الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لهو رباني -قصة-

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2014 / 2 / 16
الادب والفن


لم يكن الحب الأول بل لنقل أنه كان لحظة اكتشاف الوجود الأولى..فمعه لم يكن الحب مجرد عاطفة عابرة أو حتى وقتية تحتلها لأيام أشهر أو حتى لسنوات على أحسن تقدير..معه كان الحب لحظة اكتشفت معها أن لديها الكثير بداخلها لكي تكتشفه هي الأخرى..فكان بوصلتها التي -كانت قبل أن تتعرفه- تتعمد فقدانها لفرط عشقها لحالة هروبها و ضياعها من ذاتها بدونها..تفاصيلها حدودها و حتى سلبياتها كلها أصبح لها معنى آخر بوجوده..و أصبحت معه تضطر للإمساك بمعجمه هو لتُعيد ترجمتها و فك رموزها.

هل كان حباً؟؟..حتى هذه اللحظة هي لا تعلم..فقد أضاعها و أضاعته قبل أن يتبادلا تعريفاتهما و تراثهما الذي توارثاه منذ آلاف السنين عن معنى تلك الكلمة الغامضة..و لكن لماذا نحاول دائماً إيجاد كلمات لتصف ما نشعر به؟؟..هل هذا سيجعلها "بشرية" أكثر لمن هم حولنا و أكثر سهولة لنا و لهم؟؟..ألا يكفي أنها هناك و كفى؟؟..هل سيختلف الأمر لو أننا أوجدنا لمشاعرنا تصنيفات و تعريفات و حروف متراصة لتصفها؟؟..هل سيجعلها هذا الأمر تبدو أكثر نقاءاً أو حتى أقل "قُبحاً"؟؟..لم لا نكتفي بأن نقول بأنها هناك بغموضها بغرابتها بتشتتها بتناقضها و حتى بشهوانيتها!!..هي فقط دون زيادة أو نقصان أو حتى مُسميات متوارثة.

هل أحبته؟؟..لعلها فقط أضاعت نفسها معه و لعلها لهذا تعتقد أنها أحبته..لأنها مع سواه أتاهت و لم تته..أضاعت و لم تضع..مع سواه إمتهنت أن تلهو بهم و تتسلى بالتلاعب بخيوطهم لكي تصل إلى الشكل الذي تريد من تلك الخيوط أن تُشكله لها و لكن معه إحتارت من منهما يلهو بالآخر!!.

معه كانت أصبحت تكتشف أنها تستطيع تجاوز حدود جميع ما "لُقن" لها في حياتها السابقة..فمعه بدأت تكتشف معنى جديد لكل شيء حتى لحدودها مع الله و لم تعد تمانع كثيراً بتجاوزها من أجله..لأنها أصبحت مؤمنة بأن الله وضعه في طريقها لتتجاوز حدوده معه و أمام ناظريَّ الرب و رعايته لهما..أليس قلبها بين أنامل الرب يقلبهما كيفما يشاء -كما لُقنت منذ طفولتها- فلماذا تمنع الرب من تقليبها ليستقر وجودها معه؟؟..هل تُفسد مخططات الرب في اللهو بها فقط لأن الآخرين أورثوها أن لا تريد ذلك و إلا كانت "خاطئة"!!.

معه كانت واثقة أنها لأول مرة في حياتها تمتلك حق التصرف و السلطة على ذاتها المتمردة دوماً..فمعه عرفت أن جسدها و حدوده ملك لها وحدها و ليس ملكية "اشتراكية" للمجتمع كله ليقتطع منها ما يُريد..هكذا أصبحت تريده معها دون تابوهات دون موروثات مسبقة دون اللونين اللعينين الأبيض و الأسود و اللذان بِتنا نصنف بواسطتهما حياتنا بأسرها و ليس تصرفاتنا فقط..معه عرفت الرمادي و أستوطنها.

معه كانت واثقة أنها ليست مع رجل شرقي هاجسه في علاقته معها أن يكون الأول لأنه على ثقة من أنه طوال حياته سيكون على الأغلب "الأخير"..معه تعلمت أنها يجب أن تأخذ بقدر المستطاع و لا تكتفي أبداً حتى تُقرر هي أنها اكتفت فلا تمنحه أبداً الخيار بأن لا يعطي..لعل لهذا السبب كان يصفها دائماً بالأنانية..و لكن أليس الحب بحد ذاته فعل مُغرق في الأنانية؟؟..ألا يكون هاجسنا الأول عندما نستوطن الحب أن نجعل الآخر ملكاً لنا..يأتمر بعيوننا و يطيع طمعاً بشفاهنا؟؟..ألا نحب فقط لنمارس أنانيتنا بطريقة مشروعة؟؟..ألا يقيس أغلبنا شدة حبه للآخر بمقدار احتلالنا له و بمقدار تمكننا بإغرائه بترك حدوده ليضيع داخل حدودنا؟؟.

معه عرفت معنى أن يزيل رجل رجلاً آخر..بل أن يزيل رجل عالم من الرجال الذين يعانون من الشهوانية بها أينما ساقتها قدماها..معه عرفت أنه على الأقل "سيحاول" أن يحميها من شهوانيته التي ورثها من تفاسير دين أُرهق كاهله بالحكايا الجنسية..معه عرفت أنها تستطيع أن تثق بذلك الكائن الذي تربت على مقته و الخوف منه و الحرص على "عفتها" من شهوانيته..معه عرفت أنه من الممكن أن يخلق الله على سبيل التسلية و اللهو رجل لا يمتلك شهوة تجاه جسدها بمقدار هوسه بالضياع في عينيها.

لطالما استغربت لماذا يُصَّنف الآخرون هذا الرجل بأنه ليس بالرجل "الطبيعي" عند حديثها عنه أمامهم "فقط" لأنه يعشقها هي و لم يكن جسدها من ضمن أولوياته!!..هل خلق الله الرجل لكي تكون الأجساد و تمكنه منها هي الأولويات القصوى لديه و غاية وجوده في كلا "الحياتين"!!.

تباً له!!..أحياناً تشعر أنه "أفسدها"!!..فلقد منحها المستحيل في عالم محدود الإمكانيات و أصبح الآن عليها أن تُنَّقب عن مستحيلها في عالم الممكن بعد رحيله..أتذكر أنك سألتني غاضبة:"هل تعتقدين أن الرب سيكرر خلق من هم مثله؟؟"..و حينها أجبتك:"نعم..و لكن عندما تبدأ نماذجه بالنفاذ"!!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تزوج الممثلة التونسية يسرا الجديدى.. أمير طعيمة ينشر صورًا


.. آسر ياسين يروج لشخصيته في فيلم ولاد رزق




.. -أنا كويسة وربنا معايا-.. المخرجة منال الصيفي عن وفاة أشرف م


.. حوار من المسافة صفر | المخرجة والكاتبة المسرحيّة لينا خوري |




.. -عملت له مستشفى في البيت-.. المخرجة منال الصيفي تروي حكاية م