الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحراك الشعبي في العراق / بين الواقع و الطموح

مناضل البصري

2014 / 2 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


يعتبر الحراك الشعبي بالمفهوم البسيط مثل المظاهرات و الاعتصامات و الاضرابات و غيرها وسائل ضغط على السلطة في سبيل تحقيق مطالب القائمين بهذا الحراك , اما بالمفهوم السياسي فهناك اهداف اعمق لاي حراك يحددها قادة الحراك و انتماءاتهم الطبقية و الفئوية , فاذا افتقد الحراك الشعبي الى قادة يحملون نظرية ثورية سيفقد بريقه كونه من ضمن الادوات الدعائية و التحريضية ضد السلطة البرجوازية و سيكون من السهولة تجيير هذا الحراك لاجندات تيارات تدور بفلك السلطة و لا يخرج عن كونه ممارسة تجريبية و ان كان فيها بعض الفوائد لكن ايضا لها مساوئ كبيرة حيث قد يؤدي الى شعور باليائس و الاحباط لدى المساهمين في هذا الحراك كونه لا يعطي النتائج المرجوة منه او لعدم تحقيق الاهداف المتصدرة لاي حراك فغياب النظرية الثورية في العمل السياسي الجماهيري كغياب الربان عن السفينة فتتقاذفها الامواج حيثما تريد .
ان التذمر الجماهيري و توسعه و تجذره دائما يفرز قادة ثوريين مندفعين يرفضون الواقع البائس التي تعيشه الجماهير و يحرضون هذه الجماهير للقيام بفعاليات و حراك في سبيل المطالبة بتحسين و اصلاح الواقع من خلال رفع شعارات مطلبية دون ان يوعوا ان هذا الحراك يجب ان يكون احد وساءل النضال للتغيير النوعي و انه بالاضافة الى تحقيق اهداف انية من خلال شعارات الحراك يجب ان يكون اداة دعاية و تحريض لتحقيق اهداف بعيدة اي يجب ان يكون تعددها و استمرارها عبارة عن تراكمات كمية لاحداث منعطف نوعي الا و هو تحقيق تغيير جذري لطبيعة النظام الاقتصادي بما يحقق العدالة الاجتماعية و هذا لا يمكن الا من خلال نظرية ثورية يتبناها الشباب الثوري لتكون له منهاج عمل مع الجماهير و ضمن المتغييرات على الارض و هذا لا يمكن ان يحدث الا من خلال تنظيم ثوري يحمل هذه النظرية و يستقطب هؤلاء الشباب الثوري الذين يمثلون قادة الجماهير يتفاعلون معها و يزيدون من وعيها .
ان السلطة في العراق تمثل الطبقة البرجوازية بكل مساوءها و تخلفها و عمالتها و عدم انتماءها بالوطن الا كونه مصدر لجمع اموالهم باي طريقة انسانية او غير انسانبة و تهريب هذه الاموال الى الخارج , و هنا لا نريد الدخول بتفاصيل طبيعة النظام القائم و نوعية السلطة فبشكل عام هذه السلطة تمثل اقصى اليمين باساليبها الفاشية و فسادها الذي بلغ الحدود العليا بكل المقاييس لتبتعد عن اي قيم انسانية فانفصلت نهائيا عن الجماهير العريضة للشعب العراقي و عن مصالحه الى درجة الاستهانة به و بابسط القيم التي تدعي هي زورا انتماءها لها بلباسها الديني و انتماءها للمظلومية التاريخية و غير ذلك من شعارات تافهة , و عمدت الى اغراق الاكثرية من الشعب بالجهل و الغيبيات لتبعده عن التفكير و الاحساس بواقعه المرير و انه اصبح عبارة عن مشروع سرقة و قتل مستفيدة من غياب تيارات سياسية شعبية تحمل نظرية ثورية قد تكون طليعة لهذا الشعب تقوده نحو عمل ثوري يحقق طموحاته , ان استهتار رجال العملية السياسية من حكومة و نواب و كتل و غيرهم بكل الفييم و تماديهم في القتل و السرقة و بشكل علني و مقرف و توغلهم بالمفاسد على حساب الشعب العراقي جعل الشعب العراقي في السنتين الاخيرة يبدأ بالتذمر و التملل فيسري الوعي في شراينه فيتحسس ما وقع عليه من ظلم و مصائب سببها هؤلاء الساسة و كتلهم و ما العناوين التي يختبؤون وراءها سوى اقنعة يخدعون الشعب بها , فيبدأ الحراك البسيط على شكل تظاهرات ذات اهداف بسيطة محددة لتكون الممارسة الاولى للجماهير و ان كانت بشكل محدود كذلك بعض الاضرابات عمالية و المهنية المتفرقة و بعض الاعتصامات يقود هذه الفعاليات شباب مندفع متفاعل مع الجماهير لكنه يفتقد للنظرية الثورية و كان ذلك واضح من خلال تمسكه بنفس عناوين العملية السياسية و كتلهم و المتمثلة بالدين و مناشدة المرجعيات الدينية بالتدخل كانها الله سيقول كلمته .و قد لاحظنا اللامبالات التي جوبهت بها هذه الفعاليات من قبل السلطة و البرلمان لانها حسب قناعتهم لا تمثل تهديد لهم لافتقار هذه الجماهير التي خرجت او اضربت او اعتصمت الى طليعة ثورية ذات اهداف نوعية .
ان جماهير الشعب العراقي المسحوق بحاجة الى طليعة ثورية تحمل نظرية ثورية تستطيع قيادتها و تنمية الوعي لديها و هذا لا يمكن الا من خلال توحيد جهود اليسار العراقي لوضع برنامج علمي موحد يستند الى معلومات دقيقة لكل ما يجري في العراق من فساد و قتل و تراجع في الاقتصاد العراقي و كشفه لجماهير الشعب مع طرح برنامج بديل مقنع لاغلبية الشعب العراقي الذي يؤدي الى تحقيق تطور اقتصادي و اجتماعي و رفع مستوى المعيشة و تحقيق عدالة اجتماعية و الذي يمكن تحقيقه من خلال اقامة نظام اقتصادي اشتراكي , ان مثل هذا العمل يحتاج الى مجهود جبار و الى كوادر يسارية سواء من الناحية النوعية او الكمية و يحتاج بنفس الوقت الى تهيئة ساحة ثقافية تستطيع ان تفرز كوادر ثورية باستمرار و الى المساهمة في الممارسات الجماهيرية و الحراك الشعبي للتفاعل مع هذه الجماهير و كسب ثقتها .
ان استمرار الحراك الشعبي في العراق بشكل عشوائي و متقطع و بدون شباب ثوري يحمل نظرية ثورية سيضيع الفرص امام هذه الجماهير في تطور وعيها الطبقي و ان اي منعطف ثوري لهذه الجماهير قد يظهر بأي لحظة مستقبلا سيؤدي الى اهداف عكسية حيث سيستغل و يركب موجته تيارات الثورة المضادة كما حدث في اكثر من دولة في المنطقة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة الـ14 الإسرائيلية: الهجمات الصاروخية على بئر السبع تع


.. برلمانية بريطانية تعارض تسليح بلادها إسرائيل




.. سقوط صواريخ على مستوطنة كريات شمونة أطلقت من جنوب لبنان


.. كتائب القسام تقنص جنديا إسرائيليا جنوب حي الزيتون في مدينة غ




.. استخدام الذكاء الاصطناعي لتشخيص أمراض الدم في الجزائر