الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلطة النظر

كامي بزيع

2014 / 2 / 16
الادب والفن


لقد هرم...
هكذا تشعر به وهي تلمحه يتناول فطوره في هذا الاحد الماطر، يتكوّم في "روبه" الشتوي كانه حزمة من حطب.
لا تذكر المرة الاخيرة التي نظرت اليه، فهي تتحاشى رؤيته كما تتحاشى الحيوانات الصغيرة مفترسيها.
لا شك ان النظر سلطة، نمارسها عندما نريد ان نخضع احدا لنا...ننظر اليه فنحتويه، ومانقوله بالنظر لا تستطيع اية ابجدية اخرى ان تقوله. تفكر وهي تحاول تجنبه قدر الامكان.
الاحبة غالبا مايسرقون النظر في عيون بعضهم، لا يستطيعون التحديق مباشرة، بل يخطفون نظرتهم خطفا الى الحبيب.
وبالعكس فان اطالة النظر انما تدل على تفوق الشخص الناظر على شخصية الآخر المنظور.
تشعر بتيار كهربائي يلسعها وهي تقوم بتحضير فطورها مُديرة له ظهرها...
ربما يشتاق لها، وتحديدا الى جسدها، ليبعث فيه قليلا من الدفء والحنان وباختصار ليعيد له الحياة...
تحمل الصينية وعليها فنجان الشاي، صحن اللبنة وآخر للزيتون وخبز التنور الاسمر وتعود لتناول فطورها في غرفتها...
ومن الخلف تشعر بنظرته تستجديها لتجلس على الطاولة في المطبخ تتناول الفطور معه.
لكن ذلك الامر جاء متأخرا جدا ، لانها قد قررت منذ فترة ان لا يكون بينهما اي قاسم مشترك ولا حتى كلمة صباحية.
يقولون ان الكلمات هي المرحلة الاخيرة في التعبير، فقبلها يأتي التفكير الذي تسبقه النية... ولكن اين تقع النظرة من ذلك؟ تسأل نفسها.
النظرة تختصر الكلمات والافكار والنيات...
في بعض الاحيان نتكلم الى شخص دون النظر اليه، وفي هذا نحن لا نريد ان نقول له شيئا.
وفي احيانا اخرى ننظر فقط الى شخص ما ونقول كل مانريده دون ان ننبث ببنت شفة كما يقولون.
لذلك قررت الا تنظر اليه...
ارادت بطريقة ما ان تلغيه، كانه ليس موجودا...
لم تكن تدرك قبلا ان النظر يمتلك هذه القدرة على الخلق، فانت تنظر ماهو موجود بابعاده المختلفة، ولكنك لن تنظر ماهو غير موجود...
ان تحوّل الموجود الى غير موجود، فقط عبر النظر، فهذا بحد ذاته ماتبتغيه الان معه.
هي تتحاشاه وتتجنب النظر اليه في محاولة لالغائه...
عكسها يفعل هو، يتعمد النظر اليها، عندما تتحرك في البيت، عندما تقف امام المرآة، عندما تسرح شعرها، عندما تقوم بتحضير الطعام، عندما تقف على الشرفة، عندما تجلس تشاهد التلفزيون، عندما تستلقي لتقرأ او حتى عندما تكون نائمة وفوقها عددا كبيرا من الاغطية...
تشعر انه بالنظر اليها غصبا عنها ينتهك حرمتها... يخترق حميميتها... انه بطريقة ما يتعدّى عليها.
وهو يتقصّد النظر في محاولة يائسة لاستعادتها، يلاحقها بنظراته كانها من ممتلكاته، ففي ذلك استباحتها له... هو يريد بسلطة النظر ان يخضعها له، فيتأملها ويطيل النظر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب.. مهرجان موازين للموسيقى يعود بعد غياب 4 سنوات بسبب ج


.. نون النضال | خديجة الحباشنة - الباحثة والسينمائية الأردنية |




.. شطب فنانين من نقابة الممثلين بسبب التطبيع مع إسرائيل


.. تونس.. مهرجان السيرك وفنون الشارع.. إقبال جماهيري وأنشطة في




.. دارفور.. تراث ثقافي من الموسيقى والرقص