الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التشكيل المركب وتحولات التعبير

سعدي عباس بابلي

2014 / 2 / 17
الادب والفن


في معرض غير عادي وفي مدينة غير عادية ايظا افتتح معرض مشترك للفنانين العراقين شداد عبد القهار ورضا فرحان في قاعة مدارات في العاصمة العراقية بغداد ...
الفن حالة متغيرة تظهر بمستويات متقدمة في موقع ما ومستويات دون ذلك في مواقع اخرى ,وفن التشكيل الذي دائما يتقدم باعماقه التاريخية وصلابة مقاومته للزمن ذلك البعد الذي طالما تمنوا منتجوا الاعمال الفنية هزيمته والسيطرة عليه بتقديم اصالة وتميزا لاعمال يستطيع فنانوها البقاء في مواقع التاريخ وحضارة الانسان .
بعد المعرض التشكيلي الكبير في مهرجان بغداد العالمي الثاني للفنون التشكيلية عام 1988 حيث قدم النخبة المميزة من مبدعي التشكيل العراقي اعمالا فاقت بتقدمها على الكثير من العارضين العالمين انذاك ,كانت مساحة فضائية وفترة زمنية منحت الفرصة للفنانون العراقيون بالتالق الكبير حيث ظهرت تجارب متميزة اخذت تنشر تاثيرها التدريجي على كامل مساحة التشكيل العراقي ثم العربي حيث امتدت الى مواقع عروض في اماكن اخرى ومن هذه التجارب التشكيلية المتميزة لوحات الفنان شداد عبد القهار حيث اشارت الى مستقبل فنان جاد باحث هذا الفنان الذي رفض مغادرت مرسمه في بغداد وبدا يؤسس لمفاهيمه الخاصة وتحديد اعماله التشكيلية .
لوحات شداد منحت نفسها منذ انطلاقتها قوة ديناميكية سريعة التغير قوية البناء الشكلي واللوني وفي الوقت الذي وضع الفنان اهتمامه الكبير على محتويات التشكيل التعبيري وطاقاته العاكسة للتواصل مع متلقيها , التعبير عند شداد يعني رسالة فكرية الى الاخر وهو بذلك قدم نفسه ليس فنانا شكليا فقط يطلق للشطل حريته في التواصل وانما وضعه في اتجاه التقارب الفكري مع متلقيه مصحوبا بايقاعات وترددات لونية وضعت وفق مقياس التعامل الاعلى للجمال وهو هنا مسك المعادلة التشكيلية من منطقة قوتها ..انه يمنح الشكل طاقته التعبيرية الكبيرة في الوقت نفسه تعاليه الجمالي ..تشكيلاته تدعوك للتوقف والتامل وهو هنا يمنحك فرصة السفر الجميل مع مفردات سطح لوحته مرة ترتفع فوقه واخرى تدخل في اعماقه وهو هنا اي السطح التصويري يدفع بلوحات شداد الى مصاف اللوحات او الاعمال سريعة التحول والتلقي ,مهاراته في صناعة الشكل الواقعي للانسان منح قدرته تعبيراته الجمالية العالية رغم ابتعاده عن واقعيته المالوفة فالشكل هنا يمنحك قوة الملاحظة لقواعد الرسم وفي الوقت نفسه قوة التقارب لمقومات الفن المتقدم ما بين الرسم والفن يتقدم شداد عبد القهار في صناعة لوحة متميزة وجمالية عالية متماسكة في بناؤها وعرضها تنتمي الى مصاف العالمية ما زلت اتذكر اول عروضه في بغداد حيث عرض لوحة بتشكيل واقعي متماسك القوة لوجه امراة ووضع على احد جوانب االلوحة ارقاما عندها توقفت لجنة العرض لترى نوعا اخر من الفن وكانت ولادة فنان متميز واسس بعدذلك فنه وفق رؤيته الخاصة به .
اللوحة عند شداد تعني عالمه كله يتداخل فيها كل شيء من احساسه بوجوده وسببيته الى العلاقة مع الاخر والعالم الخارجي ,عناصر اللوحة لايمكن ان تكون غائبة عن رؤية المتلقي فهي عناصر مالوفة يتصدر موقع القوة فيها شكل المراة الذي اخذ من شداد الجانب الاكبر من عالمه الداخلي والخارجي فالمراة عنده كائن متقدم له موقعه الخاص جماليا وفيزيائيا ومنه انطلق ليتقارب في احلامه مع الاخرين ومع كائنه الانثوي الاسطوري الذي يمتع نفسه بتقديم طقوسه الخاصة من سحر وحلم يخرج من ضباب المناطق البعيدة للذاكرة ,,انه ليس شكلا لامراة يعرفها الاخرون ولا صورة اخرى لالهة اسطورية وانما شكلا لامراة يعرفها شداد نفسه لانها الجزء الاخر منه وهو حالم معها في كل موقع يختار منه بداية لوحة جديدة .لم يعد يكفيه سطح اللوحة وبدا بالخروج الى الفضاء الواقعي حيث مد ابعاده الثلاثة الى البعد الرابع ليواجه الزمن با لتوقف لكي يطيل امد هذا الحلم المتتع له ولمتلقيه ..يتحول التعبير في تشكيلاته المتداخلة عند شداد بين الرمز وتحولاته ومفهوم الاشارة وتواصلاتها هذه المعادلة المتغيرة بين هذين المنطقتين وعنصر الشكل تتراكب في تنظيم ايقاعي جميل ومفعم بالحيوية والحب لنوع مميز من الحياة .. شداد يرسم وينتج فنا رغم كل اعاصير القدر الاحمق الذي ضرب بلده وشعبه وهو عنيد بمقاومته لنثر بعده الجمالي لكي تدوم حياة شعب حضاري عظيم عرف باصالته وتفرده .
يقابل شداد في الجانب الاخر فنان جعل من مادة البرونز اداته للتواصل مع الاخر وهذه المرة في هذا المعرض قدم اعماله بقوة توازنت تماما مع عروض شداد ..فنان تميز بانتاجه ومثابرته الطويلة ولاول مرة اكون قريبا لاعماله لاتواصل معها وبقوة رضا فرحان فنان مبدع اخر من ارض الرافدين اراد ان يقول للاخرين ان ما تروه ليس روؤسا تنظر لكم مرة واخرى تنام لتحلم وانما هي ربما روؤسكم انتم تعبيرة اعماله فاقت مساحة العرض البسيطة وانت تقف قريبا منها تشعر بان كا الفضاءات الميطة بك قد ضاقت ولم تعد تكفيك مسافة التحرك لانك ترى كل ما يحيط بك احلام لا تعرف من اين تبدا لتلاحقها ..اعمال نحتية امتازت بشكلها المميز منحها البرونز متانة العرض وقوة التلقي..العرض الارضي لكبير الروؤس كان متقدما في منح نفسه وهو ينام حالما فوق قطعة القماش الخشنة التي اتقن فرحان تعامله مه لونها مما شكل علاقة تناغم متكاملة مع البرونز لقد كان عرضا قويا فيه كل مقومات الفن ..الوحدة الشكلية الرئيسية لعرض رضا فرحان هو الراس فقط وهو هنا يؤكد رسالته الفكرية ويشير باتجاه ما هو موجود في هذا الراس ..انه عرضا مميزا بكل ابعاده واتمنى لقاعة مدارات ان تقدم عروضا في مثل هذه العروض التي تعيد مجد التشكيل العراقي وسيادته على اسيا كلها وتميزه العالمي الذي عرف به ..انه معرض يمنح الفن العراقي حياة بعد موته المؤقت في زمن موت الثقافة والفن .


بغداد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ذكرى وفاة الشاعر أمل دنقل.. محطات فى حياة -أمير شعراء الرفض-


.. محمد محمود: فيلم «بنقدر ظروفك» له رسالة للمجتمع.. وأحمد الفي




.. الممثلة كايت بلانشيت تظهر بفستان يحمل ألوان العلم الفلسطيني


.. فريق الرئيس الأميركي السابق الانتخابي يعلن مقاضاة صناع فيلم




.. الممثلة الأسترالية كايت بلانشيت تظهر بفستان يتزين بألوان الع