الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشروع سيفيتاس مرآة لواقع الشتات

سامي حسن

2005 / 6 / 27
القضية الفلسطينية


أين مؤسساتنا؟. أين اتحاداتنا؟. أين فصائلنا؟. أين منظمة تحريرنا؟. أين مجلسنا الوطني؟. أين، وما هو دورنا في النضال الوطني الفلسطيني؟. هي أسئلة الفلسطينيين في الشتات الممزوجة بالألم والحسرة لما آل إليه واقع الحال في الشتات نتيجة لسياسات وأوهام ومصالح وتقاعس وعجز المتحكمين بزمام االحركة الوطنية الفلسطينية على اختلاف اتجاهاتهم، الذين ساهموا جميعا وكل بحسب قدرته وموهبته ومن موقعه في تحويل واحات النضال الفلسطيني إلى صحراء تتناثر فيها بضع مؤسسات وفصائل ولجان أهم ما يميزها انفضاض الجماهير من حولها وانعدام الثقة بها؟!
أمام هذه الحقيقة المرة لواقع الشتات لم يكن بالامكان إلا أن تعلوا الأصوات بين الفينة والأخرى من هنا وهناك ومن هذا المثقف أو الفصيل أو ذاك مطالبة بضرورة إصلاح وتفعيل منظمة التحرير ومؤسساتها، واستعادة دورها اتجاه شعبنا، كل شعبنا سواء في الداخل أم في الشتات, ولكن.. ناديت إذ ناديت حياً ..لا حياة لمن تنادي؟!
في هذا السياق أتى مشروع الأكاديمية الفلسطينية الدكتورة كرمة النابلسي المسمى " سيفيتاس" ليثير الأسئلة الآنفة الذكر عينها، محاولاً - وبخلاف الأصوات السابقة – الانتقال من مرحلة مجرد الصراخ إلى مرحلة البحث العملي عن الاجابات من خلال آليات عمل ربما تكون جديدة، وربما تشكل واحداً من المفاتيح التي تحتاجها ساحات الشتات لفتح أبواب الاصلاح الموصدة؟ وهنا لا بد من الاشارة مسبقاً إلى أنه لا يشغلني كثيراً المخاوف التي يثيرها البعض حول نوايا ودوافع المشروع – مع قناعتي بمشروعيتها من جانب وبلا واقعيتها من جانب آخر- بقدر ما تشغلني أسئلة المشروع وآليات عمله.
يقول المثل الشعبي :"المكتوب مبين من عنوانه" و من عنوان مشروع سيفيتاس " أسس المشاركة: الهياكل المدنية لمخيمات اللاجئين والجاليات الفلسطينية في بلدان الاغتراب " نستشف السؤالين المهمين الذين يطرحهما ويحاول الاحاطة بهما، والاجابة عليهما، الأول: كيف ينتقل الفلسطينيون اللاجئون في الشتات من موقع المتفرجين على قضيتهم وما يدور حولها ويحاك ضدها إلى موقع المشاركين الفاعلين فيها؟ والثاني : ما هي المؤسسات والأطر والهيئات التي يحتاج إليها اللاجئون لتمكينهم من خدمة قضيتهم و جعل مشاركتهم في المشروع الوطني الفلسطيني أكثر فاعلية؟
لن أتحدث هنا في تفاصيل مشروع سيفيتاس لأنني تناولت هذا الموضوع في مقال سابق بعنوان" حول حق العودة ومشروع كيفيتاس نقاش مع بلال الحسن" وقد نشر في عدة مواقع الكترونية" الحوار المتمدن، مجلة فلسطين...."
ولكنني سأتناول بإيجاز إحدى الأفكار الرئيسية التي استند إليها معارضوا المشروع في رفضهم ومحاربتهم له وهي أنه يتجاوز كل ما هو قائم؟ وبالرغم من اعتقادي بأن المشروع ومن خلال وثائقه، لا يدعوا إلى تجاوز ما هو قائم وأقصد الفصائل والمؤسسات واللجان، بل ربما يساعد في تدعيمها وتطويرها وتفعيل دورها ، فإن هذه الحجة ضعيفة وسطحية و مردود عليها؟
ربما يكون مفهوما أن يعارض هذا المشروع أولئك الذين أوصلوا عن عمد الواقع إلى ما هو قائم عليه الآن من ضعف وترهل وتشتت وتهميش وضياع وتدمير للمؤسسات على خلفية حسم الخيار باتجاه التنصل من الشتات والتضحية به لصالح الانتقال إلى الداخل والتركيز على تخديم مشروعهم في الدولة المسخ المسماة مستقلة؟. فهؤلاء يدافعون عن ما هو قائم لأن أهم ما يميزه هو العجز عن مواجهتهم وكشف حقيقة مشاريعهم. وبالتالي ليس لهم أي مصلحة في تجاوز وتطوير ما هو قائم. أما أن تأتي المعارضة وتحت نفس الذريعة والحجة من قبل الذين طالما انتقدوا الحالة التي وصلت إليها الساحة الفلسطينية في الشتات، وطالما انتقدوا من أوصلنا إليها، وطالما تنادوا بضرورة تطوير وتفعيل وإعادة الحياة لمنظمة التحرير وللمؤسسات، فإن هذا حقاً يدعونا إلى الدهشة والريبة، والبحث عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء هذا الموقف والعقلية السياسية التي يفكر بها أصحابه؟. ما هو هذا القائم البديع والفريد الذي يخافون تجاوزه؟. إنها فصائل وطنية فلسطينية – على اختلاف مشاربهها وأيديولوجياتها- تتميز بازدواجية خطابها، فبينما تعلن عن رفضها التعاطي مع أي تسوية تنتقص من حقوق وثوابت الشعب الفلسطيني، نجدها عملياً تتساوق مع أوسلو وتبعاته، وتسارع لحجز مقعد لها على طاولة ما يسمونه الحوار- بينما الحقيقة أنه إملاءات- في القاهرة التي يرفرف فيها العلم الاسرائيلي دون أن يشير أحد من المتحاورين ولو ببنت شفة إلى حقيقة دور النظام المصري؟ وينسحب نفس الأمر في عدم اتخاذ أي موقف من الدور السلبي للأنظمة العربية اتجاه القضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. ويمكن القول أن كافة الفصائل في الشتات- لا تمتلك ويبدو أنها لا تريد أي برنامج للنهوض بالوضع الفلسطيني- لم يكن حالها في يوم من الأيام وباعترافها أسوأ مما هي عليه اليوم؟!
وإضافة إلى الفصائل هناك بضع مؤسسات شكلية تابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية التي لم تعد تحتفظ بشيء يمت لدورها وواجبها اتجاه شعبنا بصلة اللهم إلا اسمها؟! وعدد من اللجان الناشطة في حق العودة التي دخلت مبكرة في أزماتها، ولا نعرف إن كانت ستخرج منها أم لا ، ومتى سيكون ذلك؟ ؟
لقد بات واضحاً أن دعوات من ينادون بالاصلاح هي فعلاً مجرد صرخات في الهواء؟ وهي لإراحة ضميرهم أمام شعبنا من خلال الكلام عن الاصلاح والكلام فقط وهو أضعف الإيمان؟ وربما يعتقد هؤلاء أن دعوات الاصلاح والتغيير هي حكر لهم وممنوعة على غيرهم، وطرحها من خارجهم يعني تجاوزهم ؟. إن دعاة الاصلاح بموقفهم هذا يضعون أنفسهم من حيث يدرون أو لا يدرون في خندق أعداء الاصلاح؟ ويخدمون بوعي أم بغير وعي مشروع تهميش الشتات؟! إن هذه الطريقة في التعاطي مع موضوع الاصلاح والتغيير تذكرني بحالة الفصام المصابة بها منطقتنا العربية ونظمها السياسية؟! فالأنظمة ومثقفوها يطبلون ويزمرون صباح مساء بضرورة التغيير والاصلاح، ولا يقومون بأي خطوة جدية لتأمين نجاح ذلك، والحقيقة أنهم لا يريدون تغييراً ولا إصلاحاً، ولذلك عندما تأتي دعوات التغيير والاصلاح من خارجهم، وتكون دعوات صادقة وجدية وعلمية وقابلة للتحقيق نجدهم يسارعون إلى رفضها ومحاربتها وكيل التهم لها والتشكيك بدوافعها. ويصبح العزف المبدع شاذا لمجرد أنه يأتي من خارج جوقتهم؟
أختم بالاشارة إلى أن النتائج الأولية للمشروع بالنسبة للمناطق التي عمل بها قد بدأت بالظهور، ويمكن الاطلاع عليها من خلال زيارة موقع المشروع على الانترنت، وقد بينت هذه النتائج مركزية قضيتين بالنسبة للاجئين وهما حق العودة ومنظمة التحرير حيث عبر اللاجئون عن التمسك بهما. فهل ستريح هذه النتائج معارضي المشروع؟ ولكن النتائج الأخرى لمشروع سيفيتاس التي ربما لم يكن يقصدها أو يفكر بها تجلت في أنه شكل مرآة جديدة كشفت مرة أخرى بؤس الحركة السياسية وأداءها ، والعقلية التي تديرها في الشتات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترامب يهاجم مجددا مدعي عام نيويورك ويصعد لهجته ضد بايدن | #أ


.. استطلاع يكشف عدم اكتراث ذوي الأصول الإفريقية بانتخابات الرئا




.. بمشاركة 33 دولة.. انطلاق تدريبات -الأسد المتأهب- في الأردن |


.. الوجهة مجهولة.. نزوح كثيف من جباليا بسبب توغل الاحتلال




.. شهداء وجرحى بقصف الاحتلال على تل الزعتر في غزة