الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لمصلحة من إرهاب مسيحيي العراق؟

علاء مهدي
(Ala Mahdi)

2014 / 2 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


شاهدت فيلماً على الإنترنيت عن التفجير الإرهابي الذي أستهدف سوق الآثوريين بمنطقة الدورة ببغداد وأعترف بأنني لم يسبق لي التعرف على مدى ومستوى قباحة الإرهابيين أيا كانت دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم إلا من خلال المشاهد المؤلمة للجثث المتناثرة في أروقة وممرات السوق الشعبي لمواطنين من بنات وأبناء القومية الآثورية كانوا يتسوقون بمناسبة أعياد الميلاد المجيد والسنة الجديدة حالهم حال أخوانهم المسلمين عندما يتهيأون للإحتفال بعيدي الفطر والأضحى. وعلى الرغم من أنني سبق وشاهدت أفلاماً عن حوادث تفجيرات ومفخخات وصور قتلى وجرحى وأشلاء وغيرها إلا أن مشاهدة هذا الفيلم كان له تأثير نفسي يختلف عن بقية الأفلام بسبب من بشاعة الحدث أولا ومن ثم توقيته ليتناسب مع أعياد الميلاد وهي أعياد سلام ومحبة.
أعتقد أن الفرق يتأتى من أن تفجيراً يتم في منطقة مسيحية أو شيعية أو سنية أو أية منطقة أخرى تسكنها طائفة دينية معينة هو أمر يتم تصنيفه بكونه إرهابا طائفيا ينسجم مع طبيعة نظام المحاصصة الطائفية الذي أسسته الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها بعد سقوط النظام الدكتاتوري السابق لكن أن يتم اختيار وقتٍ معينٍ تحتفل فيه طائفة معينة مستهدفة بمناسبة دينية وحضارية معينة للقيام بعملية إرهابية من هذا النوع فذلك يعني أن الإرهابيين يمارسون عملياتهم وفق تكتيك نفسي وبمستويات إرهابية عالية تتطلب تخطيطا مسبقا تم التهيؤ له مع سبق الإصرار وبإستهداف واضح مقصود.
في رسالة إلكترونية من صديق وصلني مقال نشر على موقع عراقي متميز على الشبكة الإلكترونية، تحدث كاتبه عن إستقالة رئيس وزراء دولة أوربية ما بسبب من انهيار سقف في أحد متاجر عاصمة ذلك البلد أدى إلى مقتل 45 شخصاً. رئيس الوزراء المستقيل اعتبر أن الحدث كان ضمن حدود مسؤوليته بإعتباره رئيسا للوزراء. " بعد استقالته امتلأت الشوارع بآلاف المتظاهرين المطالبين بعودته الى منصبه ولكنه بعد ان شكر مواطنيه على ثقتهم به خاطبهم بالقول: لقد فوضتموني ولم أنجح ولأنني احترمكم واحترم نفسي فقد وجدت ان الإستقالة هي الاعتذار الصحيح لكم.
وقال له سياسيون من بلاده بأنه غير مسؤول عما حدث وان الجهة التي اشرفت على بناء المتجر هي المسؤولة عن ذلك. فكانت اجابته لقد احلت اعضاء اللجنة تلك الى القضاء وبما انني اتولى المسؤولية العليا فأني اتحمل تبعة ما حصل وعليَّ ان ادفع الثمن..
كما طالبته قيادة حزبه بالتراجع عن الاستقالة لإتمام ولايته الثانية التي هي في سنتها الاخيرة. فكان رده سوف أظل أشعر بالخزي ان انا عدت الى رئاسة الحكومة ولا استطيع ان اتعايش مع هذه الحالة لانها عذاب سيرافقني ما حييت وعرض عليه سياسيون من احزاب اخرى العديد من الاعذار وقالوا له بأن ما حدث للمتجر المنهار يحدث في كل بلدان العالم ويبقى المسؤول الاول في منصبه فكان رده عليهم: لو كنت هناك لفعلت ما فعلت هنا.. اتعرفون ثقل الذل الذي سأعيشه لو عدت الى رئاسة الحكومة؟".
ساترككم الآن تقارنون بين هذه الحادثة وبين مايحصل في العراق منذ زمن. هل سمعتم أن مسؤولاً قد أستقال أو فكر بالإستقالة بسبب من تأنيب ضمير أو بسبب من الشعور بمسؤوليته عن عدم توفير الأمن والأمان لآلاف المواطنين العراقيين الذين يقتلون يومياً في وطن مباح من قبل إرهابيين من مختلف الإتجاهات الدينية والطائفية والسياسية والتجارية والإقتصادية والإستخباراتية وغيرهم وهم كثر؟ هل سمعتم ان أحدهم قد تصبب العرق على جبهته خجلاً مما يحدث ضمن حدود مسؤولياته الأمنية والدفاعية من قتل وتدمير يومي مبرمج؟
أصبح وطني أرضاً خصبة تصلح لزراعة الشتلات والفسائل الديكتاتورية ، شتلات من كل الأنواع والأحجام تزرع ويتم رعايتها على أعلى المستويات من أجل إنتاج دكتاتوريين حسب الطلب. هم يولدون صغاراً ثم يكبرون ، يمارسون المهمة كأسلافهم ، يبرزون عندما تستدعي الضرورة ، ومتى ما سنحت الفرصة فأنهم سيفرشون أجنحتهم لتغطي الوطن كله. عندها يصبح الوطن رهينة لديهم ويصبح الناس أغناما بعدما كانوا رعاةً.
في وطني المستباح إرهابياً كان المسيحيون يمثلون اللون الجميل من ألوان قوس قزح المجتمع العراقي ، تواجدهم لم يكن محصورا بمنطقة أو مدينة معينة ، كانوا في كل مكان من أرض وطني ، يعملون بجد ويساهمون ببناء الوطن ولهم دور في كل نشاط أو عمل أو بناء. مسيحيو العراق هم الوجه السمح والجانب المضئ للمجتمع العراقي ومتى ماتم تهجيرهم فأن العراق سيعيش حالة ظلام أبدية.
-;--;--;-








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دول عربية تدرس فكرة إنشاء قوة حفظ سلام في غزة والضفة الغربية


.. أسباب قبول حماس بالمقترح المصري القطري




.. جهود مصرية لإقناع إسرائيل بقبول صفقة حماس


.. لماذا تدهورت العلاقات التجارية بين الصين وأوروبا؟




.. إسماعيل هنية يجري اتصالات مع أمير قطر والرئيس التركي لاطلاعه