الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعيدا من السياسة

ثائر زكي الزعزوع

2005 / 6 / 28
الادب والفن


بعيداً من السياسة...

ثائر زكي الزعزوع
تجعل السياسة دائماً الأمور قاسية وغير محتملة ويصير كل حديث بعيداً منها هو تهدئة للأعصاب وبحث في تفاصيل الروح المرهقة بفعل عوامل القهر التي تنتابها كل لحظة بعد تجوال سياسي فيه مزيج لا نهائي من التوتر والشك والريبة والمخاتلة والاحتيال، وعذراً فيه الكثير من الدعارة أيضاً.
إذن بعيداً من السياسة تبدو الأمور أكثر شفافية، وأشد رقة... لا وجود لمؤامرات ولا أحزاب ولا بيانات، ولا وجود لشخصيات فاعلة وأخرى غير فاعلة.
بعيداً من السياسة تبقى الكلمة بوحدانيتها وأبديتها، تظل هي الفكرة، وهي الجمهورية الفاضلة، تظل هي الحاكم الأوحد الذي لا يمكن أن يكون ديكتاتورا... حاكم وحيد، لكنه يحبك إن أحببته، يريدك إن أردته... يتحول كما تشاء له، يصير غاضباً أو رقيقاً، بسيطاً أو معقداً.
بعيداً من السياسة، لا تكون المرأة عضواً بل تكون حلماً، ولا يكون أخوك رفيقاً بل هو أخوك الذي تتشارك وإياه في السماء ذاتها، والأرض ذاتها... ليس كردياً ولا عربياً ولا أشورياً ولا سريانياً ولا بعثياً ولا شيوعياً، لا إسلامياً، ولا علمانياً، ليس علوياً ولا درزياً ولا سنياً ولا شيعياً، هو أخوك فقط له الملامح ذاتها، قد تحبان المرأة ذاتها، وتقرآن لشاعر واحد، وتستمعان بحبّ لفيروز وهي تغني: نحنا والقمر جيران...
بعيداً من السياسة تفتح قلبك واسعاً لتتأمل الزهور التي تنتشر في حدائق قصور الحكام، وتتمنى أن يكون لديك مثلها، فهي زهور جميلة، تتمنى بصدق أن تتمكن من طلب زهرة منها لتزرعها في حديقة منزلك، هكذا فقط لأنها زهرة جميلة، لا تفكر ساعتها في أنها تنبت في حديقة حاكم يمص دماء الشعب ليستورد هذه الزهور الجميلة، بل تفكر فيها... إنها زهرة جميلة وتتمنى أن يكون لديك مثلها.
بعيداً من السياسة تستيقظ كل صباح لتستمع إلى أصوات العصافير لا لتبحث في الإذاعات عن الأخبار، فالصباح يعني بداية النهار، وما أجمل بداية النهار إن صاحبتها أصوات العصافير تشدو بعيدا من السياسة، ومن الإيديولوجية.
بعيداً من السياسة تأسر لبّك الموسيقا أياً يكن الذي يعزفها، وتسحرك تماماً راقصة باليه دون أن تسأل عن جنسيتها، وانتمائها، تقرأ نصوص الكاتبة "الأميركية" توني موريسون، ويعجبك غناء المغنية "الأميركية" ويتني هيوستن، لكنك لست مستعداً لأن تستمع للرئيس "الأميركي"جورج دبليو بوش وهو يجلدك صباح مساء ويطالبك بأن تسير ضمن نهجه.
بعيداً من السياسة لا يمكن أن تفكر في زوال أميركا، ففيها عاش جبران، وهي بلد همينغواي، وألفيس بريسلي، وأينشتاين، ومادونا ومارلين مونرو.
بعيداً من السياسة كم تحب اللون الأحمر، لا يهم أن يكون له معنى أو رمز أنت هكذا تحب اللون الأحمر بلا سياسة، ولكنه مع السياسة صار يرمز للحرية، والشيوعية، ودماء الشهداء، والثورة، آه ما أجمل اللون الأحمر بعيداً من السياسة.
بعيداً من السياسة!
كم يمكنك حقاً أن تعيش بعيداً من السياسة
وأن تكون راهباً بوذياً
معتزلاً في كهف في أعلى جبل
تأكل أوراق الأشجار
وتشرب ماء الينبوع
وتحبّ الله
تحبّ الناس
والحيوانات
والحشرات
وتكره سور الصين لأنه يحجبك عن العالم
تريد أن تضمّ العالم بقلبك
تريد أن تتّسع أكثر
لتضع العالم في قلبك
كم يمكنك حقاً
أن تكون إنساناً؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق


.. لطلاب الثانوية العامة.. المراجعة النهائية لمادة اللغة الإسبا




.. أين ظهر نجم الفنانة الألبانية الأصول -دوا ليبا-؟


.. الفنان الكوميدي بدر صالح: في كل مدينة يوجد قوانين خاصة للسوا




.. تحليلات كوميدية من الفنان بدر صالح لطرق السواقة المختلفة وال