الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


باسم يوسف .. للأرجزة مفاهيم جديدة

طلال سيف
كاتب و روائي. عضو اتحاد كتاب مصر.

(Talal Seif)

2014 / 2 / 12
الصحافة والاعلام


باسم يوسف
للأرجزة مفاهيم جديدة
الظاهرة كما تعارفنا على توصيفها : هى ظهور مفاجئ يصحبه ضجيج غير مبرر وانبهار ناتج عن عنصر الفجأة ، ثم خفوت وتلاشي مفاجئ أيضا ، وكم من الظواهر الإعلامية التي دخلت من هذا الباب وخرجت منه بلارجعة أو ذكر فى أدبيات البحث الأكاديمي الإعلامي . لذا رأيت أفضل توصيف لما يقدمه باسم يوسف أن أحاله ضمير بعض المهاجمين له إلى صفة " الأرجزة " إن جاز التعبير .
فالأراجوز فى ضمير المتلقي المصري : هو ذلك الفن الساخر القادر على نقد الحالة الآنية للمجتمع بطرق غير مباشرة وقادرة على تعرية الممارسات السياسية القاهرة للمواطن ، وما بين وصف حالة باسم يوسف بالظاهرة أحيانا وبالأرجزة أحايين أخرى . نلج سويا إلى معرفة الفارق بين البرامج الساخرة والكوميدية . فالسخرية تعتمد فى المقام الأول على " العصرنة " بمعنى أن تكون القضايا محل السخرية معاصرة ومعروفة لدى المتلقى . سواء كانت سخرية من واقع سياسي أو إقتصادي أو إجتماعي وهدفها الأساسي النقد يليه الإضحاك .... أما الكوميديا ، فهى أوسع بابا من السخرية لاعتمادها أحيانا على الموقف أو لغة الجسد أو " الإفيه " وليست مرتبطة بوقائع محددة أو تواريخ بعينها وهدفها الأساسي التلسية والضحك . فبرنامج البرنامج على حد فكرته هو ساخر وليس كوميدي ، ومن حيث الجمهور فقد نجح نجاحا قاطعا فى جذب الشريحة التى حددها صاحب الفكرة ، أما من زاوية الهدف وهو النقد والتجريح فقد جاوز المتوقع منه . بالطبع لا نقصد بالتجريح " الشخصنة " وإن كان البرنامج وقع فى كثير من حلقاته فى مأزق الإسفاف المتعمد . فثمة فارق جوهري ما بين تجريح الموقف والفكرة مثل رصده العبقري للحظة تلقين مرشد جماعة الإخوان للأخ محمد مرسي فى واقعة " القصاص " وما بين تصدير صور للأشخاص فى لحظات التقطتها عين الكاميرا لإثارة الضحك على الشخص محل الصورة. فالموقف عند باسم يوسف له من القوة والحضور ما يدفعك إلى التفاعل مع ما يطرحه ويسير بك إلى طرح تساؤلات بعد إنتهاء الحلقة ، وتلك ميزة تفتقد إليها معظم البرامج التليفزيونية العربية . لكن فى الوقت ذاته حينما يتعرض البرنامج للذات البشرية كمحل للنقد ، يفقد البرنامج ميزته النسبية فى النقد وتجريح الأفكار ويتحول إلى استعراض بالكلام " توك شو " واستعراض بالصورة ، فتسقط الفكرة بين الإسفاف و استدراج العقل إلى مسار التهميش .
البرنامج فى مجمله " إسما وفكرة وجمهورا وهدفا " يعد ناجحا للغاية وهو أيضا من البرامج القادرة على الإستمرار . فلم يدخل من باب الظاهرة ولن يخرج منها . لأنه أتى من رحم السخرية والمعاصرة ، ومثل تلك البرامج لديها قماشة عريضة من المادة موضوع الإبداع . الوحيدان القادران على إسقاط ذلك البرنامج هما باسم يوسف نفسه ومخرج العمل . فاستمرارية مقدم البرنامج على السخرية من الواقع وتعريته بالنقد والتجريح دون التعرض للذات البشرية للشخص موضوع النقد ، كفيل باستمرار العمل لسنوات . فليس من اللائق بمخرج قوى مثل مخرج برنامج البرنامج ، أن يعتمد فى المونتاج على قطعات تظهر وجه إنسان مشوه أو مثير للقرف وفى ذات الوقت يتزامن مع ما نسميه " الفيكس كادر " لغة جسدية ساخرة لمقدم البرنامج . فالضمير الديني والأخلاقي والمجتمعى يرفضون تماما تلك الممارسات الفنية العنيفة ، الكفيلة وحدها إذا ما استحوزت على نصيب وافر داخل العمل ، على إسقاطه . وأيضا تعد فكرة المباشرة الشديدة فكرة غير مقبولة فنيا . لكن الحقيقة أن مخرج العمل إستطاع بمهنية شديدة أن يغطى ذلك القصور الفنى باستخدام مفردات الصورة والصوت المتنوع مع احترافية عالية فى المونتاج ، ليجعلك كمتلقى فى حالة تواصل مستمر دون ملل يذكر . لذا فإن وصف باسم بالأراجوز رغم المباشرة التى تؤخذ على البرنامج ، يعد وصفا صحيحا ، إذا ما أخذنا فى الإعتبار تغير عادات المشاهدين فى العشرة سنين الأخيرة ، وبالتحديد فى السباق على مشهادة برامج " التوك شو " المباشرة الفجة . لن ينال باسم يوسف لقب الأراجوز الحقيقي إلا إذا تجاوز تلك الصغائر التى تنال من برنامجه ، وعلى مخرج العمل ألا ينساق خلف " سكريبت الحلقة " إذا ما استمر على ذلك المسار وتحت أى دعوى . فالعمل محسوب على المخرج كما يحسب على النجم تماما . فالأرجزة تحتاج إلى ضمير وطنى وحس فني واحترام للذات البشرية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: الكوفية الفلسطينية تتحول لرمز دولي للتضامن مع المدنيي


.. مراسلنا يكشف تفاصيل المرحلة الرابعة من تصعيد الحوثيين ضد الس




.. تصاعد حدة الاشتباكات على طول خط الجبهة بين القوات الأوكرانية


.. برز ما ورد في الصحف والمواقع العالمية بشأن الحرب الإسرائيلية




.. غارات إسرائيلية على حي الجنينة في مدينة رفح