الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شاعر يغرد خارج السرب

فوزي بن يونس بن حديد

2014 / 2 / 17
كتابات ساخرة


عندما تقرأ شعر محمود درويش وتسبح في بحوره يخيل إليك أن الرجل يحنّ إلى وطنه كلما ضاق به الأمر واشتد وحينما يعبّر عن ذلك الشعور بكلمات توهم الآخرين أن الرجل يعيش حالة الفلسطيني المضطهد المحتل، تزداد سخريتي من قامة من قوائم الشعر العربي، وتزيدني قناعة أنه لم يكن يوما يدافع عن القضية الفلسطينية بعمق وإخلاص، قال قصيدته المشهورة التي يرددها كل من تعرض وطنه للاحتلال والابتزاز من المستعمر والمحتل، وطني يعلّمني حديد سلاسلي عنف النسور ورقة المتفائل ويصف فيها معاناة الأسرى الفلسطينيين الذين يقبعون وراء القضبان مكبّلين بالسلاسل والأغلال وهم يبتسمون في الحياة، تلك الصورة أحرجت إسرائيل وغاضتها كثيرا لأنها تعبّر عن الصمود والتحدي.
لكن قصائد محمود درويش حينما نقرؤها تبعث في أنفسنا الحماس وتحرك في جوانحنا نوازع التصدي والتحدي والصمود وكأننا نعيش تجربة الفلسطيني المحاط بحفنة من الجنود اليهود وهم يتكالبون على ضربه وتعصيب عينيه وتكبيل يديه وربما رجليه لئلا تصدر منه أي حركة فهو بطل بين مجموعة من الخفافيش تخاف من ظلها ومرتعبة من قوة الرجل أو الطفل الذي يحمل حجارة ليصوبها نحو سيارة جيب عسكرية مضادة للرصاص لا للحجر فقط بينما أفواه البنادق والرشاشات مفتوحة في صدور الفلسطينيين، وأيدي اليهود اللعينة على الزناد لا تتورع عن الضغط عليه في أي وقت تريده لإزهاق روح بريئة كما فعلت بالشهيد البطل المغوار محمد الدرة والكل يتذكره كيف استشهد في حضن أبيه وهو ينزف دما حتى فاضت روحه وانتقل لجوار ربه والعرب يتفرجون عليه في الشاشات ولم يحركوا ساكنا آنذاك فابتلاهم ربهم على صنيعهم بأنواع البلايا والامتحانات.
سقت هذه المقدمة لأعبر عن مدى حزني لما يحصل للفلسطيني الإنسان من انتهاك صارخ لحقوقه واعتداء سافر على ممتلكاته ولا مبالاة من منظمات حقوق الإنسان التي لا تنبش الا في الحرام ولا تجري الا وراء سراب، فالشاعر الكبير محمود درويش عاش فترة من عمره كالملوك يأكل أطيب وأشهى المأكولات ويبيت في أفخر البيوت ويدثر بأنواع الحرير ويلبس أفخر الثياب ولا يمكن أن تقابله إلا بموعد مسبق وقد يرفض في أي وقت، حاول أحد الصحفيين إجراء حوار معه وهو في بلده جاء زائرا، رفض لقاءه ولم يعره اهتماما بل قال إن وقته ثمين، ثم إن التكبر باد على وجهه حينما تراه لا يجلس الا مع من يريد، ومن يعطيه ومن معه مصلحة، ذلك هوشأنه في الحياة فكيف سيشعر بآلام الفلسطينيين؟ وما شعره إلا وظيفة اتخذها ليدخر الملايين، فهو يركب أفخم السيارات ويتجول بحرية في بقاع العالم ويعقد الصفقات والأمسيات، ولا أدري ما يجري في الكواليس، من يشعر بمعاناة شعبه لا يفعل ذلك في حياته احتراما لهذا الشعب الأبي الذي يذرف الدموع كل يوم أسى وحسرة لأنه لا يجد ما يأكله، ولا ما يشربه أو يلبسه، وإنما يتمظهر أمام العالمين أنه شاعر الملايين المعذبين ولكن حقيقته وحياته أثبتت انه متورط في كثير من الأحايين، ترك وطنه وشعبه يتألم ويعاني الأمرين يتلظى بنار الفقر والجوع والقنابل المدوية فوق رأسه وهو ينام بكل هدوء حتى لا يخطئ في حرف من قصيدته.
هناك فرق بين من يعيش الألم ويبدع وبين من يبدع ويغرد خارج وطنه وكأن الأمر لا يعنيه فانظروا إلى الشاعر التونسي أبي القاسم الشابي كيف عاش التجربة وناضل من أجلها، جاء شعره مدويا، قويا بارعا، تحدث عن كل شيء وتغنى بكل شيء وعاش معاناة التونسيين أيام الاحتلال الفرنسي وأعلن تحديه للمستعمر عندما قال ألا أيها الظلم المستبد حبيب الظلام عدوّ الحياة
سخرت بأنّات شعب ضعيف وكفك مخضوبة من دماه
وسرت تشوه سحر الوجود وتبذر شوك الأسى في رباه
أفمن كانت كلماته من القلب إلى القلب، لها معاني استنهاض الهمم وأصحاب العزائم لتقف في وجه العدو المحتل الغاصب كمن كانت كلماته لا تعدو أن تكون مطية لفائدة أعم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو


.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : أول مشهد في حياتي الفنية كان