الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسائل -هيكل- الملغزة وغواية الأنا

محمد السعدنى

2014 / 2 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


فى صالون السناوى، بدا الأستاذ هيكل كما محركى الدمى الكبار والمتلاعبين بالعقول، كان حديثه ملغزاً ورسائله غامضة، وبتلقائية لم نعهدها منه قدم للإرهاب وداعميه الدوليين خدمة مجانية، وقام بتعجيز الناس و"تطفيش" السيسى، وبكرم غير مبرر إعاد تسويق البعض من متعددى الولاءات فى مراكز السلطة بإعتبارهم مفكرين وعباقرة.
لسنا بصدد تحليل سياسى لحوار الأستاذ هيكل، هى انطباعات أولية أخذتنا من خناقنا وأمسكت بتلابيب حلمنا الوطنى فى التقدم والنهوض وإعادة البناء، لتضعنا جميعاً فى مقابل المستحيل بعينه، وربما هو لم يقصد ذلك تحديداً فتاريخه الوطنى لايؤهله لدور التيئيس وتسويد المشهد واستحالة الفعل الوطنى المننهج والطامح. لكن الصورة الكارتونية التى قدمها لسيارة الوطن التى تحولت إلى توكتوك، صورة لا تضحكنا، إنها تضحك علينا وتسخر منا وترفع فى مقابل حماسنا راية اليأس والاستسلام، وهو مالم نعهده أبداً من رجل ساهم فى تشكيل وعينا السياسى وبشر دائماً بأهمية الخيال والإرادة وقيمة العمل فى إطار رؤية تخاطب المستقبل وتحدد علاماته وتتحسب لوعوده. بدا هيكل مستغرقا فى كاريكاتورية المشهد أكثر من محاولتة دفع الهمم والتبشير بالمستقبل من خلال تحليل المعطيات ومناقشة التحديات والفرص والامكانات المتاحة حتى ولو كانت قليلة، على النقيض صدمنا الأستاذ بقوله فى بداية الصالون :"أعتقد أننا بعيدون جداً عن طريق المستقبل، فلا يمكن أن نتكلم عن مستقبل وليس أمامنا طريق"، وكأنه ينسف ماأصطلح الشعب والجيش على أنه خارطة مستقبل وطريق، وكأنه يشكك فى كل مابدأناه على أساس هذه الخارطة التى رآها لاشئ، حيث يقفز بنا فجأه خارج التاريخ ليقرر "نحن فى حالة تيه فى الصحراء"، وإذا ماوضعت إلى جوار هذه العبارة كلماته الجارحة " أرى أمامى بلداً ينتحر بدعوى الحرية"، تجد أنه ربما بغواية الكلام والإلغار والأستاذية وربما دون قصد، حتى لانجارى من يغمز أو يلمز فى مواقف هيكل، قد قدم هدايا مجانية وبالجملة لكل المتربصين بنا فى الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبى وبرلمانه وقوى إقليمية طامعة ومتآمره، ولو أراد التنظيم الدولى للإرهاب وتابعيه الوصول لهذا التوصيف لدفعوا مقابل ذلك مئات ملايين الدولارات ثمناً لهذه الشهادة التى تخرج من رجل قدمته الظروف وساعده ذكاءه فى أن يكون قريباً من كل سلطة ومتماساً مع دوائر كل قيادة. وفيم يختلف كلامه هذا عن موقف البرادعى؟ الذى كان اقل ذكاءاً فوقع فى المحظور باستقالته فى وقت قاتل، لكن "هيكل" يفعلها معتمداً أن النخبة جميعها قد تحولت دراويشاً فى محرابه وتلاميذاً أمام آرائه وتصريحاته، وبدا كمن لايسأل عما يفعل. ولم يعترض على ماقال إلا ياسر رزق وفريدة الشوباشى اللذين حملا عن كل المثقفين والنخبة عبء تصحيح هنات الأستاذ وإلغازه الذى لايخدم إلا مصالح المتربصين بالوطن الذى هو بلاشك يحبه ويعشقه.
البلد يا أستاذ هيكل لاينتحر محض إرادته، فهو يصمد ويحاول ويصر ويقاوم كل من يحاولون نحره بسكين الإرهاب المجرم من قوى الخارج والداخل، وأحسبك لايغيب عنك ذلك، وكان الأجدى بك أن تشير ولو بنصف جملة تدين الإرهاب الذى يتعرض له الوطن، لكنك لم تفعلها بل تقدمت بعريضة اتهام تشير لغباء الوطن الذى ينتحر باسم الحرية، لابفعل الإرهاب والمؤامرة.
وكيف لنا ياأستاذ هيكل أن نفسر مقولاتك، على شاكلة "مهمة السيسى شبه مستحيلة، المشير لديه تأييد شعبى لكن ليس لديه ظهير سياسى، الجميع يرفض المناصب والمشاركة فى المسؤولية، وحتى السيسى متردد لأننا لسنا على طريق المستقبل، أشفق على السيسى فهو ليس عبدالناصر، والمهام المقبلة صعبة"؟! هل نذهب مع القائلين أنها محاولة للتأثير على قرار السيسى ودفعه لعدم الترشح؟ كثيرون تشككوا فى هذه الكلمات ورأوا أنها تخدم مصالح الغرب المتربص بنا وتتماشى مع محاولاته، أكثر مما تخدم مصالحنا الوطنية. وصحيح أنك القائل أن السيسى مرشح الضرورة، فهل تراجعت عن هذا؟ وخصوصاً رفضك لمقولة يوسف القعيد بأن الشعب يبحث منذ وفاة عبدالناصر عن بطل، قائلاً الشعب يبحث عن أمل لا عن بطل، واختلف معك، فكما تحدث بهاء طاهر عن رؤية "أرنولد توينبى" فى الصمود والتحدى والإستجابة" لصنع الحضارة، فهو وغيره تحدثوا أيضاً عن كاريزما البطل ودوره الملهم فى صنع الحضارة. الشعب ياأستاذ يبحث عن بطل، وهذه رؤيته فلاتصادر عليها. وأسعدنى ماقاله رداً على ذلك ياسر رزق " الشعب المصرى وجد البطل فى 3 يوليو، والمشير شخصية مبشرة، ويملك رؤى للنهوض بالبلاد. هذه هى إرادة الشعب ومخزونه التاريخى الذى يجرى فى عروقه يرد صنع الحضارة والتقدم لكاريزما البطل الذى وجده فى السيسى، الذى تحاول سيادتك فرض الوصاية عليه وتريده أن يحكم بمجلس أمناء دولة، سرعان مايتحول إلى مراكز قوى وزوار فجر كما علمتنا فى تجارب سابقة.
لم نعهد الأستاذ هيكل يتحدث إلا لتوصيل رسالة، وأعترف أنها كانت فى هذه المرة ملغزة أخذتها شهوة الكلام ومحاولة التميز وغواية الأنا إلى منحى غريب على الأستاذ، وعلينا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرانس كافكا: عبقري يتملكه الشك الذاتي


.. الرئيس الإسرائيلي يؤكد دعمه لحكومة نتنياهو للتوصل إلى اتفاق




.. مراسلتنا: رشقة صواريخ من جنوب لبنان باتجاه كريات شمونة | #را


.. منظمة أوبك بلس تعقد اجتماعا مقررا في العاصمة السعودية الرياض




.. هيئة البث الإسرائيلية: توقعات بمناقشة مجلس الحرب إيجاد بديل