الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لكل زمن وموقف دايتون جديد

تميم منصور

2014 / 2 / 18
مواضيع وابحاث سياسية



قبل أن يصل الوفد السوري الوطني الذي شارك في مفاوضات مؤتمر جنيف 2 الى حضن الوطن دمشق ، سارعت كعادتها عكاكيز الدول الاستعمارية التقليدية المعروفة ممثلة في بريطانيا وفرنسا بإصدار بيان تم تجهيزه قبل انعقاد المؤتمر ، حملتا من خلاله سوريا مسؤولية فشل هذا المؤتمر ، وفي اليوم التالي لصدور هذا البيان البعيد عن كل مصداقية انضم وزير خارجية امريكا جون كيري الى نفس الجوقة التحريضية وأخذ يصدر حوالات الادانة لسوريا باعتبارها المسؤولة عن هذا الفشل .
هذا الأسلوب ليس مستهجناً على هذه الدول المعروفة بتواطئها ضد الشعوب العربية والقاعدة المعروفة تحويل الضحية الى متهم موجودة في دساتيرها واجنداتها وقد تم استخدامها سابقاً ، خاصة أثناء المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية التي تمت تحت غطاء امريكي في زمن حكم الرئيس بيل كلنتون .
بعد توقف المفاوضات سارع هذا الرئيس بصرف صكوك التهم للرئيس الراحل ياسر عرفات وحمله مسؤولية قيام اسرائيل بإفشال هذه المرحلة من المفاوضات ، وقد استغل اريك شارون هذه الشهادة الكاذبة بأن هاجمت قواته مبنى المقاطعة في رام الله وفرض حصاراً على الرئيس عرفات انتهى باغتياله ، كما أدى هذا الفشل الى نشوب الانتفاضة الثانية التي اودت بحياة الآف الضحايا من القتلى والجرحى من كلا الطرفين ، تكرر هذا العهر الامريكي الاجرامي من خلال اتهام العراق بامتلاك اسلحة غير تقليدية ، وعلى الرغم من تدخل الامم المتحدة وقيامها بإرسال لجان خاصة للبحث عن هذه الاسلحة ولكن دون جدوى ، لأن العراق لم يكن يملكها ، رغم ذلك ابتدعت واشنطن الاكاذيب والمعلومات المخابراتية الملفقة بهدف ادانة العراق وايجاد المبررات لمهاجمته وتدميره خدمة لإسرائيل وخدمة للدول العربية المتعاونة معها ، وبعد تنفيذ هذا المخطط العدواني الذي انتهى باحتلال هذا البلد العربي العريق تكشفت اللعبة الامريكية التي ارادت من غزو هذا البلد اباحة اراضيه وترابه وعروبته ومقدساته لتجار السياسة ولصوص النفط ومرتزقة الطائفية وعصابات المافيا من شركات الحراسة الدولية .
بعد العراق جاء دور ايران فقد تم مقاطعتها اقتصاديا من قبل داء العصر امريكا وحلفائها ، حاولت امريكا من خلال هذا الحصار منع ايران من تسويق منتوجها من النفط ، كما تم تجميد ارصدتها المالية في البنوك الاوروبية والامريكية ، بادعاء ان ايران في طريقها الى انتاج الاسلحة النووية ، مع العلم ان أي نوع من الحصار الاقتصادي ضد أي شعب مناف للديمقراطية ويعتبر عملاً عدائياً ضد الانسانية .
والحقيقة ان هذا العدوان اللاإنساني على ايران وقبله على سوريا يعود الى تصدي هذا المحور لكل المشاريع الامريكية في المنطقة ، اليوم يأتي دور سوريا فبعد ان فشلت امريكا والطابور الخامس من عربانها والى جانبهم تركيا واسرائيل من تحقيق مآربهم بإسقاط النظام الممانع في شام العرب مستخدمين شتى الاساليب وفي مقدمتها دفع عشرات الآف من المرتزقة شذاذ الافاق بعد تحويلهم الى ارهابيين للنيل من هذا البلد والحاقه بالعراق وليبيا واليمن وافغانستان ، لقد فشل هذا المشروع الامريكي بفضل دعم اصدقاء سوريا على رأسهم روسيا وايران والصين ، كما ان تكاتف وتلاحم الشعب السوري ووقوفه وراء جيشه وحكومته ساهم في اسقاط هذا الخيار الامبريالي الرخيص .
لقد اجبر افشال هذا المشروع امريكا الموافقة على عقد مؤتمر جنيف 2 على امل تحقيق ما فشلت به ميدانيا من خلال المؤتمر المذكور ، لكن دعم اصدقاء سوريا وانجازات الجيش السوري الميدانية المتلاحقة والتلاحم الشعبي في سوريا وراء وفد الحكومة السورية المفاوض جميعها ادت الى تعرية الموقف الامريكي السعودي ، وأدت الى تعرية وفد المعارضة المفاوض الذي تم اختيار اعضاءه من قبل السعودية وقطر وسفير سوريا السابق في دمشق .
اثبت الاعلاميون الذين راقبوا الوفد المعارض بانه كان غريبا ومعزولا عن نفسه وعن الشعب السوري ، كما انه كان مرتبكا منقسما على نفسه ، لأنه يمثل اجندة معادية للشعب السوري ، خلال المفاوضات كان وفد المعارضة يفاوض باسم المواقف الامريكية التي تسعى لإخضاع سوريا لهيمنتها وهيمنة اسرائيل والمحافظة على الانظمة العربية الرجعية اضافة الى دعم الارهاب ، لقد ثبت ان وفد المعارضة لم يمثل أي قطاعا شعبيا في سوريا ، ولم يمثل سوى شراذم مما يعرف بالجيش الحر المنقسم على نفسه ، فقد تم عزل قائدة سليم ادريس خلال انعقاد المؤتمر بسبب النكسات التي لحقت بهذا الجيش .
لقد كشف مؤتمر جنيف 2 بانه يوجد اكثر من دايتون امريكي واحد ، مهمته توجيه الانظمة العربية الرجعية وتوابعها من عصابات الارهابيين ، للسلطة الفلسطينية دايتونها خصصت له اكثر من قاعدة داخل الاردن .
لقد نجح هذا الضابط الامريكي من مصادرة وجه الثورة الفلسطينية النضالي باستبدال اجيال الثوار الذين تخرجوا من معارك منطقة العرقوب والجبل والبقاع وبيروت البطولية ، استبدلهم بأجيال من المسلحين المدجنين الذين لم يتذوقوا مرارة الكفاح والنضال والمقاومة .
كذلك الامر فقد وفر الامريكان لوفد المعارضة دايتون امريكي آخر وهو سفير امريكا السابق في دمشق فورد ، كانت مهمته وضع العراقيل لإفشال المؤتمر ، فقد رفضوا قبول الحد الادنى من البرنامج الذي قدمه الوسيط الدولي الاخضر الابراهيمي وهو ادانة الارهاب في سوريا .
عندما فشلوا في كسر شوكة الصمود السوري عادت واشنطن من جديد واخذت تلوح باستخدام القوة ضد سوريا ، كما فعل الرئيس اوباما في الماضي القريب ، هذا يؤكد بان سياسة هذا الرئيس اتجاه القضايا الدولية ما هي الا جزء من سياسة الرجل الابيض الاستعمارية رغم وجهه الاسود ، هذا التهديد الجديد لم يزحزح مواقف سوريا عن محاورها الوطنية الثابتة ، لكن تبقى الانجازات الميدانية التي يحققها الجيش العربي السوري هي الميزان وهي التي تحسم كل المواقف السياسية وكل المؤتمرات والمناورات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة سقوط صاروخ أطلق من جنوب لبنان في محيط مستوطنة بنيامين ق


.. إعلام سوري: هجوم عنيف بطائرات مسيرة انتحارية على قاعدة للقوا




.. أبرز قادة حزب الله اللبناني الذين اغتالتهم إسرائيل


.. ما موقف محور المقاومة الذي تقوده إيران من المشهد التصعيدي في




.. فيما لم ترد طهران على اغتيال هنية.. هل سترد إيران على مقتل ن