الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عذرا سيّدتي

طوني سماحة

2014 / 2 / 11
ملف : ظاهرة البغاء والمتاجرة بالجنس


عذرا سيّدتي،
لقد أسأنا إليك و احتقرناكِ.
أخافنا جمالك فنحرناك وقتلناك،
اختزلنا حسنكِ ببرقع أسود،
و وضعنا عيوننا في الارض
لأننا نخشى النظر الى عينيك الحلوتين.

عذرا سيّدتي،
ظننا أن الشِعر و الجمال خطيئة مميتة،
فأحرقنا الكتب و أحرقناكِ.
شعرنا أن أنوثتك تهديد للرجولة،
فسجنّاك و قيّدناكِ،
و و ضعنا أب الجماجم و أب الموت حراسا على باب زنزانتك خوفا منكِ.
ظننا أن الرجولة تكمن بين الفخذين و في حمل السيوف،
فاغتصبناكِ و قطعناكِ إربا إربا،
و عندما حملنا سيوفنا، مثل الهمج غزوناكِ،
و سبيناكِ و بعناك في سوق النخاس،
و بثمنكِ أكلنا و شربنا و سكرنا.

عذرا سيّدتي،
فنحن ما زلنا نحيا في كهوف العصر الحجري،
و نتنشق غبار صحراء الجاهلية،
و نتكلم لغة قبائل آكلي لحوم البشر،
و نعانق بعضنا بالسيوف و البنادق،
و نعيش في القبور و بين الجثث الفاسدة،
و لا نرى فيك سوى سلعة للبيع و شهوة للسرير.

عذرا سيّدتي،
لقد نسينا أنك أما و أختا و زوجة و ابنتا و حبيبة و معلمة،
نسينا أن يديك الحلوتين دغدغت طفولتنا،
و أن قبلتك الطيبة أدخلت الفرح الى قلوبنا،
و أن صدرك الدافئ أحاطنا بالأمان.
نسينا أنك من علمنا النطق و من علمنا السير و من علمنا الحرف،
و أنك من جعل من ذراعيه أرجوحة لنا.
سامحينا،
فلقد أصبنا بالعمى،
و تعلمنا في مدارس الامية و الجهل،
و بنينا بيوتنا في المزابل حيث نتنفس هواءها الملوث،
و أُصبنا بالتيه و الغرور و نحن أقزام.

عذرا سيّدتي،
عذرا أمي و أختي و زوجتي و ابنتي و حبيبتي،
فالحياة من دونك موت،
و الحضارة من دونك همجية،
و الجنائن من دونك أشواك،
و الغناء من دونك نوح.

سامحينا يا أمي،
سامحينا سيّدتي.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة السودان.. هل يفعل مجلس الأمن الدولي -البند السابع-؟ | ا


.. الانتخابات التشريعية المبكرة ..بين التحالفات وبرامج الأحزاب




.. حزب الله يحول الجليل إلى حقل رماية.. الحرب في جنوب لبنان على


.. شمال إسرائيل يشتعل.. الجيش يوصي بتحويل الجهود العسكرية إلى ج




.. حماس تتمسك بشروطها في غزة وغليان في الجبهة الشمالية|#غرفة_ال