمه الكبير للمعاضة في سوريا في سياق تدعيم مشروعه الإسلامي في المنطقة سرعان ما تراجع عن أهدافه وطموحاته لا سيما بعد الهزيمة التي مني بها حلفاؤه الإخوان المسلمون في مصر وتوتر علاقاته مع المملكة السعودية وتوجه كل من عمان والإمارات الى مزيد من التفاهمات مع إيران، فأيقن أن حلفاءه في سوريا لن يعوضوا له خسارته الكبيرة إقليميا.. فقرر التوجه بداية الى ملفاته الداخلية المتأزمة أصلا من تداعيات الأزمة السورية وإلى إعادة تموضع جديد في علاقات تركيا مع دول المنطقة وعلى رأسها إيران.
صحيح أن تركيا كانت المبادرة الى تحسين العلاقات مع إيران إلا أن الأخيرة تعي جيداً الفائدة القصوى من هذا التحسن حيث تعد تركيا بوابة إيران إلى الغرب إذا ما أدى الاتفاق بشأن برنامجها النووي مع الغرب إلى نتائجه الإقتصادية المرجوة إيرانيا..
إن ما يحدث على الساحة الإقليمية خير مثال على ما يدور في عالم المصالح والحسابات الإستراتيجية، إيران وتركيا على خطوط التقارب، بعد الصراع الدموي الذي كان من أدواته في المنطقة كلا الطرفين، والسعودية تعيد حساباتها حيث صدر منذ أيام أمر ملكي بإنزال أشد العقوبات لكل من يقاتل خارج المملكة من السعوديين في سوريا وكل من يمول اويسهل أو يدعو لخروجهم، بل إن السفارة السعودية في أنقرة اعلنت عن استعدادها لاستقبال المقاتلين السعوديين في سوريا وإعادتهم إلى بلدهم، وهذا أيضاً له أسبابه أمريكياً..
إن إيجاد حل سلمي للملف النووي الإيراني يبعد عن المنطقة شبح الحرب، ويلغي التخوفات الموجودة عند دول الخليج تحديداً، هذا ما قد يؤدي الى زيادة الثقة المتبادلة مع إيران وما سينعكس تأثيره إيجابا لحل المزيد من الملفات الشائكة والعالقة وعلى رأسها الملف السوري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الألعاب الأولمبية باريس 2024: إشكالية مراقبة الجماهير عن طر


.. عواصف في فرنسا : ما هي ظاهرة -سوبرسيل- التي أغلقت مطارات و أ




.. غزة: هل بدأت احتجاجات الطلاب بالجامعات الأمريكية تخرج عن مسا


.. الفيضانات تدمر طرقا وجسورا وتقتل ما لا يقل عن 188 شخصا في كي




.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة ويوقع المزيد من القتلى و