الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


1946- 2014 .... -الاستقلال التام أو الموت الزؤام-

محمد منير

2014 / 2 / 14
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


عبارة " الموت الزؤام " تعنى الموت السريع اللحظى .. وربط الإستقلال التام الكامل بالموت السريع إنما هو معنى نضالى متكامل بعيداً عن أى مفاوضات أو مؤامات أو توازنات.. فإما الاستقلال التام دون أى نواقص أو الموت الفورى اللحظى الذى لايعطى فرصة للالتفاف .
ما علينا .. شهرى فبراير ومارس من كل عام يعيدوا الى ذاكراتنا الوطنية أحداث عام 1946 وما أرتبط بها من نضال الطلاب والعمال من أجل إستكمال حلقة النضال المصرى الممتد من عام 1882 للتخلص من الإحتلال الانجليزى وتحقيق إستقلال البلاد ، وفى هذا العام شهدت مصر حادث مأسوى وهى قتل الطلاب المحتجين فى 9 فبراير على كوبرى عباس ، وهو الحدث الذى تكرر قبل ذلك التاريخ بعشر سنوات على نفس الكوبرى وكان وقتها اسماعيل صدقى رئيساً للوزراء ، وهو نفس الشخص الذى عاد لنفس المنصب بعد المأساة الثانية عام 1946
أحداث هذه الفترة تناولها مرات كثيرة مؤرخين وباحثين أجلاء ونابهين ، وكانت موضوعات لأعمال فنية ومثلاً للجهاد والتفانى فى حب الوطن يُضرب فى المناسبات استخدمه من يستحق ومن لا يستحق .
ولكن الدروس من الأحداث العظيمة لاتنتهى ولاتقف عند نقطة نهاية فقراءة التاريخ ودلالات الأحداث فى صيرورة دائمة طالماً هناك واقع مستمر وأحداث متجادلة .
ثلاث زاوايا فرضت نفسها وأنا أعيد قراءة الأحداث بعد ما يقرب من 70 عام على وقوعها.
الزاوية الأولى ما يختص بالتناقض الأبدى بين الأحزاب بطبيعتها الرسمية التوافقية وحركة الفئات المجتمعية المتصاعدة بلاسقف .. فالأحزاب بطبيعة تكوينها المائل الى المؤسسية الرسمية دائما ما تجنح الى المفاوضات التى لاسقف لنهايتها ، وهو ما يتعارض مع فكرة المواجهة مع محتل عسكرى مغتصب ، حيث لامنطق من مفاوضات سلمية بلا أى أدوات ضاغطة مع مغتصب كل منطقه ومبرراته تنحصر فى الإحتلال العسكرى ، ولهذا ظلت قضية الإستقلال فى موضع تفاوضى ماسخ مع الأحزاب حتى انتقلت المطالب الى الشعب عبر تشكيل ليس حزبى وانما هو افراز جماهيرى صرف ظهر عندما تكونت اللجنة العليا للطلاب والعمال فى ظل حكومات متسلطة وأحزاب مائعة وصعود للأفكار التحررية والاشتراكية ، وهو ما يكشف الفرق بين أحزاب علوية تسعى لضم جماهير اليها بإدعاء تبنى مشاكلها ، وبين تشكيلات هى مولود طبيعى لإحتياجات ومطالب شعب ، ولهذا لم يجد شعار " الاستقلال التام أو الموت الزؤام " قبولاً لدى معظم الأحزاب .
الزاوية الثانية تتعلق بفروق محتوى ماتتفق فيه الحكومات والاحزاب مضطرة مع بعض المطالب الشعبية ، فعندما سقط الشهداء بالعشرات واصيب المئات فى انحاء مصر يوم 21 فبراير 1946 اتفقت عناصر الأمة بكامل فئاتها على اعتبار يوم 4 مارس من نفس العام ، يوم حداد واضراب شامل تتشح فيه الأمة بالسواد ليس فقط حزناً على الشهداء وانما احتجاجاً على استمرار التدخل الانجليزى فى شئون البلاد وتأكيد على مطلب الاستقلال التام ، وهو المطلب الذى تشدقت به الحكومات المختلفة والأحزاب بإسلوبها التفاوضى الذى فرغها من مضمونها ، وحدث وبفعل ضغط الأحداث ووهن النظام الملكى بعد الحرب العالمية الثانية ان استجابت الحكومة لمطلب اعتبار يوم 4 مارس يوم حداد على الشهداء ، وقفز الإخوان المسلمين الى مركز الصدارة فى هذا المطلب الاستعراضى بهدف رفع أسهمهم ، وهى الأسهم التى سوف تنخفض بمجرد إنسحابهم من المشهد الذى تصاعد وتجاوز سقفه الحد الذى اتفقت عليه الجماعة مع حكومة اسماعيل صدقى .. فقد حدث أن قادت اللجنة الوطنية للعمال والطلبة فاعليات هذا اليوم وأغلقت المقاهى والمحال العامة أبوابها واضربت المدارس وتوقفت المصانع عن العمل وخرجت جماهير الأسكندرية فى مظاهرات تشبه مظاهرات 21 فبراير وتخلت الحكومة عن موقفها من الاعتراف باليوم الشعبى فتصدت للمظاهرات وسقط شهداء ومصابين أكثر من شهداء ومصابين أحداث 21 فبراير وتضامنت شعوب عدة دول عربية مع الشعب المصرى فى هذا اليوم واعلنت الاضراب العام ، وتصاعدت حلقات النضال فى قوة لتحقيق هدف الاستقلال التام عن طريق توحيد فئات الأمة فى اشكال بعيدة عن الاطر الحزبية ، وحاول حسن البنا مرشد جماعة الاخوان استيعاب هذا الصعود الشعبى فطالب بإنشاء لجنة قومية توحد القوى وتنظم الصفوف مكونة من كل الأحزاب ، وعندما فشل مشروعه بفعل سيطرة التشكيلات الجماهيرية الطلابية والعمالية على الأحداث ، أصدر مكتب الارشاد بيان اعتذار عن عدم الاشتراك مع أى هيئة أو حزب أو جماعة فى تشكيلات أو لجان لا تحمل طابع الوحدة الكاملة الحقيقة لجميع الهيئات التى تمثل الشعب .. وهو ما يعنى انسحابه من فاعليات الشارع التى تقودها اللجنة الوطنية للعمال والطلبة .. وبعدها بدأ صدقى فى الاستعانة بالإخوان لمساندة حكومته المستبدة تحت دعاوى المفاوضات من أجل الاستقلال .
الزاوية الثالثة تتعلق بتجاوز الوعى الطلابى والعمالى لحدود فكر الساسة الذين فصلوا بين التحرر من الاستعمار وطبيعة الحكم وقربه أو بعده من العدالة الاجتماعية .. فالحقيقة أن للجنة العليا للعمال والطلبة نشأت كما قلت بفعل الأزمة التى لم تسطع الأحزاب استيعابها وأيضاً نشأت متأثرة بفعل انتشارالأفكار الداعية للعدالة الاجتماعية بعد الحرب العالمية الثانية وخاصة الفكر الاشتراكى ، ولهذا لم تكن هذه التشكيلات تقف عند حدود جلاء المستعمر ، وإنما كانت تضع نصب عينها أيضاً طبيعة الحكم فى البلاد وهو مايعنى أن حدود جهادها لن يتوقف عند حدود الجلاء وإنما سيستمر الى تغييرطبيعة الحكم .. وهو ما يفسر الشراسة الأمنية فى مواجهتها فى مقابل مواجهات رقيقة مع المعارضات الحزبية وخاصة الإخوان
هى عودة لقراءة التاريخ علنا نجد فيه حلولا للواقع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تسيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح.. وتوقف دخول


.. بعد قتله جنديين.. حزب الله يستهدف مجدداً ضباطاً إسرائيليين ب




.. هل سيطرة إسرائيل على معبر رفح مقدمة للسيطرة على المدينة بكام


.. شقاق متزايد في علاقة الحليفين.. غضب إسرائيلي من -الفخ الأمير




.. ترامب يتهم بايدن بتزوير المحاكمة لأهداف سياسية