الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لقاء الفرع والاصل في لعبة الانقاذ المتبادل

خالد صبيح

2002 / 11 / 21
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

في سياق تقرير اخباري من بغداد لاحدى الفضائياة العربية<mbc > ذكر المراسل ان محطة التلفاز العراقية بثت قبل لحظات خبرا مفاجئا عن لقاء بين اطراف من المعارضة <الوطنية> العراقية مع عزة الدوري، وحين سال مقدم النشرة المراسل عن الشخصيات المعارضة ذكر المراسل اسم الكبيسي، بقي الخبر يتيما ولم يؤكده احد. وقتها بدرت لذهني فورا ذكرى حادثة طريفة وقعت في بداية الثمانينات في كردستان العراق حين كان افراد من <حزب البعث قيادة قطر العراق> ضيوفا، ضمن النشاط المسلح لهم ،على الاتحاد الوطني الكردستاني< هل هي مصادفة تلك الالفة والتعاون والمودة؟؟> وحدث ان تشاجر اثنان من اعضاء هذا التنظيم<هم لايتجاوزون عدد اصابع اليد الواحدة على العموم> وحين احيل بينهما مذكرينهم ان ذلك لايليق باعضاء بعث اليسار قال احدهم <صادقا>  وبغضب : (حزب البعث مثل
< الكَيوة1> وين يبين بيه اليمنة من اليسرة!!).
لم يستوقفني هذا التداعي بالذاكرة للتفكير والتملي فليس هناك مايدعو لذلك وانما فقط للاستشهاد به لاستيضاح الفكرة
< الصورة> التي انا بصددها. ربما لاتوجد صورة تبدر لمخيلة قادرة على توصيف حزب البعث مثل هذه الصورة التي ذكرها احد سوقييهم، لان لحزب البعث، بكل فروعه واصوله، بنية ذهنية وايدلوجية واخلاقية وطريقة سياسية تتشابه لحد التطابق والتماهي. ومعظم الخلافات، ان لم يكن جميعها ،التي حدثت داخل هذا التنظيم تعود باساسها للصراع الحاد والمباشر على السلطة، او بالاحرى على امتيازات السلطة وليس عليها باعتبارها اداة لتطبيق البرامج والرؤى والطروحات السياسية او< اليوتوبيات>. وصراع اجنحة البعث كان ولايزال ، ممهورا بنمطه الفاشي، من اجل السلطة باعتبارها موضعا وطريقا للسيطرة والهيمنة والنفوذ والثراء، حيث ان كل الشقاقات بين اجنحة البعث، سواء كانت على المستوى <القومي> او <القطري>، كانت تحدث بسبب الصراع على اقتسام غنائم السلطةاساسا. فلم يشهد البعث العراقي< بحدود علمي> اي انشقاق او خلاف فعلي ادى الى اي انقسام في هياكلهم التنظيمية طيلة فترة ماقبل وصولهم الى سدة الحكم . وظهرت الخلافات الحادة< الفكرية والسياسية> بين اجنحة البعث العراقي بعد اغتصابهم السلطة في 8 شباط 1963  وبعد بضعة اشهر فقط، حيث برزت الخلافات على الحصص والادوار بين العسكريين والمدنيين داخل التنظيم مما دفع البعض منهم للتآمر والتواطئ مع عبدالسلام عارف لتنفيذ انقلابه عليهم .. وهكذا تواصلت الشقاقات والخلافات بمستويات مختلفة- وكتب مذكرات رؤوس هذا التنظيم مليئة بتفاصيل عن هذه الممارسات- وعلى خلفية الموضوع المركزي لهذا التنظيم وهو السلطة السياسية. وهكذا وفي وسط صراع الضواري هذا انشق تنظيم ارتبط بالجناح السوري من <القبيلة العفلقية> هم قيادة قطر العراق بقيادة الكبيسي، ولعب هؤلاء دورا يشبه دور< اصلهم> في العراق وسط الجالية العراقية واحزاب المعارضة في سورية.
والان وبسبب من التهديد الاميركي ، والذي ينذر باسقاط سلطة البعث ، هرع جناح البعث <المستوظف> في سورية لاعادة اللحمة والتآلف مع الجناح  الاخر من< القبيلة> المنفلت والمذعور في العراق، بذريعة الدفاع عن الوطن ازاء التهديدات. والامر برمته يقوم على ارضية التقارب السوري العراقي ولاجل تثبيت اركان هذا النظام المتهالك باي ثمن من اجل تدعيم اركان الفرع الاخر في سوريا لكي لاتمتد رياح التغيير < الداخلي والخارجي> اليه، وقبل هذا، ومن المنطلق المركزي في عقلية هذا التنظيم ورؤوسه ، الحفاظ باستماتة على نظامي الحكم، في البلدين المنكوبين سورية والعراق، اللذين اغتصبهما هذا الحزب المتغطرس المدمن على السلطة والذي لايقبل بغيرها بديلا..
 عودنا البعث في اللحظات الحرجة وحين يتهدد ماهو بموضع القلب <السلطة> ان يوحد كل الجهود والمصائر ويذوب كل الخلافات، ويشمر الجميع عن سواعدهم لحماية هذا <الفخذ> او ذاك.. ان يتآمر البعثيون ضد بعضهما البعض هذا امر ممكن بل هو ضروري لوجودهم وتجسيد نموذجي لذهنيتهم القائمة على مفهوم القفز من فوق الكل ومن بين الكل لالتقاط <اللقمة>. وحين يكون التآمر من اجل ان ياخذ فرع من <القبيلة العفلقية> الحكم بيده ،فالامر مقبول وسيصطفون ضد بعضهم البعض، لكن ان يتهدد هذاا الحكم باكمله ويميل الموقف لزوال< النعمة> من اليد عندها ستتغير المواقف وتتراجع الخلافات والمبادئ< الانيقة> المعلنة وسيصرخ الوطن مناديا < ابناءه البررة، حراس بوابات الامة وحماة القومية والامن القومي> < وسيهب المناضلون لنصرة الامة> طالما ان القادم هو الاخر، اي كان شكله ونوعه، لاسيما اذا كان التهديد يلمح الى شكل من التداول السلمي للسلطة معتمدا صناديق الاقتراع ،حتى وان كان بصورة بدائية وشكلية فانه يشكل نموذجا محرجا للبعثيين لانهم اعجز من ان يحصلو على ربع اصوات منتسبيهم < اذا بقي لهم منتسبون> وليس المواطنين، فلو سقط نموذج الانقلابات والانقضاض< الثوري> على السلطة فستكون نهاية للبعث الذي لم ير مبررا حقيقيا لوجوده ولكيانه خارج السلطة..
 هاهو الفرع يعود الى الاصل، الكبيسي يعود ويضع يده بيد ابناء العوجة لكي لاياتي الاخر، اي اخر كان، ويخطف تلك اللعبة الجميلة والمشوقة< السلطة> والتي يبذلون كل غال من اجلها، عدا ارواحهم طبعا، لانهم قادة عابرون للتاريخ، والاخرون ، الشعب، هم الذين يفتدونهم ويفتدون اهدافهم <بالروح وبالدم>.
تلك هي اللحظة الحاسمة التي سيثبت فيها الكبيسي < وطنيته> وولائه لهذا الوطن على الطريقة البعثية ويمد يده قدر المستطاع لانتشال غريمه وحليفه الخفي لكي لاتمتد نيران التغيرات الى الحقل السوري من< التجربة الوطنية والقومية>.  لكن ذهاب الكبيسي< وفرعه المناضل> لن يجد النظام في شئ ولن ينقذه، لان مشروع المصالحة الوطنية، المشروع الخيالي والفارغ، الذي يتشبث به النظام وبعض ممن ينتسب خطأ الى المعارضة، يراد به ان يكون القشة التي يتشبث بها الغريق، وقشة الكبيسي سوف لن تنقذ نظام بغداد ولا الكبيسي نفسه من المصير المبتذل الذي ينتظره وفرعه من هذا التنظيم الشاذ.  

هامش ليس للعراقيين:
الكَيوة:- تلفظ كافها مثل الجيم المصرية- هي حذاء حياكة انيق وخفيف وعملي جدا، شائع استعماله في العراق، يصنع في كردستان وابتكر بالتحديد في مناطق هورمان، ويسمى في اللغة الكردية<كلاش>، ميزته ان ليس فيه< فردة> يمنى واخرى يسرى.
 
السويد
20-11-2002








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مرشحون لخلافة نصرالله | الأخبار


.. -مقتل حسن نصر الله لن يوقف مشروع الحزب وسيستمرفي المواجهة -




.. الشارع الإيراني يعيش صدمة اغتيال حسن نصر الله


.. لبنان: مقتل زعيم حزب الله حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلي




.. المنطقة لن تذهب إلى تصعيد شامل بعد مقتل حسن نصر الله