الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القضاء ينتصر للحرية

فريدة النقاش

2014 / 2 / 19
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


رفض القضاء الدعوى التى أقامها مرتضى منصور المحامى والتى طالب فيها بإغلاق موقع اليوم السابع الإلكتروني، وسحب التراخيص الصادرة للموقع على شبكة الإنترنت، وألزمت المحكمة “مرتضي” بالمصروفات.

أصدرت دائرة الاستثمار بمحكمة القضاء الإدارى هذا الحكم برئاسة المستشار حسونة توفيق نائب رئيس مجلس الدولة، وكان المستشار “أسامة الجرواني” مفوض الدولة قد أعد تقريرا بالرأى القانونى انتهى بالتوصية التى أقرها المستشار حسونة، وقال تقرير الجروانى إن ما نشره موقع اليوم السابع لم يتضمن ألفاظا تشكل خروجا عن الآداب أو الأخلاق العامة.

بينما قالت المحكمة فى حيثيات حكمها إن موقع اليوم السابع الإلكترونى لم ينشأ إلا ليكون نافذة للمعلومات ووسيلة للاتصال، ومنبرا للإعلام وترسيخا للقيم والأخلاق، وإغلاق هذا الموقع يتصادم صراحة مع حكم المادة 71 من الدستور الجديد، والتى تنص على أن يحظر بأى وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها.

وأضافت الحيثيات أن مطلب الغلق “يتنافى مع حق التعددية الإعلامية التى تضمن حق القارئ فى استقبال رسالة اتصالية تعددية من خلال مواقع متنوعة، وإفساح المجال للتكوينات السياسية والاجتماعية المختلفة للتعبير عن نفسها”.

وقد كانت المواد الدستورية التى حصنت حرية الصحافة والإعلام وجرمت إغلاق المنابر حتى ولو بحكم قضائى قد جاءت بعد صراع طويل ضد الاتجاهات العميقة فى الحكم على امتداد ستين عاما سواء عبرت عنها مؤسسات أو أفراد، وهو صراع خاضه الصحفيون والكتاب والمفكرون والإعلاميون، وفى العام القادم تكون قد انقضت عشرون عاما على انعقاد الجمعية العمومية التاريخية لنقابة الصحفيين فى العاشر من يونيو عام 1995 والتى قرر فيها الصحفيون الإضراب العام والتهديد بتوقيف الصحف فيما لو لم تتراجع الحكومة عن إصدار القانون 93 لسنة 95 الذى وصفه الصحفيون بأنه قانون اغتيال حرية الصحافة وحماية الفساد ورضخت الحكومة للتهديد وأصدرت مجموعة من التعديلات الإيجابية فى قانون العقوبات بالقانون 95 لسنة 1996 بناء على توصيات الصحفيين، وإن لم يستجب الحكم تماما وحتى الآن لكل مطالب الصحفيين والإعلاميين بل وكل القوى الحية فى المجتمع المصرى فيما يخص الحريات العامة.

فلم يكن الصحفيون والإعلاميون وحدهم هم الذين خاضوا غمار هذا الصراع العنيف من أجل الحرية وضد الاستبداد والقمع بل إن كلا من النقابات المهنية والعمالية والفلاحية ومنظمات المجتمع المدنى وفى القلب منها منظمات حقوق الإنسان خاضت غمار هذا الصراع على امتداد الزمن ودفعت الثمن من حرية أعضائها وأرزاقهم، فسجن من سجن بينما جرى منع عشرات الكتاب والصحفيين من الكتابة كما جرى إغلاق صحف ومؤسسات وتشريد العاملين فيها، وهى حقائق ينساها الكثيرون.

ورغم صدور الدستور وإقراره بنسبة شعبية عالية وبما يتضمنه من مواد تحصن الحريات العامة والشخصية وفى القلب منها حرية الصحافة وحرية الفكر والاعتقاد، فلاتزال هناك ترسانة من القوانين المعادية للحريات تنتظر من يحرك الدعاوى ضدها لإسقاطها استنادا إلى الدستور الجديد لتطوى هذه الصفحة السوداء من تاريخنا السياسى والثقافى.

أما الذين يحاولون إعادة التاريخ إلى الوراء والمطالبة بمصادرة الحريات بأحكام قضائية، فإنهم يتجاهلون هذا التاريخ النضالى المجيد ويقفزون فوق الحصاد الذى راكمه المكافحون من أجل الحرية على مر الزمن ودفعوا ثمنه غاليا، وهم مستعدون لمواصلة الكفاح.

ونحمد الله لأن مؤسسة القضاء التى طالما كانت جزءا عضويا من هذا الكفاح المجيد تواصل الآن مسيرتها، وتضيف إلى سجلها الناصع فى الدفاع عن الحريات وصيانتها رصيدا جديدا، سواء فى مواجهة جماعات الإرهاب الدينى وقوى اليمين الفاشية أو في مواجهة المحاولات “المدنية” لاستعادة منظومة القمع والاستبداد بدعوى التصدى للإرهاب وهى ترفع راية القانون والعدالة.

يبقى أن المجتمع المصرى بعد عقود طويلة من نشاط اليمين الدينى والجماعات المتطرفة أصبح هو نفسه يشكل أحيانا رقابة ضمنية على الحريات مع غلبة الوعى الزائف على الوعى النقدى التحرري، وهو الوضع الذى يدعو المثقفين الديمقراطيين إلى مواجهته فى كل الميادين من الإعلام للتعليم إلى المؤسسة الدينية ومؤسسة الأسرة حتى يأتى اليوم الذى تتطابق فيه قيم المجتمع مع شعارات الثورة وأهدافها لنتقدم بجسارة إلى المستقبل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كأس الاتحاد الإفريقي - -أزمة القمصان-.. -الفاف- يتقدم بشكوى


.. نيكاراغوا تحاكم ألمانيا على خلفية تزويد إسرائيل بأسلحة استخد




.. سيارة -تيسلا- الكهربائية تحصل على ضوء أخضر في الصين


.. بمشاركة دولية.. انطلاق مهرجان ياسمين الحمامات في تونس • فران




.. زيلينسكي يدعو الغرب إلى تسريع إمدادات أوكرانيا بالأسلحة لصد