الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثقافة والمثقفون في المغرب

حميد المصباحي

2014 / 2 / 15
الادب والفن


الثقافة في المغرب
الثقافة هي روح المجتمعات,و ما يبقى بعد اندحار كل شيء,إنها سجل الإبداع الفكري و الفني,و بوثقة هوية الحضارات,بل هي الحضارة نفسها,بها تتوازن المجتمعات,و تدبر حياتها بخلق رموز تجعل الحياة أكثر احتمالا,و فهما و استجابة للمتغيرات التي يفرضها
العالم في صيروته,فلماذا تتعامل مؤسسات الدولة,و حتى الحكومات بحذر الغاضب من الثقافة,بفعلها و إعلامها؟
1التاريخ المغربي
في الصراعات السياسية ,التي عرفها تاريخ المغرب,اعتبر السياسي مثقفا,بفعل ضرورة إلمامه بالمعرفة,التي على المناضل أن يكونها على خصومه الإيديولوجيين,إن كانت لهم القدرة على إنتاج إيديولوجيتهم الخاصة,فبعد الإستقلال,تولدت النزوعات الإشتراكية,التي اعتبرت المثقف الحقيقي لا يمكن أن يكون إلا اشتراكيا,حتى إن اتخذ القومية خيارا بلبوسات اشتراكية,كما تصورت في المشرق العربي إبان ظهور بعض الأنظمة القومية,بمصر و سوريا و العراق,و كانت الدولة المغربية حينها منحازة للمعادين لهذه الدول,بل خاضت ضدهم الكثير من المعارك,و بذلك كان المثقف المغربيوبحسه القومي مضطرا للإنحياز للقضايا الإجتماعية,كالفقر و التهميش الذي عاشته الجماهير الكادحة,و قد نال الكثير من المثقفين المغاربة نصيبهم من السجن و التنكيل و الإعتقال,فترسخت العدائية تجاههم من طرف الدولة,و لم تعد تأمن لهم,لكنها رغم ذلك جرت بعضهم لخياراتها,و استعانت بمعرفتهم لتوظفها في صراعاتها ضد اليسار المغربي,بكل توجهاته.
2طرق المواجهة
أما على مستوى المجتمع,فقد اختارت الدولة اللجوء لما عرف بالثقافة الشعبية,المعتبرة نقيضا لثقافة النخبة,و احتوتها,لتوظفها بصيغة فلكلورية,غايتها التعريف بالمضحك و الغريب,و المقبول شعبيا ,فصارت الثقافة الشعبية مرادفا للفرجة و المتعة الخالية من أية معرفة نقدية,تستفز العقول على التفكير و التساؤل حول المصير و المآل,و بذلك عزلت المثقفين عن محيطهم الإجتماعي و حرضت عليهم,ليعيشوا اغترابات مزدوجة,بعد انتصار الدولة على المشاريع السياسية التقدمية و الوطنية,الداعية إلى التوعية و مقاومة التجهيل,و ما سماه المرحوم محمد جسوس سياسة التضبيع,دون نسيان الدولة إلى الخطة الأخرى الموازية,و هي شحن الوجدان الديني,بما يعتبر احتياطا اجتماعيا آخر,تمثل في تقربها من الفقهاء و إرضائهم,بفسح المجال للخطابات الدينية الرافضة للفكر الإشتراكي و كل قيمه و حتى الحداثي منه فيما بعد,.
3وسائل المواجهة
كان الإعلام,سلطة,تسلحت الدولة به للتحامل على الثقافة ,بل و تجاهلها لصالح ثقافة الفلكلور, و تجييش النفوس ضد كل خطابات المعرفة,فلم تكن إلا فيما ندر برامج علمية و معرفية,أما السياسية فلم يسمح للبرامج المباشرة إلا مؤخرا,و كذا بعض البرامج الثقافية,التي تتجنب الإشارة للمثقفين و المبدعين,الذين صاروا خصوما لساسة,أثت بهم المشهد السياسي,كبديل للمعارضة,تقاسموا مع الدولة عداءها للثقافة و المثقفين,باعتبارهم أناس لا تعنيهم نظريات المعرفة,بل همهم خدمة البلد بعيدا عن المفاهيم الكبرى,التي نفروا منها أجيالا بكاملها,بل حتى السياسة كعلم اعتبروها أمام تجاربهم لا تضيف شيئا للفعل السياسي.
4العداء كتقليد
بعد التحولات التي عرفها المغرب,من خلال المصالحة,و طي ملفات الماضي السياسي العنيف الذي عرفها المغرب,أدركت الدولة نسبيا أهمية الثقافة و دورها,لكنها احتاجت لفصلها عن السياسة,فأدرك المثقف المغربي أو الكثير منهم,أهمية اعتزال معترك السياسة,و صاروا ينأون بأنفسهم عن المماحكات الإيديولوجية,فجاءت حكومة التناوب,و أمام طموحات الكثير من المثقفين,لم تستطع تلبية تطلعاتهم,لكنها أدركت حاجتها إليهم,غير أنهم كانوا لها معولا بانتقاداتهم السياسية لها و حتى الفكرية,ليتوج المشهد بحكومة دينية,ذات حزب أغلبي إسلامي,له تصوره الخاص للثقافة,و عداؤه المبطن للمعرفة العلمية و الفلسفية و حتى الإبداعية الأدبية,و لأنه مفتقد لمثقفين قادرين على تسييد رؤيته الإسلامية,كان عليه تجنب الصراع ضد المثقفين و السماح لهم باللعب خارج حقل السياسة,طبعا إلى حين,و هنا بقي المثقف المغربي معلقا,فانفتح بإبداعيته و فكره على المشرق الخليجي,ليجد فيه عزاءه,طبعا و نشرا و نقدا,ليفر على نفسه انتظار التفاتات الحكومات,التي لازالت رهينة الحذر من الثقافة و المثقفين,.
خلاصات
على المثقف المغربي أن يفعل آليات نشر الثقافة بنفسه,فالدولة لا يمكنها الترويج له,كما كل الحكومات,و أقصى ما يمكنها أن تقدم له,هو خلق وزارة ثقافة,تكون واقيا لها من غضباته,و لم لا أن تختار مثقفا منهم أو فاعلا سياسيا من دعاة التنوير و الحداثة,ليكون محاورا لهم و موزعا لترضيات,يعرف الجميع أنها لن تنال رضى الكل.
حميد المصباحي كاتب روائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهرجان كان السينمائي: -أكفان كروننبرغ- على البساط الأحمر


.. فنان أمريكي يُصدر أغنية بصوته من جديد بعد أن فقد صوته بسبب س




.. -الكل يحب تودا- فيلم لنبيل عيوش يعالج معاناة الشيخات في المغ


.. حصريا.. مراسل #صباح_العربية مع السعفة الذهبية قبل أن تقدم لل




.. الممثل والمخرج الأمريكي كيفن كوستنر يعرض فيلمه -الأفق: ملحمة