الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جهود مستمرة في مواجهة مأساة مستمرة

عبدالباسط سيدا

2005 / 6 / 27
الادارة و الاقتصاد


جهود متعثرة في مواجهة مأساة مستمرة
د. عبدالباسط سيدا

تناقلت وكالات الأنباء يوم أمس خبراً مفاده أن سعر برميل النفط قد يتجاوز حاجز ال 60 دولاراً، الأمر الذي لا تحبّذه الأسواق المستهلكة، سواء في أوربا أو الولايات المتحدة الأمريكية وبقية الدول المتقدمة صناعياً. ولكن في المقابل، من المفروض أن ينعكس هذا الارتفاع ايجاباً على واقع الدول المنتجة، سواء من ناحية الاستثمار، أوتأمين المزيد من فرص العمل، بالإضافة إلى الادخار الوطني لصالح الأجيال القادمة؛ وذلك باعتبار أن ثروة النفط ناضبة لن تعوّض.. وهي ملك للجميع. وقد اشار المسؤولون المعنيون بالموضوع في العديد من الدول النفطية بما فيها الخليجية إلى هذه المسألة، موضحين أن بلدانهم ستشهد في المرحلة القادمة ازدهاراً واستقراراً اقتصادياً بفعل استمرار عملية ارتفاع أسعار النفط.
أما في سورية، فكل شيء يدخل في عداد الأسرار التي’’ ينبغي’’ أن تظل حكراً على دائرة ضيقة، هي وحدها المطلعة على كمية الانتاج وأسعار البيع، وسبل التعامل مع أرباح صناعة النفط.

يوم أمس ، حاولت من دون جدوى الوصول إلى رقم تقريبي بخصوص كميات النفط التي تستخرج من المناطق الكردية، وذلك لمعرفة مدى الخسائر الاستراتيجية اليومية التي تتعرض له هذه المناطق التي لاتستفيد ابداً من ثروتها النفطية. فالأرباح تذهب إلى جهات مجهولة لا يجوز مجرد السؤال عنها، والغالبية الغالبة من العاملين في حقول النفط على جميع المستويات هم من خارج المحافظة، أتوا بناء على التسهيلات الفاخرة التي يوفرها لهم المدراء العامون بتوجيه من الأجهزة الأمنية وتنسيق كامل معها. هذا في حين أن أبناء المنطقة الذين يمتلكون الخبرة والمؤهلات العلمية اللازمة يعانون من البطالة الفظيعة، والأمراض المزمنة التي تتسبب فيها الغازات التي كان من المفروض أن تعالج بطريقة أفضل، هذه الغازات المنبعثة نتيجة عمليات استخراج وتصدير النفط. كما أن سكان المناطق القريبة من حقول النفط لايحصلون على حقهم الطبيعي من المساعدات العينية الكافية التي من شأنها زيادة مقاومتهم للأمراض إلى حد ما؛ هذا في حين أن الفحوص الطبية المستمرة لهم هي من الأمور التي تدخل في عداد الأحلام المستحيلة.

إن واقع الصناعة النفطية في المناطق الكردية يلقي ضوءاً ساطعاً على أبعاد الحالة المأساوية التي تعيشها هذه المناطق التي تعد من دون منازع أكثر المناطق في سورية اهمالاً ونهباً، وذلك بموجب خطة منظمة مبرمجة، ترمي إلى الابقاء على حالة الانهاك والفقر، مع انها تعد من المناطق الأساسية التي تمد البلاد بالنفط والغاز والمحاصيل الزراعية الاستراتيجية مثل الحبوب والقطن. والمناطق ذاتها تضم الخبرات والكوادر القادرة على صنع المعجزات فيما لو وجدت المجال والامكانيات.

إن فصائل الحركة الوطنية الكردية في سورية مطالبة بإعطاء هذا الموضوع وغيره من الموضوعات الحيوية - هذا إلى جانب وظائفها الأخرى - التي تمس مصير ومستقبل الشعب الكردي الاهتمام الكافي؛ وذلك عبر تشكيل لجان علمية متخصصة تجمع القرائن والوثائق، وتقوم بدراسة الموضوعات من جوانبها المختلفة؛ وتعلن نتائج عملها على الملأ ، ليعرف القاصي والداني حجم المعاناة، وبلغة الأرقام الدقيقة التي هي وحدها تثير الاهتمام، وتُشعر المرء بهول الكارثة...

أما أن ننشغل بالمهاترات والمماحكات العقيمة، ويتذاكى بعضنا على بعضنا الآخر، ونمنّي النفس بانتصارات حزبية وشللية وهمية مخدّرة، تتسبّب في الفرقة وتشتيت الطاقات؛ فهذا معناه أن البون ما زال شاسعاً بين المطلوب الذي لايقبل التسويف أو التأجيل؛ والرغبات الدفينة التي ما زالت تحوم في إطار الحسابات العشائرية بأسمائها العصرية، أو المصالح الذاتية التي تتستر خلف اقنعة لم تعد قادرة على ستر اصحابها في زمن باتت وسائل الاعلام المختلفة فيه أقوى من الأشعة السينية نفسها.

إن المرحلة حاسمة وحساسة وهي لاتحتمل الفرقة والتبعثر؛ بل تستدعي الاتفاق إلى الحد الأقصى. لابد من محورة الجهود حول النقاط المشتركة؛ أما القضايا الخلافية فتكون مادة لمناقشات هادئة موضوعية، تؤدي إلى اعتماد آلية من شأنها معالجة التباينات بالسبل الأفضل، بعيداً عن الاستفزاز اللغوي أو الفعلي بمختلف الصيغ والمستويات.....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسعار الذهب اليوم الأربعاء 01 مايو 2024


.. صندوق النقد يتوقع ارتفاع الاحتياطى الأجنبى لمصر فى 2029




.. الانتخابات الا?ميركية– عودة المنافسة هذا الا?سبوع


.. ??محكمة العدل الدولية تقضي بعدم اختصاصها بفرض تدابير مؤقتة ب




.. محمد العريان يجيب عن السؤال الصعب.. أين نستثمر؟ #الاقتصاد_مع