الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العقود الوهمية

عباس ساجت الغزي

2014 / 2 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


ذات يوماً حين كنت اراجع دائرة البلدية من اجل استملاك قطعة الارض الخاصة بشريحة الصحفيين , عرفت ان هنالك عقود عمل توزع على اشخاص معينين رغبة في نيل رضاهم او كسب ودهم او اخراس السنتهم , نعم .. هذا ما لمسته من خلال الحديث والاتفاق الذي حصل على مقربة مني وانا احاول ان اقوم باستنساخ كتاب طلبته مني موظفة الاملاك .
بدأ الحديث بان وجه الصحافي سؤال للموظف المختص بالعقود " لماذا لم نشمل باي من العقود التي رفعتها البلدية رغم اني اوصيتكم اكثر من مرة بان يقتطع لي اثنان او ثلاثة لأقاربي , مع اني اعرف لمن ذهبت العقود لكن ما راح تخلصون من لساني" ليبادر الموظف مسرعاً بوضع ثلاث اوراق بيضاء على المنضدة وهو يقول للصحافي " اكتب طلب بالأسماء واعتبر الموضوع منتهي " .
مثلما يتصور بعضكم الان , قد تصورت في بادئ الامر بان العقد ان يعمل صاحبه من اجل تقديم خدمة للبلد مقابل اجر شهري ولو كان قليل لا يتناسب مع واقع الخدمة والوضع المعيشي الراهن , لكن تبين لي ان تلك العقود هي وهمية يعني ( اشخاص لا يعملون لكنهم يتسلمون اجور من الحكومة ) وصادف ان كنت بعمل في مديرية ماء ذي قار , لأجد احد الزملاء يراجع من اجل استلام راتب العقد لزوجته ( ربة البيت ) التي لا تعرف اين تقع تلك المديرية من خارطة المدينة .
كان الموقفان بداية معرفتي بمسالة العقود التي تدر الارباح من السحت الحرام على البعض لتخرس السنتهم العهر التي لا تبغي مرضاة الله وخدمة المواطن , ولكن لعق نتانة ايدي البعض لتدر لهم بضع دراهم يقنعون بها انفسهم بان الامور بخير وان الشعب يعيش بخيرات تلك العقود التي تقتصر عليهم فقط دون غيرهم .
كنت ارى البعض من الزملاء الصحفيين وهم يتوافدون على مبنى المحافظة ويتبادلون العناق مع اصحاب البدلات الفاخرة من المسؤولين بابتسامة عريضة تشبه لقاء النصر بعد صراع مرير مع الاعداء , ليتحول بعدها الحديث الى همس مصحوباً بتقديم معاملة وردية الغلاف واخرى خضراء للتوقيع من المسؤول , لينتهي اللقاء بابتسامة ولاء بان اقاتل حد الموت من اجل بقاءك بمنصبك .
الالاف من العقود واكثر ان لم اكن ابالغ تحت مسميات المشاريع وغيرها .. , توزع على اناس لا يقدمون خدمات للوطن والمدينة سوى انها كسب ولاءات خوفاً من بعض المتنفذين في الحكومة او من اجل كسب اشخاص لدعايات انتخابية او اسكات صوت يثير جلبة في اروقة اصحاب العقود الوهمية .
والنتيجة تردي الواقع الخدمي وتفشي الفقر في صفوف الشرفاء الذين يبحثون عن اللقمة الحلال بالتجوال باكراً من اجل تقديم مساعدة او رفع حجر من الطريق او زرع ابتسامة امل فيما بينهم بان الوطن لهم بثرواته وهم يحلمون بغد مشرق وليس عقد وهمي .
عباس ساجت الغزي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمات إنسانية متفاقمة وسط منع وصول المساعدات في السودان


.. جدل في وسائل الإعلام الإسرائيلية بشأن الخلافات العلنية داخل




.. أهالي جنود إسرائيليين: الحكومة تعيد أبناءنا إلى نفس الأحياء


.. الصين وروسيا تتفقان على تعميق الشراكة الاستراتيجية




.. حصيلة يوم دام في كاليدونيا الجديدة مع تواصل العنف بين الكانا