الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رؤية نقدية لواقع الإعلام العربي في ظل معادلة الإبداع

سعاد جبر

2005 / 6 / 27
الصحافة والاعلام


تتشكل الهموم الثقافية في البني المعرفية للمثقف من حالة التضاد بين وحي البنى المعرفية في لغة الحقيقة ورمادية الواقع في لغة الصدمة ، وهي المسافة الفاصلة بين اشراقات الأمنيات وسوداوية الواقع ، فحالة التناغم بينهما في إعدام المسافات الفاصلة وتلاقيهما في جوهر واحد ، يشكل نشوة الرؤية الحقيقة للوحة الواقع ، إذ تعكس بصدق تلك التجليات المعرفية في تراقصها المفكر في لغة الفكر . ويبدو أن تلك الحالة المتناغمة في حالة وأد مستشرية في عالمنا العربي ، ويتشكل وأدها في سلم لاينتهي من لغة المتضادات التي تعصف بالمشهد الثقافي في عالمنا العربي ، وتترتب تلك المتضادات في تماهيات تتفاوت في تصاعدها بحسب أهميتها عند النخبة المثقفة من جهة ، وفي البنى المعرفية لكل مثقف على حدا ، ويلعب البعد التخصصي والمهني دورا هاما في تحديد اولوياتها في الهم والمعالجة ، وتتشكل في أعماقي- المعتصرة الما على الواقع الثقافي لأمتنا العربية – تباعاً لما سبق في واقع الإبداعية وتجلياتها الحقيقية في المنجز الإبداعي واشراقاته والمشهد الإعلامي الهش في مقبرة ثقافة الصمت تجاه الحقيقة ..الإبداع ..النهوض بالواقع .
فالمتتبع في رؤية تحليلية ناقدة لواقع الأعلام العربي بكافة صورة ، يلمح هشاشته وشكليته المتجردة من الإبداع الحقيقي ، واتكائه على كوادر تلمع من بهرجة الدعاية الإعلامية لا وحي اشراقات الإبداع ، فضلا عن عاجية الأسماء وأضواء الشهرة ، من اثر توابع الرؤية بعين واحدة والسير في قدم واحدة في موكب الحضارة والانفجار المعرفي . في مشهد رث مبتذل مقزم ثقافيا ، إذ ما زال المشهد الإعلامي العربي يعاني من عزلة حقيقية تجاه الثقافة وجوهر قضاياها المتأزمة ، وربما يبحث المرء عن عزاء له عبر الإعلام الإلكتروني ، لكنه يجد أن الحقيقة لاتتعدد ، فكل صور إعلامنا العربي هي ذات الجوهر والمضمون الشكلي الزائف ثقافيا ، فما بالنا ونحن نحاكمها في لغة الإبداع ومقتضياتها . وهكذا يغدو إعلامنا العربي في غيبوبة عن البعد العلمي الأكاديمي في الطرح ونراه يتهاوى في تلقائية متهورة بلا مضمون ، أو المؤدلج بلا نزاهة علمية ،فنراه يتساقط في ادعاء الحقيقة بلا حقيقة ، وتجهض روعة الإبداع الحقيقي في رحمة قبل الميلاد ، وتعلن للحياة عاجية الأسماء تحت مسميات إبداعية ، تتكئ على مظلة الشهرة دون مضمون حقيقي للإبداع . وغدت مفردة الإبداع تدنس قداستها في سذاجة المضامين ولغة الجسد واستعار النزوات . وتماليات الثمالى في أثير الأضواء وتناثرات الحروف على السطور .
وهذا يعكس حقيقة أن المشهد الإعلامي غدا شاشة لمضمون اللاشئ من الأشياء ، ومحض أشباح صور ، تتشكل فيها خفافيش الظلام ، التي ترسم لنا بجدارة الواقع الهش الهزيل لأعلامنا ، وتعلن اضمحلاله في المضمون وضآلة قيمة الرسالة الإعلامية التي يبثها ليل نهار ، وهذا يشكل خطورة وأزمة حقيقية في معادلة الأنفاق المالي عليه والقيمة الإعلامية العائدة منه ، واثرها في حركة الاستنهاض الثقافي والتقني ، ومواجهة العولمة الإعلامية في ضوء الانفتاح الحضاري والحفاظ عل الخصوصيات الثقافية دون التهاوي في أحضان الأمعيات والتقليد الببغاوي الساذج ، وبذلك نجسد صورة واقعية ذات فاعلية على غرار التجربة اليابانية في التطور الحضاري .
ولعلنا لانختلف في أن اللغة الإعلامية بكافة مفرداتها وابجدياتها تشكل سفرا رائعا للحضارة والثقافة في أبهة الطلة أو واقعا مزريا في رمادية الحال البائس في هشاشته واضمحلال مضمونه ، واعلامنا العربي بلا جدارة يتكئ على جدران الواقع المزري بعين وقدم واحدة ، ولسان ببغاوي مؤدلج ، وهذا الواقع يزداد تهاويا وفي لغة السقوط الثقافي وانكشاف لعبته السياسية المؤدلجة ، ويقتضي تكاتف جهود علمية أكاديمية تتبوئ مهمة الإصلاح ، تحمل روح الانتماء لحضارتها وامتها أولا .
وتتطلب الرؤية العلاجية لهذا الواقع المزري ، الخروج في الفعل والأمكان من بعد الطبقية الثقافية بكافة صورها واطيافها السوداوية في عنصرية اللغة والمكان والزمان واطياف الشهرة المسعورة ، وغير ذلك من مفردات الاستبداد الثقافي الخاوية من روح الإبداع.
وهنا تتبدى أهمية اجتثاث جذور الأمعيات والأدلجة المترامية في أحضان الأستبداد بكافة صوره وازيز السذاجات ، وتوجيه اهتماماته نحو الإبداع الحقيقي وصورة كيفما كانت وحيثما حلت ، بغض النظر عن ماهية الذوات وتماهيات المكان وبدون مشنقة الشروط الإعدامية المسبقة ، ولغة التعامل العاجية تجاه الإبداعية في عين شمسها ،و اللغة المدللة المتساقطة تجاه منظومة ادعاءات إبداع في اللاشئ من الأشياء .
فضلا عن أهمية توفير قيادات إعلامية في كافية صورة تتسم بالبعد العلمي الأكاديمي في التخطيط والإنجاز ، وتتشكل لغة تفكيرها في لوحة إبداعية من تجليات وعشق المنجز الأبتكاري في لغة الإعلام . وتتفاني في تقديس الحرية والمصداقية معا في كل أبجدياتها في عين إنسانية تنبذ مفردات الأستبداد وتعشق حرف الإبداع كيفما كان وأينما حل .
وربما دارت مركزية حديثنا هنا حول القيادات الإعلامية وفي توقعاتي هي اخطر ركن في المشهد الإعلامي ، فهو ربان السفينة ، الذي يجب أن تتشكل (الأنا )في أعماقه في بعد الطهارة العلمية والسلوكية ، لا أن تستبد به المتضادات والأوبئة النفسية في اللاشعور وانعكاساتها تباعا في الأنا والأنا العليا ، فيغدو في تماهيات سلوكية مرضية تتفاوت في انعكاساتها على الرسالة الإعلامية حتي تبلغ السادية في أعلى مستوياتها ،وهنا تبلغ المأساة اوجها وانعكاساتها التبعية على المشاهد والقارئ والمتابع ( الضحية ) ، ولانملك هنا إلا مقولة" تصبح على إعلام وحرية وتماهيات إبداع في مستقبل الأيام "
فلا غرابة بعدئذ أن يوسم الأعلام هنا بعين واحدة وقدم واحدة و(آنا ) سادية مستعرة في التعاطي الفكري ولسان ببغاوي طلق في لغة الأمعيات ، وهنا تتشكل لنا رباعيات تخلف وخماسيات وسباعيات إلى ما تحب من أرقام . وهنا تتشكل أهمية فكفكة تلك التركيبات المعقدة من لغة التخلف وثقافة الصمت التي تدق ناقوسها المشؤوم بيننا ، وعند تراقصات الفكفكة ودقدقة انكسار زجاجها يولد الإبداع وتستلهم اشراقاته ، ويؤذن له بالميلاد عبر السماءات ، فيكون ماهية المسيح القادم من عنان السماء ، وهنا ستجد الإعلام في رؤية حالمة وردية يحتفى بالمبدع أينما كان وحيثما حل ، ويفتح ذراعية له ، يشدو له :
حييت آهلا ووطئت سهلا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلقة نار من تحدي الثقة مع مريانا غريب ????


.. الجيش الروسي يستهدف تجمعات للقوات الأوكرانية داخل خنادقها #س




.. الطفل هيثم من غزة يتمنى رجوع ذراعه التي بترها الاحتلال


.. بالخريطة التفاعلية.. القسام تقصف مقر قيادة للجيش الإسرائيلي




.. القصف الإسرائيلي المتواصل يدمر ملامح حي الزيتون