الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شرطة وطلاب وجينز

فهد ناصر

2005 / 6 / 27
كتابات ساخرة


يبدوا ان القدر يواصل لعبته أذ يحيل حياة العراقيين الى جحيم او مسخرة متواصلة،او يبدوا ان التاريخ عندما يعاد مرة اخرى فانه يعود كمسخرة كما يقول ماركس غير انها مسخرة مرعبة وتنذر بالكثير في عراق اليوم.
لم يكن للعراقيين الذين تخلصوا من وحشية وجبروت البعث وحكمه وزعيمه الاوحد القميء ان يشعروا بفرح كبير او لحضات فرح يمكن لها ان تتواصل لعلها تعوضهم لحضات البؤس او الجحيم التي تواصلت طوال سنين حكم البعث المقبور،حتى يطل عليهم من هم أشد بأساَ وفتكاَ او لنقل أشد تمسكا بالعقاب وفرض اوامرهم وممارساتهم على العراقيين.
حين ننظر الى تأريخ العراق نجد ان حرية الملبس أمر او حق طبيعي للانسان الا في حالات مثل الحجاب الاجباري للنساء او الفتيات الصغيرات من العوائل المتشددة دينياَ ولم تثار هذه القضية ولم تأخذ بعدا اجتماعيا ساخطا الا عندما قام سيء الصيت خير الله طلفاح محافظ بغداد في فترة ما بتمزيق ملابس الشباب الذين ارتدوا (الجارلس) وكذلك قص الشعر الطويل لانه لايتلائم مع تقاليدنا وموروثاتنا العربية والاسلامية وانهم يسعون لتقليد صرعات وموضات الغرب كما كان يقول إإإإإ،ربما هي مسخرة تكشف عن مدى أنحطاط السلطة ومؤسساتها المختلفة عندما تسعى لتنفيذ سياسات ما او تثبت نهج ما ،غير أنها الان وحينما يعاد أنتاج تلك المسخرة مرة اخرى فان من الصعب توصيف الحالة الا بانها وجهين لعملة واحدة ...
هي ليست حكاية،بل وقائع حدثت في النجف احدى مدن العراق الذي تخلص او تحرر من قبضة دكتاتور متوحش وارهابي ليقع في قبضة ملالي ورجال دين واحزاب وعصابات أسلامية كل ما يعنيها هو ان تقيم ولاية الفقيه او تثبت اركان الشرع المضطرب او ان تقيم حاكمية الله على الارض وان تحافظ على الموروث من قيم وتقاليد عشائرية او اجتماعية لايمكن لها ان تبقى دون الحفاظ عليها.
شباب يرتدون الجينز او(الكابوي) وفق تسميته الدارجة في العراق يهاجمون من قبل شرطة النجف ويضربون امام الناس ثم يقادون الى مراكز الشرطة ليضربوا مرة آخرى ولتمزق ملابسهم ويقص شعرهم الطويل،بعد ذلك يطل علينا احد قادة الشرطة الاشاوس ليقول ان الشرطة ليست ضد ممارسة الحريات وان الطلاب كانوا يتصرفون بشكل غير لائق...كيف؟ لا احد يعرف سوى قائد الشرطة الذي يريد ان يجعله أحد أسرار المهنة النبيلة.
أليست هي مسخرة هذه التي نتحث عنها ففي زمن القمع والارهاب البعثي كانت الاجهزة الامنية تقص شعر المعتقل والسجين او ترسم في رأسه صورة مشوهة لتشعره بالاذلال وامتهان الكرامة،أما اليوم فأن شرطة العراق الجديد،العراق الذي يدعون انه يقام على أساس أحترام الحريات الاساسية للانسان وصون كرامته وضمان حقوقه وفقا للمعايير المتعارف عليها دوليا او ربما اكثر إإإإإ تعود الينا لتعلن عن سطوتها وبشاعتها بذات الاساليب المقززة واللاانسانية.
من المؤكد ان قول قائد الشرطة بان الطلاب كانوا يصرفو بشكل غير لائق هو غير لائق أصلا ولايمكن الوثوق به فالوضع الذي كان عليه الطلبة وبيانات الاتحادات الطلابية في مدينة النجف تؤكد ان الطلاب تعرضوا لكل هذه الوحشية والاذلال لانهم كانوا يرتدون الجينز و ليس لشيء آخر.
اليوم وما ان يتحدث أنسان ما عن الحجاب الاجباري للاطفال والنساء بفعل الجبروت والصلف والممارسة اليومية للتيارات الاسلامية شيعية او سنية حتى يقولوا لك انها حرية المرأة في أختيار الحجاب لانها تريد ان تعبر عن أيمانها وتحافظ على شرفها وعفتها إإإ ويجب الدفاع عن حرية الملبس مادام الامر يتعلق بفرض رمز أسلامي إإإ لكن أليس ضرب الطلاب في النجف وتمزيق ملابسهم وقص شعرهم خرقا لحرية اختيار الملبس ؟لو أرتدى الطلاب ملابس كما يرتدي فتيان الحوزة والملالي ذات المواصفات الاسلامية فهل تعرضوا للضرب وتمزيق الملابس وقص الشعر؟ الا يعيد الينا اشاوس شرطة النجف ذات الجريمة التي أرتكبت بحق طلاب كلية الهندسة في البصرة لانهم مارسوا حقهم الطبيعي في التنزه والاستمتاع بوقت الراحة؟الا يعيدون الينا ممارسات المقبور (عدي) بحق لاعبي الفريق العراقي بقص الشعر نمرة صفر؟إإإ
يبدوا هي كذلك في عراق تغييب ملامحه التي تمنى الكثير ان تكون أنسانية ومتحررة من قيود تكبل الانسان وتمتهن كرامته وأرادته وحرياته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إبراهيم السمان يخوض أولى بطولاته المطلقة بـ فيلم مخ فى التلا


.. VODCAST الميادين | أحمد قعبور - فنان لبناني | 2024-05-07




.. برنار بيفو أيقونة الأدب الفرنسي رحل تاركًا بصمة ثقافية في لب


.. فيلم سينمائي عن قصة القرصان الجزائري حمزة بن دلاج




.. هدف عالمي من رضا سليم وجمهور الأهلي لا يتوقف عن الغناء وصمت